اخبار المغرب
موقع كل يوم -العمق المغربي
نشر بتاريخ: ٤ تشرين الأول ٢٠٢٥
قال وسيط المملكة، حسن طارق، إن الاحتجاجات التي يقودها، ما يعرف، بـ'جيل Z' تتسم بسقف مطالب منخفض مقارنة بحركات احتجاجية سابقة بالمغرب، حيث تركز على قضايا معيشية أساسية مثل التعليم والصحة ومحاربة الفساد، بعيدا عن الشعارات السياسية الكبرى أو الطموحات الراديكالية.
وأوضح طارق، في برنامج خاص بثته القناة الثانية، مساء الجمعة، أن هذا السقف المنخفض يجعل من الصعب تصنيف هذه الحركات ضمن التصنيفات التقليدية للاحتجاج، كما عرفها المغرب خلال العقود الماضية، معتبرا أن حجم التعبئة والاحتجاج أقوى من سقف المطالب، وفق تعبيره.
وأشار إلى أن الجيل الحالي هو من ولد بين تجربة حكومة التناوب لسنة 1998 ودستور 2011، أي في سياق هيئة الإنصاف والمصالحة، وتشبع بخطاب حقوق الإنسان وقيم الانتقال الديمقراطي، لكنه يجد نفسه في توتر بين تمثل هذه الحقوق والوعي بها، وبين الصعوبة في ولوجها فعليًا، سواء في الصحة أو التعليم، ما يولد حالة إحباط وتوتر، على حد قوله.
وتابع أن الشباب اليوم أكثر إدراكًا للتحولات العالمية والتحولات القيمية، لكن عليهم أن يفهموا أن سقف مطالبهم المنخفض لا يقلل من مشروعية حراكهم، بل يعكس التناقض بين وعيهم بحقوقهم وواقع قدرتهم على الوصول إليها، وأضاف: 'هناك خصوصيات لهذا الجيل مرتبطة بعصره، وهو أكثر انتماءً لظروفه المعاصرة، لكن لا ينبغي أن نعتبره جيلًا متفردًا أو مقدسًا لكنه بطبيعة الحال يملك خصوصية مرتبطة بعصره الحالي'.
ولفت طارق إلى أن المغرب عرف على مر العقود الثلاث الماضية ثلاث موجات احتجاجية، ويتعلق الأمر بالتمردات لسنوات 1981 و1984 و1990، ثم الاحتجاجات الفئوية في نهاية التسعينات، مرورا بحركة 20 فبراير سنة 2011 التي نادت بمطالب سياسية واضحة، مضيفا أن الحركات الحالية يصعب وضعها ضمن هذه التصنيفات التقليدية، نظرًا لعدم التناسب بين سقف مطالبها المنخفض وشدة التعبير عنها.
وأوضح كذلك أن المجتمع المغربي، بدوله ومؤسساته ووعي الفاعلين السياسيين، أظهر في السابق ذكاءً جماعيًا سمح بتحويل لحظات إقليمية مضطربة إلى 'هبة إصلاحية' بدل الانزلاق إلى الفوضى، مضيفا أن هذه اللحظة الراهنة من الممكن أيضًا تحويلها إلى فرصة لتجديد الحياة السياسية وتصحيح السياسات، مع الأخذ بعين الاعتبار الديناميات المعقدة وتعدد الفرضيات التي لا يمكن تأكيدها أو نفيها بسهولة.
كما حذر طارق من المخاطر المرتبطة بالفضاء الرقمي، مشيرًا إلى أن التطبيقات والمنصات الرقمية ليست دائمًا أدوات سلم، بل قد تكون محملة برهانات واستراتيجيات، وأحيانًا تديرها أسماء مستعارة مجهولة، ما يستدعي الحذر والانتباه إلى الأساسيات الصلبة.
وأبرز وسط المملكة أن الحديث عن كلمة 'جيل' يحتاج إلى تفكيك سوسيولوجي عميق، محذرًا من تقديس كلمة 'الشباب' أو اختزالهم في كليشيهات مبسطة، وقال بهذا الخصوص: 'الشباب ليسوا مقدسين وقد يخطئون. لا ينبغي اعتبارهم بطبيعتهم أصحاب الحقيقة المطلقة، بل يجب مرافقتهم ومنحهم الدعم دون وصاية'، مؤكدا أن السياسة تقوم على تناقضات طبقية وإيديولوجية وقيمية، وهذه التناقضات تخترق كل الأجيال، وفق تعبيره.
وختم وسيط المملكة تصريحاته بالتأكيد على أن الشباب اليوم هم جيل يحمل ذاكرة احتجاجية ممتدة، مع تراكم الخبرات والتجارب السابقة، لكنه يعيش في حالة توتر مستمرة بين وعيه بحقوقه وبين صعوبة ولوج هذه الحقوق فعليًا، وهو ما يفسر طبيعة حركته الاجتماعية، التي تجمع بين المطالب المشروعة بسقف منخفض والتحديات الواقعية في تحقيقها، على حد تعبيره.