اخبار المغرب
موقع كل يوم -العمق المغربي
نشر بتاريخ: ٢١ نيسان ٢٠٢٥
في وقت تتصارع فيه دول المنطقة على التموقع الاقتصادي والاستراتيجي، يواصل المغرب بناء نموذج مختلف يقوم على ربط المدن، وتوسيع الشبكات، وجذب كبار المصنعين العالميين في البنية التحتية.
آخر تجليات هذا التوجه، ما كشف عنه التقرير السنوي لشركة Vossloh الألمانية، إحدى أبرز الفاعلين في مجال حلول السكك الحديدية، والتي حققت أداء ماليا غير مسبوق بفضل الطلبيات القادمة من المغرب.
وبحسب ما اطلعت عليه جريدة 'العمق'، فقد بلغ إجمالي الطلبيات الجديدة لدى الشركة خلال 2024 حوالي 1.36 مليار يورو، فيما يُتوقع أن تتجاوز الإيرادات حاجز 1.5 مليار يورو في 2025، بفضل صفقات مهيكلة مع المغرب، إلى جانب الجزائر والشرق الأوسط.
لكن خلف هذه الأرقام، تتشكل ملامح استراتيجية مغربية أوسع، تقوم على استثمار البنية التحتية كرافعة جذب دولي، ومحرك نفوذ في القارة الإفريقية. إذ لم يعد الأمر يقتصر على مشاريع محلية، بل بات يُنظر إلى شبكة السكك الحديدية المغربية كأداة اندماج إقليمي، خاصة مع الحديث عن ربط المغرب ببعض العواصم الإفريقية في إطار شراكات جنوب-جنوب.
ويؤكد التقرير أن المغرب بات واحدا من الأسواق 'الاستراتيجية' لدى الشركة الألمانية، ليس فقط من حيث حجم الطلبيات، بل بالنظر إلى ما تمثله من رهان مستقبلي على النقل المستدام، وربط المدن الكبرى استعدادا للاستحقاقات الدولية، وفي مقدمتها كأس العالم 2030.
من جهته، وصف أوليفر شوستر، الرئيس التنفيذي لـ Vossloh، الطلب المغربي بـ'القوي والمستقر'، مشيرا إلى أن المملكة تبرز ثقة متزايدة في الشراكة مع فاعلين أوروبيين متخصصين، ما يفتح الباب أمام تحول المغرب إلى مركز تنسيق إقليمي لمشاريع النقل السككي.
وإذا كانت الشركة قد حققت هامش أرباح (EBIT) تجاوز لأول مرة منذ عقد حاجز 100 مليون يورو، فإن ذلك يعزى بشكل مباشر إلى تحولات السوق الإفريقية، التي أصبح المغرب فيها ليس فقط مستهلكا، بل قاطرة للطلب الإقليمي.
وفي المحصلة، يبدو أن المغرب يراكم رصيدا من الثقة الدولية عبر بوابة البنية التحتية، مستخدما مشاريع السكك الحديدية ليس فقط كأدوات نقل، بل كأوراق قوة ناعمة تعيد رسم خريطة النفوذ في الشمال الإفريقي وعلى امتداد القارة.