اخبار المغرب
موقع كل يوم -العمق المغربي
نشر بتاريخ: ٢٠ تموز ٢٠٢٥
جابت مسيرة شارك فيها مئات المغاربة الشوارع الرئيسية بالعاصمة المغربية الرباط، وذلك استجابة للنداء العالمي الذي أطلقته حركة المقاومة الإسلامية حماس، للدعوة إلى يوم غضب شعبي ضد سياسة التجويع الممنهج والإبادة الجماعية التي تمارسها إسرائيل بحق سكان قطاع غزة.
وقد شاركت في هذه المسيرة الواسعة التي دعا إليها المرصد المغربي لمناهضة التطبيع، هيئات سياسية ونقابية وحقوقية ومدنية متعددة، تعبيرا عن تضامنها مع الشعب الفلسطيني، ورفضا للصمت الدولي والخذلان العربي، رافعين خلالها شعارات تندد بجرائم الاحتلال، وتدعو إلى إنهاء الحصار فورا، ووقف العدوان الوحشي الذي دمّر البنية التحتية لغزة، وترك ملايين المدنيين عرضة للمجاعة والمرض والموت البطئ.
تواطؤ غربي وخذلان إسلامي
وأكد المشاركون في المسيرة إدانتهم الشديدة للتواطؤ الأمريكي والغربي في العدوان المستمر على غزة، واعتبروا أن الدعم غير المشروط الذي توفره القوى الغربية للاحتلال الإسرائيلي يشكّل غطاءً سياسياً وعسكرياً لارتكاب جرائم حرب ضد المدنيين العزل.
وأدانوا بشدة الموقف العربي الرسمي، الذي وصفوه بـ'المخزي والمتخاذل'، مؤكدين أن صمت الأنظمة العربية تجاه ما يجري في غزة 'ليس سوى شكل من أشكال الشراكة في الجريمة'، ومطالبين بضرورة التحرك العاجل لوقف هذه المجازر ورفع الحصار.
واستنكر المتظاهرون ازدواجية المعايير لدى المجتمع الدولي، وصمت المؤسسات الأممية أمام جرائم ترتقي، وفق وصفهم، إلى 'إبادة جماعية ممنهجة'، مطالبين بمحاكمة قادة الاحتلال كمجرمي حرب أمام محكمة الجنايات الدولية.
وشدد المشاركون على أن ما يحدث في قطاع غزة، والضفة الغربية، وسائر الأراضي الفلسطينية المحتلة، ليس حدثا معزولا، بل هو امتداد لمخطط صهيوني استعماري أوسع، يستهدف كل دول المنطقة التي تعبر عن تضامنها مع القضية الفلسطينية، أو ترفض الخضوع للهيمنة الغربية، وعلى رأسها إيران وسوريا والعراق وباكستان وتركيا.
وأوضحوا أن مشروع الاحتلال لا يقتصر على فلسطين، بل يتجاوزها لتكريس واقع إقليمي جديد، على أساس التبعية والخضوع، في مقابل استهداف كل من يعبّر عن ممانعة أو استقلالية في القرار السياسي، وهو ما يجعل من التضامن مع فلسطين مسؤولية إقليمية ودولية.
وأكدت الهيئات المشاركة في المسيرة أن التطبيع مع الكيان الصهيوني 'خيانة سياسية وأخلاقية لا يمكن تبريرها بأي ذريعة'، داعية إلى مراجعة شاملة للعلاقات الرسمية مع إسرائيل، ووقف كل أشكال التنسيق الأمني والتعاون الاقتصادي والثقافي.
ورفع المشاركون شعارات رافضة لكل محاولات تمرير التطبيع داخل المجتمع المغربي، مؤكدين أن 'الشعب المغربي سيظل وفيًا لقضية فلسطين، ولن يسمح بتمرير مشاريع التطبيع تحت أي غطاء، سواء أمني أو سياحي أو أكاديمي'.
كما دعوا إلى الضغط الشعبي المتواصل لفرض إرادة الشعب الرافضة للتطبيع، والاصطفاف الواضح إلى جانب الحق الفلسطيني في التحرر الكامل.
