اخبار المغرب
موقع كل يوم -العمق المغربي
نشر بتاريخ: ٦ تموز ٢٠٢٥
انتقد الكاتب والمفكر الفرنسي جون ماري هيدت، الطريقة التي تتعامل بها الأمم المتحدة مع ملف الصحراء المغربية، مؤكدا أن المنظمة الأممية أغفلت البُعد الثقافي والتاريخي العميق للنزاع، واعتمدت في مقاربتها على 'نماذج صراعات تقليدية لا تُناسب السياق المغربي'، على حد تعبيره.
وأضاف هيدت في حوار مطول مع جريدة 'العمق'، أن 'الأمم المتحدة حاولت معالجة هذا النزاع بنفس الطريقة التي اعتمدتها في نزاعات أخرى. غير أن واقع الميدان، وحياة السكان، وأهمية الثقافة، والحقيقة التاريخية، لم تُؤخذ بعين الاعتبار ضمن معايير تدخلها'.
وقال صاحب مؤلف 'الصحراء المغربية، أرض النور والمستقبل'، إن قوات حفظ السلام والمبعوثين الأمميين يلعبون أدوارا تقنية مهمة، إلا أن غياب الرؤية الشاملة والمتكاملة جعل مسار الحلول يتعثر، مضيفا أن المبادرة المغربية للحكم الذاتي كان يجب أن تُؤخذ على محمل الجد منذ طرحها، واصفاً إياها بـ'الحل الواقعي الوحيد القابل للتطبيق'، والذي يشكّل، بحسبه، نموذجًا ناضجًا في الحكامة الترابية والدبلوماسية الداخلية.
إقرأ أيضا: الكاتب الفرنسي هيدت: الخطاب الانفصالي بالصحراء فقد شرعيته.. والحكم الذاتي أصبح “مرجعية عالمية” (حوار)
وأعرب الكاتب الفرنسي جون ماري هيدت عن قناعته التامة بنجاعة مبادرة الحكم الذاتي المغربية، مشددا على أنها أثبتت بالفعل فعاليتها في تحسين مستوى عيش السكان بالأقاليم الجنوبية، موضحا أن 'كل المؤشرات تؤكد أن هذا المشروع يسير في الاتجاه الصحيح، وهو حل واقعي وذي مصداقية يحظى بدعم واسع على الصعيد الدولي'.
وأوضح هيدت أن أكثر من 117 دولة حول العالم تدعم اليوم الخطة المغربية للحكم الذاتي، ما يعكس وعيًا متزايدًا بأهمية هذه المبادرة كخيار سلمي قابل للتطبيق، مشيراً إلى أن 'هذا المشروع الملكي، الذي تم الإعلان عنه سنة 2007، لم يكن مجرد مبادرة سياسية، بل رؤية استراتيجية صيغت بروح من المسؤولية والوضوح'.
وعلاوة على هذه المبادرة، يرى الأكاديمي الفرنسي أن 'الإرادة الملكية كانت تهدف منذ عام 2013 إلى إعادة التفكير في إفريقيا والدفاع عن مصالح القارة. فإفريقيا اليوم تسير نحو النهوض، وهي بحاجة إلى رؤية عالمية جديدة، إفريقية الطابع، تدافع عن مشروع حضاري شامل للقارة. وفي هذا السياق، تلعب الأقاليم الجنوبية دورا محوريا في تحقيق هذا المشروع.'
في سياق متصل، أكد جون ماري هيدت، أن التنمية الاقتصادية والاجتماعية تُعدّ دليلا قويا على إمكانية توفير حياة أفضل لأي منطقة، مشيرا إلى أن المغرب ذهب بعيداً في هذا المسار من خلال إدماجه للأبعاد الثقافية والتعليمية، مضيفا أن خصوصيات ساكنة الصحراء، من حيث اللغة، والحرف اليدوية، والنظام التعليمي، ومكانة المرأة، قد أُخذت بعين الاعتبار منذ انطلاق ورش الجهوية المتقدمة.
وأوضح صاحب مؤلف 'الصحراء المغربية، أرض النور والمستقبل' أن هذا الإصلاح لا يختزل في مجرد إعادة ترسيم ترابي تقني، بل يجسد إرادة ملكية واضحة أعلن عنها الملك محمد السادس منذ اعتلائه العرش عام 1999، وتهدف إلى جعل القرار العمومي أقرب إلى المواطن.
وأشار هيدت إلى أن مشروع الحكم الذاتي المغربي في الأقاليم الجنوبية تحوّل إلى مختبر فعلي للحكم الذاتي، وأسفر عن نموذج جديد في الحكامة يمتد اليوم إلى كافة جهات المملكة، بعد أن انطلق في الجنوب. واعتبر أن هذا النموذج يستند إلى مقاربة شاملة تشمل الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والثقافية والتعليمية، إلى جانب بُعد الحكامة، واصفا إياه بأداة حقيقية للدبلوماسية الداخلية.