اخبار المغرب
موقع كل يوم -العمق المغربي
نشر بتاريخ: ٢٣ تموز ٢٠٢٥
اعتبر عدد من النواب البرلمانيين أن مشروع القانون المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة قد يعمق الشرخ في الجسم الصحافي ويكرس الشرعية التي جاءت على أنقاضها، ويوسع مساحة اللا-توافق.
وأبرز عدد من النواب، خلال المناقشة العامة لمشروع هذا القانون بلجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب، أن هذا المشروع لم يخضع للتشاور المطلوب، مما قد يعمق، وفق تعبيرهم، الشرخ في الجسم الصحافي وتكريس الشرعية التي جاءت على أنقاضها، وتوسيع مساحة اللا-توافق، وغلبة سياسة الضبط لقطاع الصحافة والنشر بدل تنميته والنهوض به وتشجيع استقلاليته.
ونبه النواب الحكومة إلى أن الاستقلالية والتنظيم الذاتي للجسم الصحافي ليس امتيازا ممنوحا، بل هو حق دستوري ومسؤولية تاريخية، حيث أقر الفصل 28 من الدستور على حرية الصحافة واستقلالية مؤسساتها التمثيلية، ونص على تشجيع الصحافيين على تنظيم أنفسهم بشكل ديمقراطي ومستقل.
على صعيد آخر، انتقد عدد من النواب بشدة مشروع هذا القانون بعد اعتباره صادرا عن جهة متحكمة لم تعتمد المقاربة التشاركية في صياغة النص التشريعي، وأصرت على إقصاء أطراف مهنية معنية بالمشروع والموضوع، وفي هذا الصدد تساءل هؤلاء النواب عما إذا كان هذا المشروع ينطلق من منطلق تنظيمي تأطيري، أو أنه يخفي خلف سطوره رغبة في مراقبة الجسم الصحافي من الداخل؟.
وأبرزوا أن 'تساؤلهم بكون المجلس الوطني يمنح سلطات تأديبية واسعة، ولكن مقابل ذلك، يرسخ آليات انتخابية وانتدابية قد تعيد إنتاج هيمنة أقلية اقتصادية على الحقل الإعلامي، وهو ما يتناقض مع روح دستور 2011 الذي أقر بحرية الصحافة كحق دستوري لا يقبل التقييد إلا بحدود القانون وفي إطار احترام حقوق الغير'، وفق تعبيرهم.
واستغرب المعارضون لهذا المشروع من المستجدات التي جاء بها مشروع قانون رقم 026.25 يتعلق بإعادة المجلس الوطني للصحافة، حيث انتقدوا تنصيصه على 'حالة التمييز بين الصحافيين والناشرين من حيث آلية التمثيل وعدد الممثلين، مؤكدين على أن هذا التمييز من شأنه أن يقوض مبادئ الديمقراطية والتعددية والتنوع الإعلامي، كما تساءلوا عن كيفية ضمان تمثيلية الصحافة بكل أنواعها الورقية، الإلكترونية، السمعية البصرية في ظل استبعاد الهيئات الممثلة للصحافيين والتعامل معهم كأفراد، وحذف المقتضى الذي ينص على 'مراعاة تمثيلية مختلف أنواع الصحافة والإعلام'.
وأشاروا إلى أنه كان من اللازم ضمان التوازن في التمثيلية بين الصحافيين والناشرين، ومنح الصحافيين الذين صدرت في حقهم عقوبة سحب البطاقة المهنية من طرف لجنة الأخلاقيات وقضايا التأديب من الترشح لعضوية المجلس لولاية واحدة على الأقل مما قد يعتبر تدخلا لمعالجة كثير من الإكراهات والصعوبات والمشاكل والاختلالات التي أسفرت عنها الممارسة في ظل المرحلة الأولى لتأسيس المجلس الوطني للصحافة.
وأوضح بعض النواب أن تجربة التنظيم الذاتي للمهنة بالمغرب كانت من التجارب المتقدمة في محيطه العربي والإفريقي، وكان من الواجب تقييم هذه التجربة تقييما موضوعيا ومحايدا في ضوء النماذج الناجحة في العالم، سواء في الصلاحيات أو في التركيبة أو في كيفية اختيار الأعضاء بطريقة ديمقراطية، تسمح من جهة باحترام المنظمات التمثيلية وتكريس شرعية تمثيلها، ومن جهة أخرى، التوافق حول آليات جيدة لضمان النزاهة والشفافية والكفاءة.
وسجل عدد من النواب أن هذه التجربة اليوم تراجعت وباتت تعيش أزمة غير مسبوقة، يعتبرها الكثيرون بأنها أزمة مصطنعة ومتعمدة، للالتفاف، ليس فقط على مواصلة إنضاج هذه التجربة وبعث نفس جديد فيها، بل الالتفاف على المهنة برمتها، ومحاولة السطو على قطاع الصحافة والنشر بعد أن بذل المغرب مجهودا كبيرا في سبيل تحريره وإقرار تنظيمه الذاتي، تترك فيه حرية الاختيار لمن يتولى تدبير شؤونه.
ونبهوا الحكومة إلى ضرورة الإيمان بحرية الصحافة وبالفكرة الديمقراطية، مما يستوجب عليها تحمل النقد والتحلي بإرادة سياسية في بروز مؤسسات صحافية مستقلة وقوية، بل في المقابل أن تحافظ على استقلالية المجلس الوطني للصحافة وعلى العمل الصحافي الحر والمستقل وأن لا تسيطر على الفضاء الصحافي، ضدا على الدستور وعلى القانون وعلى مكتسبات بلادنا في مجال حرية الرأي والتعبير والتعددية.
ومن أهم الانتقادات التي وجهها السيدات والسادة النواب لمشروع هذا القانون، غياب ضمانات المحاكمة العادلة داخل المساطر التأديبية وإمكانية التوظيف السياسي أو المهني للعقوبات وغياب التوازن في تركيبة اللجنة التأديبية وعدم التنصيص الصريح على إمكانية الطعن أمام القضاء الدستوري في كل العقوبات التي تمس الحق في الممارسة المهنية.
و حذر بعض النواب الحكومة من أن يختزل دور المجلس في الزجر والعقاب، مطالبين بضرورة العمل على أن يكون فضاء لتطوير المهنة، وذلك من خلال التكوين المستمر ومواكبة التطورات التكنولوجية والدفاع عن الوضعية الاجتماعية للصحافيين وإطلاق مبادرات وطنية لتشجيع القراءة الإعلامية لدى الشباب.
بينما اقترح البعض الآخر تجويد نص هذا المشروع بحذف تعيين مندوب حكومي لدى المجلس بصفة استشارية، أو التنصيص على أن وظيفته إدارة محضة، ولا تمتد إلى التوجيه أو التدخل في قرارات المجلس أو لجانه وإشراك فعلي للمجتمع المهني أو النقابي داخل المجلس حتى لا تفرغ فكرة التنظيم الذاتي من مضمونها وإشراك النقابات المهنية الأكثر تمثيلية في تركيبة المجلس'.
كما أكدوا ضرورة 'تخصيص مقاعد للصحافة الجهوية والمحلية وضمان تمثيلية النساء بما يتجاوز الحد الأدنى العددي، نحو مشاركة فعلية في كل مستويات القرار داخل المجلس وإحداث لجنة دائمة خاصة بالإعلام الرقمي وتكوين الصحافيين في تقنيات الصحافة الرقمية والتحقق من الأخبار وتشجيع الابتكار الصحفي وتثمين أدوات جديدة للحماية الرقمية'.