الأسرار الخفية في فوضى أسعار الدواء والأرباح غير الشرعية

ط.غ

في سياق جدلٍ متصاعد حول كلفة العلاج واحتدام النقاش حول عدالة تسعير الدواء في المغرب، دقّت النائبة البرلمانية عن فيدرالية اليسار الديمقراطي، فاطمة التامني، ناقوس الخطر بخصوص ما وصفته بـ”اختلالات عميقة” تُشوب منظومة تحديد أسعار الأدوية، وتفتح الباب أمام أرباح “غير مشروعة” تجنيها شركات وطنية ودولية على حساب المرضى وأنظمة التأمين الصحي.

وفي سؤال كتابي موجّه إلى وزير الصحة، أمين التهراوي، لفتت التامني إلى أن أسعار عدد من الأدوية “تواصل ارتفاعها بشكل غير مبرّر”، رغم وجود إطار قانوني صارم يُفترض أن يضبط هذه العملية، وعلى رأسه المرسوم المنظم لسعر البيع للعموم (PPV) المنبثق عن مدونة الأدوية والصيدلة. وأشارت إلى أن هذا الارتفاع بات يثقل كاهل الأسر المغربية، ويُقوّض مبدأ الولوج المتكافئ للعلاج.

وكشفت البرلمانية أن معطيات وتقارير رسمية أظهرت “ثغرات خطيرة” في احترام مساطر التسعير، خصوصاً في ما يتعلق بالأدوية المستوردة، سواء من حيث التصريح بقيمتها الحقيقية لدى الجمارك أو عند مقارنتها بأسعار الدول المرجعية المحددة في المادة الثالثة من المرسوم. هذه الثغرات تضيف التامني  أتاحت لشركات الأدوية تحقيق أرباح وصفتها بـ”غير المستحقة” تتجاوز سنوياً 1.5 مليار درهم، في ظل غياب رقابة فعالة من الجهات المعنية.

وتوقفت التامني عند الانعكاسات المالية لهذه الممارسات على أنظمة التأمين الإجباري عن المرض، مؤكدة أن الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي (CNOPS) يعيش حالة استنزاف متسارعة، إذ تراجعت احتياطياته من 11 مليار درهم سنة 2020 إلى حوالي 4 مليارات درهم حالياً، محذّرة من استمرار هذا المنحى إذا لم تُراجع آليات التسعير الحالية.

وطالبت النائبة وزيرَ الصحة بتوضيح الخطوات المتخذة لفرض التطبيق الصارم لمقتضيات مرسوم تسعير الأدوية، خصوصاً في ما يتعلق بمراقبة الأدوية المستوردة، مع مساءلته عن تقدير الوزارة لحجم الأرباح التي راكمتها الشركات نتيجة هذه الاختلالات.

كما دعت التامني الحكومة إلى الإعلان عن خطة عاجلة لحماية القدرة الشرائية للمواطنين وضمان استدامة أنظمة التأمين الصحي، وكشفت عن انتظارها تحديد موعد واضح لمراجعة شاملة لمنظومة تسعير الأدوية بما يحقق الشفافية والتنافسية ويضع حداً لارتفاع الأسعار غير المبرر.