اخبار المغرب
موقع كل يوم -العمق المغربي
نشر بتاريخ: ٨ حزيران ٢٠٢٥
حذرت مجلة ناشيونال جيوغرافيك الأمريكية في تقرير حديث من اندثار واحات المغرب، التي شكلت عبر القرون منارات للحياة في قلب الصحراء، مؤكدة أن تغير المناخ، إلى جانب الهجرة وفقدان المعارف التقليدية، يدفع هذه الأنظمة البيئية الفريدة نحو الزوال.
وسلط التقرير، المنشور في عدد يونيو 2025، الضوء على واحة محاميد الغزلان الواقعة جنوب المغرب، ووصفها بأنها 'بوابة الصحراء'، حيث لم يعد نهر درعة يعبر الواحة، وأصبحت القنطرة الإسمنتية المقامة عليها تطل على مجرى جاف من الرمل والحصى.
وفقا للتقرير، من المتوقع أن ترتفع درجات الحرارة في المغرب حتى 5 درجات مئوية بحلول نهاية القرن، فيما قد تنخفض التساقطات المطرية بنسبة تتراوح بين 30 و50%. ونتيجة لذلك، بدأت واحات مثل محاميد، وتينغير، وتيغمرت، وفيكيك في الانكماش، حيث تتراجع حدود الواحات بأكثر من 90 مترًا سنويًا، وتلتهم الرمال البساتين والمنازل المهجورة.
حليم السباعي، أحد سكان محاميد الغزلان، يروي كيف تحول مسقط رأسه من واحة خضراء تعج بالحياة إلى مشهد قاحل، قائلا: 'عندما لا توجد مياه ولا نباتات، تصبح الرمال عدوا سريعا… تحتل الأرض'. أما عبد الكريم بناوي، فيعبر عن يأسه بالقول: 'في الزراعة نحن دائما خاسرون. لا مستقبل هنا لأولادي'.
ويحذر الخبراء، حسب المجلة، من أن الاعتماد المفرط على الطاقة الشمسية لضخ المياه الجوفية يسرع من تدهور الأحواض المائية ويزيد ملوحة التربة، مما يهدد نخيل الواحة، العمود الفقري للنظام البيئي. ويؤكد الباحث المغربي محمد آيت المختار من جامعة الحسن الثاني: 'إذا أردنا الحفاظ على هيكل الواحة، يجب أن نحافظ على النخلة'.
يشير التقرير إلى أن سكان الواحات اعتمدوا دائمًا على توازن دقيق بين ندرة المياه والعمل الجماعي للحفاظ على قنوات الري الطينية وتقنيات الزراعة التقليدية، غير أن موجات الهجرة المستمرة، خصوصا بين الشباب، أدت إلى فقدان هذا التوازن، وانخفض عدد السكان بنسبة 20% خلال العقدين الأخيرين. يقول السباعي: 'من بين 200 عائلة كانت تعيش في قرية بونو المجاورة، لم يتبق سوى خمس'، مشيرا إلى انهيار منازل الطوب الطيني كقلاع رملية أمام المد الصحراوي الذي لا يرحم.
وتحذر ناشيونال جيوغرافيك من أن هذا المصير لا يهدد المغرب فقط، بل يطال نحو 150 مليون إنسان في شمال إفريقيا وآسيا يعتمدون على واحات مشابهة. ومع ذلك، يبقى هناك بصيص أمل، إذ إن المعرفة التقليدية، إذا دعمت بالابتكار، قد توفر حلولًا لإنقاذ ما تبقى من هذه العوالم الهشة.