اخبار المغرب
موقع كل يوم -اندبندنت عربية
نشر بتاريخ: ٧ تشرين الأول ٢٠٢٥
تشهد تونس جدلاً واسعاً في شأن مواطن حكم عليه بالإعدام بسبب تدوينات منتقدة للرئيس سعيد
أثارت شعارات سياسية ومناهضة لسياسات السلطات في تونس، رفعت على هامش احتجاجات جرت أمام السفارة الأميركية تنديداً باحتجاز إسرائيل قوارب أسطول 'الصمود العالمي' لكسر الحصار المفروض على قطاع غزة، مخاوف في البلاد من انتقال عدوى التحركات من المغرب.
وتشهد تونس حال جفاء مستمرة بين السلطة وعلى رأسها الرئيس قيس سعيد والمعارضة التي تراجع حضورها بصورة لافتة في الشارع. ونشبت سجالات حادة أمام السفارة الأميركية في العاصمة التونسية بين ناشطين موالين للرئيس سعيد، على غرار مباركة البراهمي، وهي زوجة القيادي القومي الذي اغتيل عام 2013 محمد البراهمي، وناشطين معارضين على خلفية رفع شعارات مناوئة للسلطة على غرار 'لا خوف، لا رعب، الشارع ملك الشعب' وغيرها.
ويتابع التونسيون عن كثب احتجاجات المغرب المتصاعدة، التي تقودها حركة 'جيل زد' والتي تطالب بإصلاحات شاملة في مجالات التعليم والصحة والسكن، وأيضاً برحيل حكومة عزيز أخنوش.
وكانت تونس أطلقت شرارة 'الربيع العربي' عام 2011، لكن انتفاضتها تعثرت في تحقيق أهدافها، فيما أطاح سعيد عام 2021 ببرلمان وحكومة منتخبين في خطوة وصفها خصومه بـ'الانقلاب'، لكنه قال إنها ضرورية لـ 'تصحيح مسار ثورة يناير' (كانون الثاني) 2011.
وتسود مخاوف من أن يقود الوضع المتدهور للحريات في تونس وأيضاً المشكلات الاقتصادية إلى احتجاجات، خصوصاً في ظل ما يحدث في المغرب.
القيادي في حزب التيار الديمقراطي هشام العجبوني اعتبر أنه 'بقطع النظر عما حدث في المغرب، تعرف تونس وضعية اقتصادية واجتماعية هشة، بالتالي هي معرضة للاحتجاجات وصبر التونسيين قد ينفد في أية لحظة، بخاصة مع تواصل الفشل في تحسين واقعهم وواقع البلاد، ووسط الغلاء الفاحش وتدهور القدرة الشرائية وارتفاع نسبة البطالة وضعف نسب النمو'.وتابع أنه 'فضلاً عن تدهور واقع الحقوق والحريات في البلاد الذي يكاد يكون المكسب الوحيد من الثورة التونسية، علم الرأي العام التونسي أمس الجمعة على سبيل المثال أن محكمة أصدرت حكماً بالإعدام على رب أسرة، وهو عامل يومي وله ثلاثة أطفال، بسبب تدوينات معارضة لرئيس البلاد'.
وشدد على أن 'هذا يأتي في وقت يتدهور مناخ الأعمال في البلاد أيضاً بسبب عوامل عدة من بينها غياب الرؤية والإصلاحات وبيروقراطية الإدارة وقضاء غير مستقل، ناهيك عن تعسف كبير في تطبيق القوانين والترتيبات وسجن عدد كبير من رجال الأعمال وإطارات البلاد وضغط جبائي وديواني كبيرين'.
وأشار العجبوني إلى أن 'اللافت للنظر خلال الفترة الأخيرة هو المشاركة الكبيرة لفئة الشباب في الاحتجاجات المناهضة لحرب الإبادة الجماعية والتطهير العرقي في غزة، ورفع بعض الشعارات السياسية المتعلقة بالحريات ورفض الدولة البوليسية. وإذا واصلت السلطة انغلاقها على القوى السياسية والمدنية ورفضها للحوار، فقد تتحول التحركات الداعمة لغزة إلى احتجاجات ضد النظام وممارساته القامعة للحريات لأن هؤلاء الشباب ترعرعوا في مناخ كبير من الحرية بعد الثورة ولا أعتقد بأنهم سيفرطون في هذا المكسب'.
وتشهد تونس جدلاً واسعاً في شأن مواطن حكم عليه بالإعدام بسبب تدوينات منتقدة لسعيد، فيما يقبع صحافيون ونشطاء سياسيون معارضون أيضاً في السجن وسط مخاوف من تراجع مكاسب انتفاضة 2011. واعتبر الباحث السياسي مراد علالة أن 'من تقاليد الشعب التونسي إسناد ودعم القضية الفلسطينية، لذلك رأينا احتجاجات كبيرة في هذا الشأن مما يعني أن هذه القضية تمثل أولوية بالنسبة إلى الشارع، لكن هذا لا يمنع من التحذير من أن المناخ السياسي والاجتماعي والاقتصادي إذا لم يتحسن في مقبل الأيام، فقد نرى بالفعل احتجاجات، ولا سيما أنه في تونس دائماً ما يكون الشتاء ساخناً بالتظاهرات'.
وأردف علالة أن 'على السلطات التحرك نحو الانفتاح السياسي وحل بعض الملفات الاقتصادية العالقة أو في الأقل إرسال مؤشرات إيجابية متعلقة بذلك لأن الأمور باتت صعبة بالفعل مع الغلاء الكبير في الأسعار من دون زيادة في الرواتب، وأيضاً كل الوعود التي أطلقت للتوظيف وفتح آفاق بالنسبة إلى حاملي الشهادات العليا كلها وعود معلقة'.
وأبرز أنه 'مع ذلك، من الصعب أن نرى ربيعاً عربياً ثانياً، فحتى النخب السياسية تدرك أن لا أفق لذلك، ولو حصلت احتجاجات سياسية وأطيح بالحكومة الحالية، لا يوجد بديل حقيقي قادر على ملء الفراغ'، لافتاً إلى أن 'الهدف ليس التحركات السياسية أو الإطاحة بنظام، بل ضمان استمرارية واستقرار الدولة وإيجاد بديل وهو الأمر الغائب الآن'.
في غضون ذلك، تلزم المعارضة التونسية الصمت بصورة كبيرة مع الاقتصار على التنديد بمحاكمات يتعرض لها قادتها، من دون التحرك في الشارع، فيما يواصل سعيد انتقاده للطبقة التي حكمت البلاد طوال الأعوام الماضية وكذلك أداء الإدارة. وقال العجبوني إنه 'بالنسبة إلى المعارضة التونسية، فهي إما في السجون بسبب قضايا التآمر المتعددة أو في المهجر خوفاً من التعسف وهرباً من الظلم، أو مهددة بالسجن في كل لحظة. وفي الحقيقة فإن قيس سعيد وأد السياسة في البلاد ولم يعد من المنطقي الحديث عن معارضة، بل عن مقاومة لمسار استبدادي'. ورأى أن 'هناك مقاومة للظلم وللتعسف وللاستبداد ولكنها تبقى محتشمة بسبب عامل الخوف والقبضة القضائية، لكن علمنا التاريخ أن ذلك لن يدوم ولو دامت لغيره لما آلت إليه'.