اخبار المغرب
موقع كل يوم -العمق المغربي
نشر بتاريخ: ١٥ نيسان ٢٠٢٥
في الضواحي الشرقية للعاصمة الاقتصادية، تعيش ساكنة الهراويين، التابعة لإقليم مديونة، على وقع أزمة نقل خانقة، تحوّلت إلى جزء من تفاصيل الحياة اليومية، وسط غياب حلول واقعية رغم الوعود المتكررة من المسؤولين المحليين.
فعلى الرغم من التوسع العمراني والنمو الديمغرافي الذي تشهده المنطقة منذ سنوات، ما تزال خدمات النقل العمومي شبه منعدمة، مما يدفع السكان إلى خوض معاناة يومية شاقة، بحثا عن وسيلة تقلهم إلى مقرات العمل أو الدراسة.
ووفق شهادات استقتها جريدة 'العمق'، يضطر العشرات من سكان الهراويين، في ساعات الصباح الأولى، إلى التجمهر بنقاط انتظار عشوائية، أملا في الظفر بمكان داخل حافلة مكتظة أو سيارة أجرة تمر بالمصادفة. أما في أوقات الذروة، فتتحول تنقلاتهم إلى كابوس حقيقي، ما يدفع البعض إلى قطع مسافات طويلة سيرا على الأقدام.
ورغم تعاقب المجالس المنتخبة وتوالي التصريحات حول مشاريع الربط الطرقي وتوسيع شبكة النقل، لم يتحقق أي تغيير ملموس على أرض الواقع، وهو ما يثير غضب الساكنة ويضع علامات استفهام حول جدية الجهات المعنية.
سعيد عاتيق، عضو جماعة الهراويين، عبّر عن استيائه من الوضع، متسائلا في تصريح لجريدة 'العمق': 'هل نحن فعلاً منسجمون مع الطموحات الواسعة؟ هل نحن منسجمون مع الرؤية الوطنية في مجال التنمية الحقيقية؟ هل المشاريع العظمى التي رأت النور وأخريات كثيرات تنمو في رحم المؤسسات المختلفة، كفيلة بتحقيق الرفاه لكافة الشعب المغربي؟.
وأضاف عاتيق، في تصريح لجريدة 'العمق المغربي'، أن إقليم مديونة، وهو يستقبل منذ عقدين من الزمن الكثير من قاطني التجمعات الصفيحية على مستوى مدينة الدار البيضاء، يُعد أفضل نموذج لمدى تجانس الدولة وكافة المؤسسات المعنية مع خطاباتها من جهة، ومع الطموحات المُعلَن عنها، وكذا مع انتظارات جموع المواطنين المرحّلين والوافدين لإعمار مدينة جديدة ومترامية الأطراف.
وتابع المتحدث نفسه: 'فمنذ 2010 ومنطقة الهراويين بحمولتها البشرية، وهي تترقب مدها بأسطول من حافلات النقل الحضري الملائمة، يتناسب مع الكتلة السكانية التي تؤسس لمدينة جديدة'.
وأكد العضو الجماعي أن جماعة الهراويين، وهي تشكل البوابة الرسمية للمدينة الجديدة قيد الإنشاء، تعاني من نقص حاد على مستوى الحافلات، على الرغم من مناشدة المواطنين والجمعيات، لأن ثلاثة خطوط غير كافية ولا تسهم في ربط المنطقة لا بمحيطها ولا بمحيط الدار البيضاء الكبرى.
وأوضح أيضا أن 'هذا الوضع أفضى إلى خلق أزمة حقيقية وعميقة، وتتجلى بعض مظاهرها في توقف بعض المواطنين والمواطنات عن مزاولة عملهم، وكانت البطالة أمرًا مفروضًا'، مشيرًا إلى أن 'نساءً ورجالًا فضّلوا العطالة مجبرين، ما دامت مقرات عملهم بحي البرنوصي وعين السبع وغيرها من النقط التي صارت نائية بسبب انعدام خطوط الحافلات'.
وزاد قائلًا: 'مؤسسة التعاون بين الجماعات البيضاء تتذرع بأن جماعة الهراويين لم تقم بتسديد ما بذمتها من المستحقات المالية منذ سنوات، لكن ما هو دور مؤسسة التعاون هذه أصلًا؟ فأزمة النقل التي تخبط فيها البيضاويون، لاسيما في الضواحي، لسنوات عديدة في عهد شركة ‘مدينة بيس’، كانت من أولى أولوياتها'.
'فقد تقرر توسيع الصلاحيات المخولة لمؤسسة التعاون بين الجماعات ‘البيضاء’ من أجل وضع الحلول الناجعة لتلك المشاكل ذات الصلة، دون إغفال ضرورة تقيدها ببنود القانون التنظيمي للجماعات 113.14، الملزم بتوفير وسائل النقل'، يضيف المتحدث، مشيرًا إلى أن رئيسة مجلس جماعة الدار البيضاء، نبيلة الرميلي، صرحت بشكل مسؤول: 'إن مهمة مؤسسة التعاون بين الجماعات بالبيضاء تراهن على حل أزمة النقل في كل المناطق التي تنضوي جماعاتها تحت لواء هذه المؤسسة، بكل من الدار البيضاء ومديونة والنواصر والمحمدية'.
وأفاد عضو مجلس جماعة الهراويين أن المستحقات المالية لدى جماعة الهراويين اتجاه المؤسسة المذكورة 'نعتبرها شماعة تُعلَّق عليها أسباب هذا التلكؤ، وغياب الإرادة، وموت الضمير، وروح المواطنة الحقيقية، والتنصل من كل عناوين الالتزامات، لأن للديون طرقًا لاكتسابها، إما وديًا أو عن طريق تدخل الجهات الوصية، وإن اقتضى الأمر فهناك القضاء، كما هو متضمن في عقود الشراكات والالتزامات الموقعة بين الأطراف'.
واختتم عاتيق حديثه قائلاً: 'المواطن لا دخل له في مطبخ الجهات المتعاقدة، من باب ‘لا تزر وازرة وزر أخرى’. المواطن يريد حافلة يمتطيها، تقله لعمله لكسب قوته، وتقل المريض للمستشفى للتطبيب، وغيرها من المرافق'، متسائلًا: 'ما دور رؤساء المجالس للجماعات الترابية المنضوية تحت لواء مؤسسة التعاون بين الجماعات البيضاء، وهم يعايشون الأزمة التي تعاني منها مناطق نفوذهم؟'