اخبار المغرب
موقع كل يوم -اندبندنت عربية
نشر بتاريخ: ٢٩ تموز ٢٠٢٤
ارتفعت المساحة المزروعة قانوناً عشر مرات بعد تشريع تدريجي لأغراض طبية وصناعية
بعد العيش لعقود في أجواء من 'الخوف والسرية' أصبح المزارع المغربي عبدالسلام إيشو يمارس زراعة القنب الهندي 'في وضح النهار' للعام الثاني على التوالي، مستفيداً من التشريع التدريجي لهذه الزراعة لأغراض طبية وصناعية.
فعلى رغم منعها منذ 1954، ظلت هذه النبتة تزرع بشكل غير قانوني في جبال الريف بشمال المغرب، ليستخرج منها مخدر الحشيشة الذي يهرب خصوصاً نحو أوروبا، إذ يعد المغرب من أكبر منتجيها في العالم.
لكن مزارعي تلك القرى الفقيرة باتوا قادرين على ممارسة هذه الزراعة بشكل قانوني في ثلاثة من أقاليم جهة الريف، بعد أن أقرت المغرب في العام 2021 قانوناً ينظم الاستخدامات الطبية والصناعية للقنب الهندي.
يقول عبدالسلام البالغ 48 سنة 'لم أكن أتخيل يوماً أننا سنزرع الكيف (القنب الهندي) من دون خوف ولا قلق من الاعتقال، أو التعرض للسرقة أو عدم التمكن من بيع المحصول'، وهو يعيش في قرية المنصورة بإقليم شفشاون (نحو 300 كيلومتر شمال الرباط).
يهدف هذا الاتجاه إلى مكافحة الاتجار بالمخدرات وحجز موقع في السوق الدولية للاستعمالات الصناعية للقنب الهندي، فضلاً عن إنماء منطقة الريف حيث تعيش 80 إلى 120 ألف أسرة على عائدات زراعته غير القانونية، بحسب التقديرات الرسمية.
العام الماضي بلغ مجمل المحصول القانوني 296 طناً، وفق الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي. ويختلف عن المحاصيل التي تحول إلى حشيشة، باحتوائه نسبة جد منخفضة من المادة المخدرة (تي إش سي).
حرية وكرامة
قبل إقرار القانون كان نشاط هؤلاء المزارعين أشبه 'بالعيش في غابة وفوضى، أما اليوم فصرنا نعمل بحرية وكرامة'، كما يقول عبدالسلام مستعرضاً بفخر حقل القنب الهندي الأخضر.
واستطاع العام الماضي جني 'محصول قياسي من نحو ثمانية أطنان في حقل مساحته هكتار واحد'، على ما يوضح.
وقد باع هذا المحصول في مقابل 80 درهما للكيلوغرام (نحو 8 دولارت) إلى شركة مغربية تستعمله في إنتاج مكملات غذائية.
عند دخول القانون حيز التنفيذ العام 2023 كان عبدالسلام إيشو المزارع الوحيد في قريته الذي انخرط في المشروع، بينما صار عددهم الآن نحو 70 مزارعا، على ما يؤكد.
ينطبق هذا الأمر إجمالاً على قرى الأقاليم الثلاثة المرخص فيها بزراعة القنب الهندي وهي الحسيمة وشفشاون وتاونات (شمال)، حيث ارتفع عدد المزارعين المنخرطين في الزراعة القانونية من 430 إلى 3000، وفق الوكالة المتخصصة.
من بين هؤلاء التحق المزارع سعيد الكدار البالغ 47 سنة بتعاونية تضم نحو عشرة مزارعين، على رغم 'كثير من المخاوف والتساؤلات في البداية'، لكنها على ما يقول 'تبددت شيئاً فشيئاً لأن التقنين في نهاية المطاف هو الطريق الصحيح الذي يجب اتباعه'.
زيادة المساحة المزروعة
كذلك، ارتفعت المساحة المزروعة قانوناً عشر مرات، لتنتقل من 286 هكتار في العام 2023 إلى 2700 هكتار هذا العام.
لكنها تبقى بعيدة كثيراً عن مساحة 55 ألف هكتار كانت تغطيها الزراعة غير القانونية للقنب الهندي العام 2019.
ويضيف سعيد 'لدي الكثير من الأمل'، مؤكداً أن حياته الجديدة 'لا يمكن إلا أن تكون أفضل من العيش في حالة من عدم الاستقرار والسرية'.
وكان يحضر بذور قنب هندي مستوردة من الخارج لتنمو تحت غطاء بلاستيكي، في انتظار حصادها في أكتوبر (تشرين الأول).
ويقول عبدالسلام إيشو انه سيتم حصاد محاصيل من بذرة القنب الهندي المحلية، المعروفة باسم 'البلدية'، للمرة الأولى بشكل قانوني في أغسطس (آب) في حين حيث اقتصرت محاصيل العام الماضي على البذور المستوردة.
ويوضح قائلاً 'القنب الهندي موجود في كل مكان لكن البذرة البلدية ميزة بالنسبة لنا علينا تثمينها إلى أقصى حد'.
لتحقيق ذلك استطاع إقناع 58 مزارعاً بتشكيل تعاونية متخصصة في زراعة القنب الهندي محلي الأصل.
قطاع جذاب
بموازاة ذلك، أصدرت الوكالة المتخصصة أكثر من 200 ترخيص لشركات تعمل في تصنيع منتجات القنب الهندي، أو في تصديرها أو استيراد بذور النبتة.
في بلدة باب برد قرب شفشاون استغل عزيز مخلوف هذه الفرص ليفتتح مصنعاً، يوظف 24 عاملاً، ينتج مواد مختلفة من القنب الهندي، تشمل الزيوت ومستحضرات التجميل ودقيقاً ومكملات غذائية.
ويعرب مخلوف عن تفاؤله قائلاً 'يمكن استخلاص عدة أشياء من القنب الهندي، إنه قطاع جذاب'.
لكن السلطات تدرك أن تنظيم هذا المجال يتيح 'بناء اقتصاد موثوق قادر على الصمود، بشكل تدريجي'، كما يوضح مدير الوكالة المتخصصة بالتقنين محمد الكروج. ويشدد على أن 'الهدف الأول هو تحسين مستوى عيش المزارعين'.
بحسب دراسات رسمية يمكنهم أن يحققوا ما يعادل 12 في المئة من إيرادات القطاع المنظم، في مقابل '4 في المئة فقط من السوق غير القانونية' التي يسيطر عليها المهربون.
ويختم الكروج مؤكداً أن الأهم هو تمكين المزارعين 'من الخروج من الظل إلى النور'.
اعترفت الأمم المتحدة في عام 2020 بالفائدة الطبية للقنب الذي كان مدرجا سابقاً ضمن المواد الأفيونية القاتلة والمسببة للإدمان، بما في ذلك الهيروين، والتي لها أغراض علاجية ضئيلة أو معدومة.