اخبار المغرب
موقع كل يوم -العمق المغربي
نشر بتاريخ: ١٣ حزيران ٢٠٢٥
في خطوة تعيد إلى الأذهان خطاب التحذير النمطي الذي دأبت بعض الدول الغربية على اعتماده تجاه دول الجنوب، جددت وزارة الخارجية الألمانية عبر موقعها الرسمي دعوتها لمواطنيها إلى توخي الحذر أثناء السفر إلى المغرب، مؤكدة استمرار التحذير من زيارة مناطق بعينها، على رأسها الصحراء المغربية والمناطق القريبة من الحدود الجزائرية.
وبلغة أقرب إلى الكليشيهات الأمنية المعلبة، تحدث البيان عن 'احتمال وقوع هجمات إرهابية'، و'انتشار المخدرات في الريف'، و'خطر الاعتداءات والسرقة'، بل ذهب إلى التحذير من 'هجمات الكلاب الضالة'، في صياغة عكست تصورا أمنيا مبالغا فيه، وأظهرت قدرا من التبسيط المخل للواقع المغربي.
ورغم الإقرار الضمني بالاستقرار السياسي النسبي الذي تعرفه المملكة، لم يخف البيان نَفَسا وصائيا ينظر إلى المغرب كفضاء هش، محفوف بالمخاطر، ويتطلب من السائح الغربي احتياطات استثنائية، كأن البلد خارج عن الزمن، أو غير قادر على تأمين زواره. وهي لهجة لم يجرؤ البيان نفسه على استخدامها مع دول أوروبية عرفت في السنوات الأخيرة حوادث أمنية أكثر خطورة.
ويبدو أن الخارجية الألمانية صاغت تحذيرها بعين بيروقراطية لم تكلف نفسها عناء تحديث المعطيات أو وضعها في سياقها الجغرافي والسياسي السليم، لتستمر في التعامل مع المغرب كبلد شرق أوسطي يفتقر للبنيات الأمنية الأساسية، متجاهلة الجهود الكبيرة التي تبذلها السلطات المغربية في تأمين المناطق السياحية وتعزيز الاستقرار على أكثر من صعيد.
أما التحذير من التوجه إلى الصحراء المغربية، فشكّل فصلا إضافيا في تجاهل الحقائق السيادية، إذ أصر البيان على توصيف المنطقة بصيغة منفصلة، وتحذيرية، مع الإشارة إلى 'غياب التغطية القنصلية' و'وجود ألغام'، دون التمييز بين الخطاب السياسي وبين المعطيات الميدانية التي تؤكد أن المنطقة تعرف استقرارا وازدهارا تنمويا.
ولم يخلُ التحذير من إشارات ثقافية متعالية، عبر توصيات للسائحات 'بالاحتشام'، وللمثليين 'بالتحفظ'، وتحذيرات من العلاقات خارج إطار الزواج، في لغة تُعيد إنتاج رؤية استشراقية تتعامل مع المجتمع المغربي كفضاء مغلق على التقاليد، بعيد عن المدنية، وكأن السياحة إليه مغامرة ثقافية محفوفة بالتهديدات الأخلاقية.
بيان الخارجية الألمانية، إذ يندرج ضمن حق أي دولة في إبلاغ رعاياها بمخاطر السفر، يكشف في الآن ذاته عن مدى تأخر بعض المؤسسات الغربية في تجاوز رواسب النظرة الاستعمارية، وعجزها عن إنتاج خطاب أكثر توازنا ينسجم مع منطق الشراكة والاحترام المتبادل، بدل البقاء رهينة مقولات أمنية متقادمة.