وعبّر المتظاهرون عن غضبهم من 'الانهيار الكامل لمنظومة القانون الدولي'، معتبرين أن الأمم المتحدة ومؤسساتها 'فقدت كل شرعية' بعد عجزها عن حماية المدنيين الفلسطينيين، أو وقف المجازر اليومية التي ترتكبها قوات الاحتلال بدعم أمريكي-أوروبي مباشر.
وأكد المشاركون أن هذا الصمت والتواطؤ من القوى الكبرى، وغياب آليات المحاسبة، 'يفتح الباب لفوضى عالمية'، حيث لم تعد هناك أي جهة قادرة على ردع المعتدين أو إنصاف الضحايا، مشيرين إلى أن 'شريعة الغاب' أصبحت هي السائدة في العلاقات الدولية، وهو ما يهدد السلم العالمي بشكل غير مسبوق.
كما حذروا من أن التغاضي عن هذه الإبادة الجماعية سيؤسس لمرحلة دولية يسود فيها منطق القهر والإفلات من العقاب، مطالبين المجتمع الدولي والأحرار في العالم بالتحرك الفوري من أجل وقف العدوان وفرض العقوبات على الاحتلال.
مجاعة قاتلة
ويتواصل منذ السابع من أكتوبر 2023، العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة بصورة غير مسبوقة، مدعوما من الولايات المتحدة الأمريكية، في عملية وُصفت من قبل منظمات حقوقية ودولية بـ'الإبادة الجماعية المتواصلة'، ويشكل القصف العنيف، والتجويع الممنهج، والتهجير القسري، أركان سياسة التدمير الشامل التي تنفذها إسرائيل في تحدٍّ صارخ لكافة القرارات الأممية، وعلى رأسها أوامر محكمة العدل الدولية المطالبة بوقف العدوان فورا.
وقد أسفر هذا العدوان الدموي عن سقوط أكثر من 198 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، غالبيتهم من الأطفال والنساء، في حين فُرض على مئات الآلاف من السكان النزوح القسري نحو مناطق مدمرة تفتقر لأبسط مقومات الحياة. المجاعة بدورها حصدت أرواح العديد من المدنيين، في ظل انعدام شبه تام للغذاء والدواء، واستمرار الاحتلال في منع دخول المساعدات الإنسانية بطرق آمنة.
ووفقا لتقارير رسمية صادرة عن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، فإن عدد الوفيات المرتبطة بالجوع ونقص العلاج ارتفع إلى 620 حالة، مع تصاعد التحذيرات من كارثة صحية مروعة.
وزارة الصحة في غزة أشارت إلى توافد أعداد غير مسبوقة من الأطفال وكبار السن إلى أقسام الطوارئ، في حالات من الإعياء التام والإنهاك الجسدي، محذرة من أن مئات من المجوعين باتوا على حافة الموت المحتم نتيجة فقدان أجسادهم القدرة على مقاومة الجوع.
من جهتها، أعلنت 'شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية' أن قطاع غزة يشهد حالياً أسوأ مراحل الكارثة الإنسانية منذ بدء الحصار، محذرة من موجة وفيات جديدة تهدد الأرواح، لا سيما في صفوف الأطفال والمرضى.
وفي السياق ذاته، أكدت جمعية الإغاثة الطبية ارتفاع نسبة حالات سوء التغذية بأكثر من 20% مقارنة بالشهر الماضي، في وقت أصبحت فيه المواد الغذائية الأساسية، وعلى رأسها الطحين، مفقودة بالكامل من الأسواق، وسط تجاهل دولي خطير لحجم الكارثة المتفاقمة.
وأكد المشاركون أن الاحتلال الإسرائيلي يمارس سياسة تجويع متعمدة، ويستخدم 'المساعدات الإنسانية' كأداة للابتزاز السياسي والعقاب الجماعي، في ظل تقاعس المجتمع الدولي، وخصوصا الاتحاد الأوروبي، الذي 'يتحمل جزءا من مسؤولية الجريمة الجارية'، وفق تعبيرهم.