اخبار المغرب
موقع كل يوم -العمق المغربي
نشر بتاريخ: ٢٠ نيسان ٢٠٢٥
تجددت الآمال بإمكانية تحريك المياه الراكدة في ملف الصحراء، بعد إعلان مستشار الرئيس الأمريكي المكلف بالشؤون الإفريقية والشرق أوسطية، مسعد بولس، عن زيارة مرتقبة إلى كل من المغرب والجزائر، في إطار مساع أمريكية جديدة لتقريب وجهات النظر وتسريع وتيرة الحل السياسي لهذا النزاع الذي عمر لأزيد من نصف قرن.
التصريحات الصادرة عن بولس، والتي شدد فيها على أهمية هذا الملف بالنسبة لإدارة ترامب الحالية، تفتح الباب أمام تساؤلات ملحة حول مدى قدرة واشنطن، بما تملكه من نفوذ دبلوماسي وثقل استراتيجي، على ردم الهوة بين أطراف النزاع، ودفعهم إلى تجاوز الجمود السياسي الذي يطبع هذا الملف، خصوصا في ظل تعثر المساعي الأممية وتوتر العلاقات المغربية الجزائرية.
فهل تمثل هذه الخطوة بداية فعلية لمسار جديد نحو التسوية؟ وهل تنجح الإدارة الأمريكية في فرض رؤية توافقية تستند إلى الواقعية السياسية ومصالح الأطراف؟ أم أن تعقيدات المواقف وتباين الرؤى قد تجعل من هذه الزيارة مجرد حلقة أخرى في مسلسل المبادرات غير المكتملة؟
في ظل الحركية الدبلوماسية المتسارعة بشأن قضية الصحراء المغربية، تبرز زيارة مبعوث واشنطن الخاص، مسعد، كخطوة استراتيجية تحمل أبعادا أمنية وسياسية دقيقة، وفق ما يؤكده الخبير الأمني وأستاذ العلاقات الدولية وتسوية النزاعات، محمد عصام العروسي.
ويرى العروسي أن زيارة مسعد لم تكن مجرد تحرك دبلوماسي عابر، بل جاءت مدعومة بديناميكية أمريكية جديدة تهدف إلى إعادة بعث العملية السياسية، من خلال ورقة غير مسبوقة تقترح تصنيف جبهة البوليساريو منظمة إرهابية.
هذا المقترح حسب العروسي ليس بعيدا عن طاولة صناع القرار الأمريكي، حيث لوحت به واشنطن في وجه الجزائر والبوليساريو، في محاولة لخلق اختراق سياسي يجبر الأطراف على العودة إلى طاولة المفاوضات، لكن هذه المرة، على أساس مبادرة الحكم الذاتي التي تقترحها الرباط.
وأكد الخبير أن مهمة مبعوث واشنطن ستكون تطبيق هذه الرؤية والعمل على فرضها على مختلف الأطراف، خصوصا في ظل التوافق الدولي المتزايد مع المقاربة المغربية، التي تقوم على التنمية والاستقرار، وفي حال نجحت هذه الزيارة، فإن الجزائر وجبهة البوليساريو، الرافضتين لأي تسوية سياسية حتى الآن، ستكونان مضطرتين إلى التفاعل مع هذه المبادرة، أو على الأقل التفاوض حولها دون الانجرار إلى المماطلات التي ميزت جولات سابقة.
وأشار العروسي إلى أن التحولات الجيوسياسية التي يعرفها العالم، وتزايد العزلة الدبلوماسية التي تطال الجزائر والبوليساريو، قد جعلت من النهج المغربي خيارا واقعيا ومدعوما دوليا، خاصة أن المقاربات التنموية المغربية في الأقاليم الجنوبية باتت منسجمة مع التوجهات الدولية الجديدة، التي تربط بين الحلول السياسية والاستثمار في الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي.
ويضيف المتحدث أن العلاقات الاستراتيجية بين الرباط وواشنطن، سواء في الجانب العسكري أو الجيوسياسي، تمنح زخما لهذه الرؤية الأمريكية، التي قد تفرض نفسها في نهاية المطاف كخيار وحيد على الأطراف المتصلبة.
وإن لم يتم التجاوب مع هذه المقاربة، يؤكد خبير العلاقات الدولية أن الإدارة الأمريكية قد تمضي قدما في تفعيل خيار تصنيف جبهة البوليساريو كمنظمة إرهابية، بما يحمله ذلك من تداعيات خطيرة، ليس فقط على البوليساريو، بل على الجزائر وجنوب إفريقيا، اللتين تواصلان الدفاع عن موقف معزول عن واقع دولي متغير.
ويرى العروسي أن هذا التصنيف، في حال تم، سيفتح الباب أمام عقوبات قانونية ضد كل من يتعامل أو يدعم هذه الجبهة، استنادا إلى الأعراف الدولية المعمول بها في هذا المجال، مما قد يعمق عزلة حلفاء البوليساريو، ويسرع من وتيرة الحسم السياسي في هذا النزاع الذي طال أمده.