فاعلون يناقشون وضعية الإعلام المغاربي وتحديات الصحافة بالمنطقة (فيديو)

نظم 'المنتدى المغربي للصحافيين الشباب'، ندوة مغاربية حول موضوع: 'إعادة التفكير في وسائل الإعلام المغاربية: من التحدي التكنولوجي إلى الاستقلال الاقتصادي والتحريري'، وذلك بمناسبة بمناسبة الذكرى 12 للرسالة الملكية الموجهة إلى أسرة الصحافة والإعلام واحتفاء باليوم الوطني للإعلام.

وعرفت هذه الندوة مشاركة عدد من المسؤولين والإعلاميين والصحافيين والفاعلين الحقوقيين من كل الدول المغاربية (المغرب، موريتانيا، ليبيا، تونس، الجزائر)، إضافة للممثل الدائن لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة 'اليونسكو' ومدير مركز الأمم المتحدة للإعلام بالرباط.

تحديات الإعلام المغاربي

ركز المتدخلون في هذه الندوة الدولية على التحديات التي تواجه وسائل الإعلام في المنطقة المغاربية، من قبيل مستقبل الصحافة في عصر التطور التكنولوجي، وواقع حرية الصحافة في المنطقة المغاربية فضلا عن النموذج الاقتصادي للمؤسسات الإعلامية ورهان الاستدامة والاستقلالية التحريرية.

من جهته، قال سامي المودني، رئيس المنتدى المغربي للصحافيين الشباب، أن 'تنظيم هذه الندوة المغاربية يأتي في سياق عام تعتبر فيه المنطقة المغاربية ليست بمنأى عن التحديات التي تفرضها التغيرات السياسية والاقتصادية والتكنولوجية.

وأشار المودني، في تصريح للصحافة، إلى أن 'التحول الرقمي وظهور التقنيات الجديدة يغنيان النقاش بشكل متزايد، لكن الرقمنة أدت أيضا إلى تفاقم التحدي المتمثل في المعلومات المضللة، مع الانتشار السريع للأخبار الزائفة'، الأمر الذي يتطلب من وسائل الإعلام المزيد من اليقظة، على حد تعبيره.

وأضاف المتحدث ذاته: 'لا بد من التأكيد على دور وسائل الإعلام، باعتبارها تجسد نموذجا يضمن، على الرغم من الأزمات، النشر الفعال للمعلومات، مما يعزز أهميتها في المشهد الاجتماعي والسياسي الإقليمي المغاربيان'.

وشدد  المودني على ضرورة أن تتحمل الصحافة المغاربية مسؤوليتها بالكامل، داعيا وسائل الإعلام، باعتبارها كيانات مؤثرة، أن تتبنى نهجا تقنيا وأخلاقيا المواجهة المعلومات المضللة ذلك أن الوصول إلى المعلومات الحقيقية والموثوقة، على حد قوله، هو حق غير قابل للتصرف للمواطنين، حيث إنه يتيح لهم فك رموز الشأن العام وتكوين آراء مستنيرة'.

تطور الإعلام المغاربي

سجل المنتدى المغربي للصحافيين الشباب أن المنطقة المغاربية ليست بمنأى عن التغيرات السياسية والاقتصادية والتكنولوجية، كمأ أن للحركات الاجتماعية والسياسية، سواء ما سمي بـ'الربيع العربي' أو الأحداث البعيدة جغرافيا، مثل تلك التي وقعت في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى أو أوكرانيا، تأثيرا مباشرا على المشهد الإعلامي، معتبرة أن 'كل حدث سواء كان كارثة طبيعية أو أزمة صحية مثل جائحة كورونا، يتطلب تغطية إعلامية دقيقة ومتوازنة وموضوعية'.

بالمقابل، اعتبر المصدر ذاته أن التحول الرقمي وظهور التقنيات الجديدة يغنيان النقاش بشكل متزايد، وقد أدت الرقمنة إلى تفاقم التحدي المتمثل في المعلومات المضللة، مع الانتشار السريع للأخبار الزائفة، الأمر الذي يتطلب من وسائل الإعلام المزيد من اليقظة.

وأشارت الورقة التأطيرية للندوة إلى أن كل دولة بالمنطقة المغاربية تقدم مسارا مختلفا فيما يتعلق بحرية الصحافة، فالمغرب مثلا عرف إصلاحات دستورية كبيرة سنة 2011، تروم تعزيز حرية الصحافة، حيث تنص المادة 28 من دستور المملكة على أن حرية الصحافة مضمونة، ولا يمكن تقييدها بأي شكل من أشكال الرقابة القبلية للجميع الحق في التعبير، ونشر الأخبار والأفكار والآراء، بكل حرية ومن غير قيد، عدا ما ينص عليه القانون صراحة.

كما تشجع السلطات العمومية على تنظيم قطاع الصحافة، بكيفية مستقلة، وعلى أسس ديمقراطية، وعلى وضع القواعد القانونية والأخلاقية الوسائل، حيث يحدد القانون قواعد تنظيم وسائل الإعلام العمومية ومراقبتها، ويضمن الاستفادة من هذه مع احترام التعددية اللغوية والثقافية والسياسية للمجتمع المغربي العليا للاتصال السمعي البصري على احترام هذه التعددية.

