اخبار المغرب
موقع كل يوم -العمق المغربي
نشر بتاريخ: ٣ أب ٢٠٢٥
أكدت مصادر من الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات أن المغرب لا يُعتبر متأخرا في إطلاق شبكة الجيل الخامس مقارنة بدول القارة الإفريقية، مشددة على أن البلاد تسير وفق استراتيجية متدرجة تأخذ بعين الاعتبار التحديات التقنية والمالية، إضافة إلى خصوصيات السوق المحلي ومستوى الاستهلاك.
ورغم أن أوروبا سجلت نسبا ضعيفة في مردودية استثمار الجيل الخامس بالنسبة للمشغلين، حيث لم تتجاوز مساهمته في رقم المعاملات 0.5 في المئة، فإن الوكالة تعتبر هذه التكنولوجيا موجهة أساسا نحو نماذج B2B2C، ما يقتضي تعاونا ثلاثيا بين الدولة، الشركات المشغلة والمستهلكين.
وبحسب المعطيات التي توصلت بها الجريدة، فإن إطلاق الجيل الخامس بكامل طاقته سيتم تدريجيا، ليبلغ نسبة تغطية تصل إلى 45 في المئة في أفق سنة 2026، قبل أن ترتفع إلى 85 في المئة بحلول 2030، مع تحديد الانطلاقة الرسمية للشبكة في نونبر 2025، حسب ما ينص عليه دفتر التحملات.
استثمارات متواصلة وتكلفة مرتفعة
خلال السنوات الخمس الماضية، بلغ مجموع الاستثمارات في قطاع الاتصالات 40 مليار درهم، بمعدل 3 مليارات درهم سنويا مخصصة لمشاريع البنية التحتية، تمثل نحو 70 في المئة من التكلفة الإجمالية، خصوصا في ما يتعلق بالأشغال المدنية.
وبخصوص الجيل الخامس، تم تخصيص 2.1 مليار درهم كدفعة أولى لرخص 5G من طرف المتعهدين الثلاثة، حيث ساهمت اتصالات المغرب بـ900 مليون درهم، و'أورنج' و'إنوي' بـ600 مليون درهم لكل منهما، علما أن أسعار الرخص ارتفعت بنسبة 20 في المئة مقارنة بالدورات السابقة. ومن المرتقب أن تتجاوز الاستثمارات الإجمالية للجيل الخامس 80 مليار درهم خلال السنوات المقبلة.
أفادت الوكالة أن معدل التغطية بالشبكات الهاتفية في المغرب بلغ 99 في المئة من الساكنة، مع وجود 3000 موقع مشترك بين المشغلين، وقاعدة بيانات موحدة لتوزيع التغطية. ومع ذلك، ما تزال بعض المناطق الجبلية مثل آيت بوكماز تعاني من ضعف الشبكة، وهي نقاط سوداء تتطلب تدخلا منسقا بين الفاعلين المحليين والمنتخبين.
ومنذ سنة 2006، تعمل الوكالة على معالجة إشكالات التغطية في هذه المناطق، بناء على شكايات المواطنين. وتشير البيانات إلى أن الوكالة أنجزت 10606 تدخلات لتوسيع تغطية الجيل الرابع، من ضمنها 7300 نقطة محلية تشتغل عبر الرومينغ الوطني، مع إطلاق برنامج جديد لتغطية 2000 موقع إضافي في تجمعات سكنية تضم على الأقل 250 فردا.
عوائق بنيوية تحد من التعميم
من أبرز التحديات التي تواجه تعميم شبكات 4G و5G في العالم القروي، ضعف ولوج السكان إلى الأجهزة الطرفية، حيث لا يستفيد سوى 20 في المئة من سكان القرى، البالغ عددهم 7 ملايين شخص، من تغطية الجيل الرابع، مقارنة بنسبة 80 في المئة وطنيا.
ويقدر متوسط تكلفة الهاتف الذكي بـ1800 درهم، مع دورة استبدال تتراوح بين 3 و4 سنوات، في غياب حوافز حكومية أو إعفاءات ضريبية لتقليص الكلفة أو دعم الصناعة الوطنية للأجهزة.
دور محوري في الاقتصاد الرقمي.
يبلغ رقم معاملات الإنترنت الثابت والمحمول حوالي 36 مليار درهم سنويا، فيما تساهم شركات الاتصالات بـ2 في المئة من رقم معاملاتها في صندوق الخدمة الشاملة، أي ما يعادل 400 مليون درهم سنويا، تخصص لتدخلات عاجلة في المناطق ذات الاحتياج.
وتؤكد الوكالة أن وزارة الداخلية ستواكب تقنيا هذه التدخلات ميدانيا، كما يعمل المغرب على تطوير بدائل مستقلة مثل الشبكات الثابتة وخدمة 'ستارلينك'، رغم أن الطلب ما يزال موجها أكثر نحو الاتصال المحمول.
توجهات استراتيجية.
تشدد الوكالة على أن قرار إطلاق الجيل الخامس لم يكن عشوائيا، بل ثمرة مشاورات بدأت سنة 2023، وأن المغرب مرشح لتحقيق نسب تغطية مماثلة لما بلغته جنوب إفريقيا خلال السنتين المقبلتين.
ورغم أن 75 في المئة من التغطية العالمية للجيل الخامس تعتمد على البنية 'غير المستقلة' (NSA)، فإن المغرب يتجه نحو حلول متكاملة تلائم متطلبات الصناعة، وتفتح المجال أمام المقاولات الناشئة لتطوير خدمات وتطبيقات رقمية، تعزز مساهمة الرقمنة في الناتج الداخلي الخام، والتي لا تتجاوز حاليا 0.7 في المئة، مقابل متوسط عالمي يصل إلى 2 في المئة.