اخبار المغرب
موقع كل يوم -العمق المغربي
نشر بتاريخ: ١٣ حزيران ٢٠٢٥
نشرت جامعة كاليفورنيا بلوس أنجلوس (UCLA)، الخميس 12 يونيو 2025، تقريرا يوثق سيرة فراج بوم، آخر 'رقّاص' مغربي، وهو الرجل الذي كان يحمل الرسائل سيرا على الأقدام عبر جبال الأطلس والصحراء في ظروف استثنائية خلال فترة الاستعمار الفرنسي.
يسلط التقرير، الذي يضيء على جانب نادر من التاريخ المغربي، الضوء على قصة فراج كما رواها ابنه البروفيسور عمر بوم، أستاذ الأنثروبولوجيا بجامعة UCLA، والذي ينحدر من واحة لمحاميد جنوب المغرب، ضمن جماعة الحراطين ذات الأصول الإفريقية، حسب ما أورده موقع الجامعة.
بدأ فراج بوم عمله رقّاصا منذ سنوات مراهقته، وكان يحمل الرسائل في مسارات يومية شاقة قد تتجاوز الأربعين ميلا، قاطعا تضاريس وعرة ومناطق محفوفة بالمخاطر، من جبال الأطلس حتى عمق الصحراء الكبرى، متحديا الحيوانات المفترسة والعصابات، في إطار نظام الخدمة الإجبارية الذي كان معمولا به في المغرب زمن الاستعمار، كما ورد في التقرير.
كانت حقيبته البسيطة، المعروفة محليا بـ'الشكرة'، أكثر من مجرد أداة عمل؛ لقد مثّلت سجلا حيا لآلاف الأميال المقطوعة، وحافظة لحكايات طويلة من الصبر والمقاومة، وفق تعبير التقرير.
بعد وفاته في نونبر 2023، انكبّ ابنه عمر على إعادة سرد سيرة والده عبر مئات الساعات من المقابلات الصوتية المسجلة. وفي مبادرة فنية، اقترحت حفيدة فراج، ماجدولين بوم مندوزا (15 عاما)، تحويل القصة إلى كتاب مصوّر بعنوان 'آخر الرقّاصين'، وقد تم نشره في وقت قياسي قبيل افتتاح المعرض الدولي للكتاب بالرباط سنة 2024، بحسب المصدر ذاته.
حظي المشروع بدعم من الناشط الحقوقي إدريس اليزمي، ومن رئاسة البريد الوطني المغربي، التي اشترطت إنجاز العمل قبل موعد المعرض، حسب ما أكده التقرير.
كما جرى تقديم الكتاب في مقر بلدية باريس 'Mairie de Paris'، وهو المكان نفسه الذي كان يصدر منه الاستعمار أوامر الخدمة الإجبارية، حيث عبّرت ماجدولين عن مشاعرها تجاه مشاركتها في توثيق قصة جدها، وما أتاحه لها ذلك من اقتراب وجداني أعمق من جذورها وهويتها المغربية.
ورغم ما مرّ به من مآس مثل الجوع والجفاف والحروب، فقد وجد فراج بوم راحته في حياة زراعية بسيطة، وكان يؤمن بقيم التسامح والغفران، رافضا الكراهية ومعتبرا أنها ليست سبيلا إلى الحرية، وفق ما نقله التقرير عن ابنه عمر.
يشكل هذا العمل توثيقا نادرا لتاريخ الرقّاصين في المغرب، ويربط بين ثلاثة أجيال من عائلة بوم، كاشفا عن صفحة خفية ومؤثرة من تاريخ المغرب في القرن العشرين، كما خلص تقرير جامعة كاليفورنيا بلوس أنجلوس.