اخبار المغرب
موقع كل يوم -العمق المغربي
نشر بتاريخ: ٢٥ أيار ٢٠٢٥
تناول محمد البقالي، مراسل قناة الجزيرة في أوروبا، العلاقة الشائكة بين الصحافي والسياسي، مؤكدا على رؤيته بضرورة أن يحتفظ الصحافي بمسافة استقلالية، وأن يكتب من 'محبرة ضميره' لا من تعليمات يتلقاها من أصحاب السلطة أو المال.
وشدد البقالي خلال استضافته في برنامج 'نبض العمق' على ضرورة وجود 'مسافة أمان' بين السياسي والصحافي، مشبها إياها بمسافة الأمان بين السيارات لتجنب الاصطدام أو التداخل الذي يلغي الحدود بين الدورين ويجعل من الصعب التمييز بين من يخدم من.
وشدد على أن الصحافي الذي يؤمن بمهنته يجب أن يحافظ على استقلاليته التامة، مؤكدا أن الصحافي، 'مثل القاضي'، يجب أن يكتب من 'محبرة ضميره'، لا من تعليمات يتلقاها من جهات سياسية ذات مصلحة معينة أو من أصحاب المال الذين قد يفرضون توجيهات.
وفي معرض حديثه عن طبيعة دور الصحافي، أشار البقالي إلى أن الصحافي ليس مناضلا سياسيا بالمعنى الحزبي، رغم حقه في الانتماء أو العمل في إعلام سياسي معلن. لكن دوره الأساسي، في نظره، هو الدفاع عن 'قضايا الناس كل الناس' وليس عن طائفة أو جهة محددة.
وأقر مراسل قناة الجزيرة بوجود علاقة ضرورية بين الصحافة والسياسة والمال، لكنه حذر من أن تتجاوز هذه العلاقة حدود التواصل أو الحصول على المعلومة. فلا يجب أن يتحكم رجل الأعمال في الخط التحريري، ولا يجب أن يملي السياسي ما يكتبه الصحافي. واعتبر أن تحوّل الصحافي إلى 'مجرد أجير لدى سياسي بطريقة غير معلنة' يمثل 'خيانة لدور الصحافي' الحقيقي.
وأكد المتحدث على أن المهنة تتجاوز المهارات التقنية لتشمل جوانب أعمق تتعلق بالثقافة والقيم والضمير. وقالإنأن التكوين الصحفي ليس مجرد إتقان الوقوف أمام الكاميرا أو كتابة الخبر، فهذه أمور تقنية يمكن تعلمها بسهولة. والأهم هو امتلاك 'ثقافة عامة واسعة' والتي تأتي من القراءة المستمرة، والتمكن من اللغة التي يعمل بها، بالإضافة إلى امتلاك 'قيم وأخلاقيات'.
ووصف البقالي الصحافة بأنها 'مهنة أخلاقيات ومهنة أخلاق'، بل هي 'مهنة المتاعب' ليس فقط لضغطها الجسدي والذهني ومواجهة قوى السلطة والمال، ولكن لأنها أيضا 'مهنة ضمير' متعبة بحد ذاتها. ويرى أن هذه العناصر الأساسية المتمثلة في الثقافة، اللغة، القيم تسبق المهارات التقنية في بناء صحفي متمكن وقادر على النجاح.
وفي سياق التحولات الراهنة، أشار البقالي إلى أن تطور وسائل التواصل الاجتماعي والتقنيات الحديثة قد غير المشهد الإعلامي جذريا. ما كان يوما حكرا على الصحفيين والمؤسسات الإعلامية التقليدية من وسائل إنتاج وبث للمعلومة، أصبح الآن متاحا للجميع. هذا الوضع، وإن كان له جوانبه الإيجابية، يطرح تحديات جديدة تتعلق بالممارسة المهنية وأخلاقياتها.
وسلط الضوء على دور الصحفي في تسليط الضوء على 'القضايا المنسية' وإخراجها من دائرة النسيان، مستحضرا تغطيته لقرية أنفكو سنة 2007 وما كان لها من أثر في لفت الانتباه إلى وضعها المأساوي، وهو ما يعتبره جوهر دور الصحفي الحقيقي. كما تحدث عن تغطيته الإنسانية لأوضاع اللاجئين، خاصة السوريين، والمواقف المؤلمة التي عايشها، بما في ذلك المعضلة الأخلاقية أحيانا بين تقديم المساعدة الإنسانية المباشرة وخطر الوقوع تحت طائلة القانون.
وشدد على أن الحرية عنصر لا غنى عنه، فـ'لا توجد صحافة يمكن أن تنتعش وأن تعيش بدون حرية'، حتى لو لم تكن حرية مطلقة. وربط بين الخط التحريري للمؤسسة وقيمها وبين الحرية الممنوحة للصحفي للبحث عن الحقيقة ونشرها دون قيود، محذرا من خطورة الرقابة الذاتية وتضييق المؤسسات على صحفييها بدوافع اقتصادية أو سياسية.
وأقر بوجود فرق في هامش الحرية بين أوروبا والعالم العربي، لكنه أشار أيضا إلى أن الحرية في الغرب ليست 'جنة' وتواجه تحديات وتضييقات خفية، وهو ما أظهرته جليا تغطية قضايا حساسة مثل فلسطين وغزة مؤخرا.