اخبار المغرب
موقع كل يوم -العمق المغربي
نشر بتاريخ: ٨ أيار ٢٠٢٥
حذر يوسف الوردي، أستاذ باحث في قضايا التنمية بالواحات، من الوضع المقلق الذي تعرفه واحات دادس نتيجة الجفاف وندرة الموارد المائية، مشيراً إلى أن المغرب، على غرار باقي دول العالم، وخاصة الأوروبية، يعاني من ظاهرة الجفاف المتفاقمة التي أصبحت دورية ومتكررة بشكل أكثر حدة منذ ستينيات القرن الماضي.
وأوضح الوردي، في مداخلة له موسومة بـ'الجفاف وندرة الموارد المائية بالواحات – دادس نموذجاً' خلال ندوة علمية بمنتدى المضايق والواحات المنعقد بإقليم تنغير، أن المغرب شهد منذ سنة 1960 سنوات جفاف متتالية، حيث تقلصت دورة الجفاف من 20 سنة إلى 5 سنوات خلال الأربعين سنة الأخيرة، ما جعل الظاهرة أكثر تأثيراً على مختلف الأنظمة البيئية والموارد الطبيعية.
وأضاف الباحث أن التساقطات الثلجية بدورها سجلت تراجعاً لافتاً، إذ انخفضت من مترين في أعالي جبال الأطلس سنة 1979 إلى 30 سنتيمترا فقط منذ سنة 2010، ما انعكس سلباً على الموارد المائية، التي سجلت تراجعاً بـ 10 أمتار، في وقت اختفت فيه بعض الفرشات الباطنية، وازدادت مظاهر التصحر، إلى جانب اجتياح الملوحة لعدد من الفرشات المائية الجوفية.
وبخصوص وضعية حوض درعة، أكد الوردي أنه يتميز بسيطرة السنوات الجافة بنسبة تصل إلى 53%، حيث تبقى الحصيلة المائية سلبية بالنظر إلى ضعف تعبئة الموارد المتاحة، والتي تصل إلى 1540 مليون متر مكعب، في حين لا يتم استغلال سوى 517 مليون متر مكعب منها.
أما على مستوى حوض دادس، فأشار الباحث إلى أن الحاجيات من الموارد المائية تقدر بـ 255 مليون متر مكعب، بينما لا يتم تعبئة سوى 185 مليون متر مكعب، ما يعني أن العجز المائي يبلغ 70 مليون متر مكعب، وهو ما يستدعي العمل على تعبئة الموارد بشكل أكثر فعالية.
وكشف الوردي أن حجم الموارد المائية، سواء السطحية أو الجوفية، يبلغ 553 مليون متر مكعب، إلا أن النظام الهيدرولوجي بدادس غير منتظم، إذ يرتفع تدفق المياه إلى 7 أمتار مكعبة في الثانية خلال بعض الفترات، وينخفض إلى متر مكعب واحد فقط في أوقات أخرى، ما يفرض تدبير فترات الفائض لتعويض فترات العجز.
وعزا الوردي هذا التراجع في الموارد المائية إلى عوامل بشرية مرتبطة بالأنشطة الاقتصادية، خصوصاً الفلاحة والسياحة والاستهلاك المنزلي، مبرزاً أن ساكنة دادس تستفيد من تغطية مائية تصل إلى 90%، إلى جانب عوامل طبيعية متمثلة في ارتفاع درجات الحرارة وانخفاض التساقطات.
وبناء على توقعات مناخية مستقبلية، أوضح المتحدث أن المنطقة قد تعرف انخفاضاً في معدل التساقطات المطرية بنسبة تتراوح ما بين 10 و40% خلال الفترة الممتدة بين 2036 و2070، مقارنة بالفترة المرجعية 1961-1990، مشيراً أيضاً إلى أن الحرارة قد تشهد ارتفاعاً قد يتجاوز درجتين مئويتين بين سنتي 2036 و2050.
ودعا الباحث إلى اتخاذ مجموعة من الإجراءات العاجلة لتحسين الوضع، أبرزها تدبير العرض المائي، والاهتمام بالبنيات التحتية كالسدود الكبرى والصغرى، وإنشاء السدود التلية، وهيكلة المنشآت الموجودة مثل سد أوسكيس، مع محاربة التسربات المائية في شبكات التوزيع وتحسين مردودية شبكات نقل المياه المخصصة للسقي.
كما شدد الوردي على أهمية تحويل المياه بين المناطق في إطار التضامن المجالي، وإعادة تدوير واستعمال المياه المستعملة، إضافة إلى تجميع مياه الأمطار ما أمكن واستعمالها في الفلاحة، وتعزيز القدرات البشرية والتقنية في مجال المراقبة والتتبع والتوقع المناخي.
وأوصى أيضاً بالاستعداد المبكر للكوارث الطبيعية، وربط التوقعات المناخية باتخاذ القرار في القطاعات الحساسة، وتشجيع التدبير التشاركي للمياه المخصصة للفلاحة، وحماية الموارد المائية من جميع مصادر التلوث، والاهتمام بالزراعات المستدامة المتلائمة مع ندرة المياه، إلى جانب تعزيز القدرة على التكيف مع حالات الندرة، وإنجاز بحوث علمية دقيقة حول النظام الهيدرولوجي بالمنطقة.