اخبار المغرب
موقع كل يوم -العمق المغربي
نشر بتاريخ: ٤ حزيران ٢٠٢٥
أكد الدكتور رشيد الكنوني، الباحث في علم النفس الاجتماعي، والخبير في قضايا الإعاقة، والمدير السابق للنهوض بحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة بوزارة الأسرة والتضامن، أن التمثلات المرتبطة بالإعاقة لا تُعد مجرد أفكار عابرة أو مواقف فردية، بل تشكل منظومات ذهنية وثقافية راسخة تتكون عبر التنشئة الاجتماعية، وتنعكس في الخطاب الإعلامي والمقررات الدراسية والممارسات اليومية داخل الأسرة والمدرسة والإدارة.
وأوضح الكنوني، في مداخلته خلال الندوة العلمية التي نظمها المعهد الوطني للعمل الاجتماعي بطنجة، في إطار الحملة الوطنية الأولى لإذكاء الوعي حول الإعاقة التي أطلقتها وزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، أن التمثلات المشحونة بالشفقة أو النقص أو الخوف تمثل شكلا من أشكال العنف الرمزي غير المرئي، لكنه الأكثر تأثيرا في تكريس الإقصاء وإعادة إنتاج الهشاشة.
وأشار إلى أن الكثير من أشكال العنف التي يواجهها الأشخاص في وضعية إعاقة لا تُمارس جسديا، بل تظهر من خلال النظرة، واللغة، والتجاهل، وهو ما يجعل التحدي الحقيقي ذا طابع ثقافي ونفسي بالدرجة الأولى.
وسجل الباحث أن عددا من السياسات العمومية الموجهة للأشخاص في وضعية إعاقة فشلت أو تم عرقلتها بسبب التمثلات السلبية التي يحملها حتى من يُفترض أنهم معنيون بتفعيل تلك السياسات، داعيا إلى مرافقة الإصلاحات القانونية بإصلاح الوعي الجماعي. وشدد في هذا الصدد على أن الإدماج لا يمكن أن يتحقق فقط عبر النصوص، بل لا بد أن يستند إلى أساس وجداني وإنساني جديد يؤمن بالكرامة والقدرة، وليس بالإحسان والتمييز الإيجابي المجرد من القناعة.
ولفت الكنوني إلى أن الفتاة في وضعية إعاقة تعيش إعاقة مزدوجة، نتيجة تداخل الصور النمطية المرتبطة بالنوع الاجتماعي مع تلك المرتبطة بالإعاقة، ما يجعلها أكثر عرضة للعنف الرمزي والمادي، خصوصا داخل الأسرة، حيث تُمنع من فرص التعليم والتكوين والمشاركة المجتمعية، وتُختزل أدوارها في نطاقات ضيقة تحد من استقلاليتها.
واختتم الدكتور الكنوني مداخلته بدعوة صريحة إلى تشجيع البحث العلمي الميداني حول تمثلات المجتمع المغربي للإعاقة، وما تنتجه من عنف معلن أو صامت، مع التأكيد على ضرورة إدماج هذا البعد في صياغة السياسات العمومية، من خلال فهم محددات نظرة المجتمع قبل معالجة آثارها. وختم بالتشديد على أن بناء ثقافة دامجة لا يبدأ من سن القوانين، بل من نقد الصور الذهنية الراسخة، وإعادة تشكيل الوعي الجماعي على أسس المساواة والاحترام.