وأكدت الورقة أن هذه الأحكام الدستورية، أدت إلى إصلاح مدونة الصحافة والنشر، التي تضم القانون المتعلق بالصحافة والنشر، والقانون الخاص بالنظام الأساسي للصحافيين المهنيين، والقانون المتعلق بإحداث المجلس الوطني للصحافة، مشيرة إلى أن هذه المدونة متقدمة، ولكن يبقى من الضروري موائمة هذا التقدم مع التشريعات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، علاوة على ذلك فإن قياس فعالية هذه المدونة يتم من خلال تطبيقها على مستوى الممارسة، خاصة في القضايا المتعلقة بالنشر، يضيف المصدر ذاته.

وبخصوص تونس، أبرز المصدر ذاته أنها منذ ثورة 2011 التي أطاحت بالرئيس زين العابدين بتعلي، فإنها تشهد مرحلة انتقالية ديمقراطية اتسمت بتقلبات ومنعطفات عديدة، لكن التطورات التي عرفتها البلاد عرفتها البلاد منذ يوليوز 2021، أثارت مخاوف من تراجع حرية الصحافة.

وحسب المصدر ذاته، وفي ما يتعلق بالإطار القانوني، فإن التعديل الدستوري الذي تم إجراؤه في يوليوز 2022، والذي يمنح الرئيس صلاحيات تشريعية واسعة على حساب الضوابط والتوازنات التي كانت قائمة حتى ذلك الحين، قد عرض الفصل بين السلطات للخطر، ويشكل تهديدًا حقيقيا للمكتسبات التونسية في مجال حرية الصحافة.

كما استعرضت الورقة الوضعية الإعلامية في الجزائر، حيث أصبح الإطار التشريعي مقيّدا للحريات بشكل متزايد، كما أن المادة 54 من الدستور تضمن حرية الصحافة، غير أنها تقيد نشر المعلومات والآراء التي يجب أن تحترم 'الثوابت الدينية والثقافية وقيم الأمة'.

كما يعاقب القانون الجنائي المعدل لسنة 2020 بالسجن من سنة إلى ثلاثة سنوات، على نشر 'الأخبار الكاذبة' و'خطاب الكراهية' الذي يهدف إلى المس بـ'النظام والأمن الوطني' أو 'أمن الدولة والوحدة الوطنية'.

وفي هذا السياق، تنتشر الرقابة والرقابة الذاتية على نطاق واسع، حيث يشدد قانون الإعلام الجديد لسنة 2023 الرقابة على عمل الصحافيين في الجزائر، ويفرض بشكل خاص عقوبات جديدة، ويمنع على وسائل الإعلام الجزائرية الاستفادة من أي تمويل أجنبي مباشر أو غير مباشر أو مساعدات مادية، ويعاقب على ذلك بغرامات ثقيلة.

واعتبرت الورقة التأطيرية للندوة، ومنذ رحيل معمر القذافي سنة 2011، أنها غرقت في أزمة عميقة، وبالنظر لهذا الوضع، كثيرا ما يجد الإعلام والصحافيون أنفسهم مجبرين على خدمة أحد أطراف النزاع، على حساب استقلالية خطوطهم التحريرية.

وسجل المنتدى أن 'ليبيا أصبحت تمثل نقطة سوداء بالنسبة للإعلام في المنطقة المغاربية، فقد فر معظم وسائل الإعلام والمراسلين من البلاد، بينما يحاول الباقون ضمان سلامتهم من خلال العمل تحت حماية أحد أطراف النزاع، ولم يعد لدى الصحافيين الأجانب إمكانية تغطية الأحداث ولم تعد وسائل الإعلام التقليدية، باعتبارها صاحبة مصلحة في الصراع تلعب دورها في ضمان الحصول على المعلومة الحرة والمستقلة والمتوازنة، التي تعكس القضايا الحقيقية التي يواجهها المجتمع الليبي، خاصة شريحة الشباب.

في المقابل، يجد هؤلاء الشباب في وسائل التواصل الاجتماعي مساحة للحوار المفتوح، لكنها قد تفضي إلى التطرف ونشر خطاب الكراهية، حسب المصدر ذاته، ومع ذلك، هناك العديد من المبادرات الناشئة التي تحاول خلق نموذج إعلامي جديد أكثر استقلالية في هذا البلد.

وفي موريتانيا، اشار المنتدى إلى أنه 'منذ إلغاء تجريم المخالفات الصحافية قبل نحو 10 سنوات، أصبح بإمكان الصحافيين العمل في بيئة أقل قمعا لكنهم يعيشون في ظروف تتسم بعدم الاستقرار إلى حد كبير، فلا توجد في موريتانيا، لحد الآن أي هيئة تنظيمية للصحافة، أو قانون إطار يضمن الحق في الوصول إلى المعلومة، أو يفرض احترام التعددية والشفافية في وسائل الإعلام كما لا يوجد قانون يضمن حرية التعبير وسلامة الصحافيين والحق في الحصول على المعلومات الموثوقة.

كما أن حماية المصادر، حسب الندوة، قد تتعرض للتهديد في حالات معينة تتعلق بـ'الأمن القومي'، دون تحديد هذا التعبير الفضفاض بوضوح،  وقد شهدت العقود الأخيرة في موريتانيا تطورات كبيرة، تخص حرية الصحافة مع قانون سنة 2006، ومع ذلك، لا يزال التنفيذ الملموس للأحكام القانونية يمثل تحديا كبيرا يجب التغلب عليه، يضيف المصدر ذاته.