اخبار المغرب
موقع كل يوم -العمق المغربي
نشر بتاريخ: ١٣ أيار ٢٠٢٥
كشفت دراسة حديثة بعنوان 'تغطية الصحافة المغربية للهجرات الأجنبية' أعدها الباحث محمد كريم بوخصاص بتنسيق مع الشبكة المغربية لصحافيي الهجرات، عن اختلالات بنيوية في طريقة تناول الإعلام المغربي لقضايا الهجرة، أبرزها تكريس الصور النمطية، والوقوع في التهويل، بما يسهم في تعزيز التمييز والتصوّرات السلبية تجاه المهاجرين الأجانب بالمغرب.
ووقفت الدراسة، التي اعتمدت على تحليل 187 مادة صحفية نُشرت بين دجنبر 2023 ويونيو 2024 في 31 وسيلة إعلامية ورقية ورقمية، على استمرار اعتماد الصحافة المغربية على أساليب تعميمية تفتقر إلى الدقة، خصوصا عند الحديث عن المهاجرين في سياق الجريمة أو التوترات الأمنية.
ورصدت الدراسة، التي تمت بدعم من مؤسسة CCCFD-Terres Solidaires، وبمساهمة كل من سناء بكر، إيمان بلامين، وصلاح الدين لمعيزي، ميلا واضحا للإعلام نحو الإشارة إلى الأصل الجغرافي لمرتكب الجريمة عندما يكون أجنبيا، وهو ما يُكرّس في ذهن الجمهور صورة نمطية تربط بين المهاجر والجريمة.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، إذ سجّلت الدراسة وقوع بعض المنابر الإعلامية في خطاب التهويل، من خلال تقديم المهاجرين كتهديد محتمل للنظام العام أو الأمن الوطني، في غياب مقاربة إنسانية أو تحليلية تضع الظاهرة في سياقها الاجتماعي والاقتصادي، حيث تجلّى هذا التهويل في استخدام عبارات مبالغ فيها، وفي تقديم المعلومة بطريقة توحي بالخطر الوشيك، وهو ما يعزز مشاعر الخوف من الأجانب ويغذي خطابات الكراهية.
وفي ما يخص نوعية المواضيع المطروحة، بيّنت الدراسة أن الاهتمام الأكبر للإعلام ينصب على الهجرة غير النظامية، خاصة أخبار التوقيف والملاحقة، ما يجعل المعالجة الإعلامية تنحصر في الأبعاد الأمنية. كما لاحظت الدراسة أن المعالجة نادرا ما تشمل الهجرة النظامية أو أوضاع اللاجئين، ما يجعل جزءا كبيرا من واقع الهجرة غائبا عن أجندة الإعلام.
من ناحية أخرى، كشفت الدراسة عن ضعف فادح في تمثيل أصوات المهاجرين أنفسهم داخل المحتوى الإعلامي، إذ غالبا ما تعتمد التغطيات على مصادر رسمية فقط، من دون منح المهاجرين فرصة للتعبير عن آرائهم أو رواية تجاربهم، ما يحوّلهم إلى موضوع للحديث بدل أن يكونوا فاعلين فيه، ويتفاقم التغييب عندما يتعلق الأمر بالنساء المهاجرات أو الفئات الهشة، مثل القاصرين أو ضحايا العنف، حيث رصدت الدراسة غيابا شبه تام لتمثيلهم في وسائل الإعلام.
وفي ظل هذا الوضع، خلصت الدراسة إلى أن الإعلام المغربي لا يكتفي فقط بالتغطية المناسباتية لقضايا الهجرة، بل يعيد إنتاج نفس السرديات ويعتمد في الغالب على البلاغات الرسمية والمصادر الحكومية، ما يؤدي إلى معالجات سطحية تفتقر إلى العمق والاستقصاء، وتفشل في تقديم صورة متوازنة وشاملة.
وعلى الرغم من بعض المحاولات المحدودة لبعض المنابر الإعلامية لكسر هذا النمط، فإن الدراسة تؤكد أن ظاهرة الصور النمطية والتهويل تظل سائدة، وهو ما يتطلب بحسب الباحثين تدخلات عاجلة على مستوى التكوين الإعلامي، وتطوير خطابات مهنية تراعي أخلاقيات التغطية الصحفية في قضايا الهجرة، وتسهم في بناء وعي جماعي أكثر إنصافًا وإنسانية تجاه المهاجرين.