تعاطي المخدرات والعنف محور مائدة مستديرة بالمضيق

احتضنت مدينة المضيق  أول أمس الخميس، مائدة مستديرة حول موضوع 'تعاطي المخدرات والعنف: قراءة جماعية في الأسباب والحلول الممكنة'، من تنظيم جمعية بسمة الخير، وبشراكة مع شعبة علم النفس الإكلينيكيّ بكلية الآداب – تطوان.

وشارك في هذه المائدة المستديرة، فاعلون في مجالات متعددة، ويتعلق الأمر بممثلين عن شعبة علم النفس الإكلينيكي، أساتذة باحثون، ممثل عن قطاع التعليم، الجمعية الوطنية للتقليص من مخاطر المخدرات بالمغرب، وطلبة باحثين.

وتهدف هذه المبادرة إلى خلق مساحة من تشخيص علمي وميداني للظاهرة، وتبادل ّ التجارب، واقتراح حلول واقعية تأخذ بعين الاعتبار خصوصية السياق المحلي.

وجاء هذا اللقاء في سياق الحاجة الملحة إلى معالجة الظواهر المتنامية المرتبطة بتعاطي المخدرات والعنف، لا سيما في أوساط الشباب، وما تخلفه من آثار نفسية واجتماعية وأمنية، وقد شكلت هذه المائدة المستديرة فرصة لفتح نقاش جماعي ومقاربة متعددة التخصصات تهم الجوانب النفسية والتربوية والقانونية والاجتماعية.

المداخلات تناولت مجموعة من المقاربات التي يمكن أن تساهم في فهم المشكل والبحث عن حلول واقعية يمكنها أن تساهم في الحد من الظاهرة التي انتشرت بشكل كبير في أوساط الشباب وأصبحت تدق ناقوس الخطر.

وفي هذا السياقـ قدم الدكتور عبد الفتاح الرخاء، أستاذ علم النفس بجامعة عبد المالك السعدي، مداخلة تحت عنوان 'العوامل النفسية المسببة للإدمان والعنف، وطرق التدخل النفسي الفعالة'، حيث استعرض البنية النفسية للمدمن وسياقات العنف النفسي والاجتماعي، مشددا على أهمية التدخل العلاجي المندمج، حيث أكد الدكتور أن العوامل المؤثرة في إقدام الشباب على تعاطي المخدرات، لا تقتصر على عامل واحد بل هي متعددة منها البيولوجي، والشخصي والنفسي.

المديرية الإقليمية للتربية الوطنية والتعليم الأولي بالمضيق الفنيدق، تناولت في مداخلتها 'استراتيجيات الوقاية من المخدرات والعنف في المؤسسات التعليمية'، من خلال عرض برامج الدعم النفسي والأنشطة التربوية المواكبة لتلاميذ في وضعية هشاشة.

من جهتها، تطرقت زكية بوقديد، مديرة مركز مريم للتكوين بالتدرج المهني، إلى موضوع 'التكوين المهني بالتدرج كآلية من آليات وقاية الشباب المنقطع عن الدراسة'، مسلطة الضوء على أهمية الإدماج الاقتصادي في الوقاية من الانحراف.

فيما تناول الدكتور رشيد بلزعر أستاذ محاضر في التواصل، موضوع التمثلات الموجودة في المجتمع حول متعاطي المخدرات، حيث أكد أن الخطوة الأولى للحد من هذه الظاهرة هي العمل على تغيير الصورة النمطية للمتعاطي في المجتمع، وفتح باب النقاش والتواصل لفك العزلة عن هذه الفئة والعمل على إدماجها في المجتمع من خلال اقتراحه لمجموعة من الحلول التي اعتبرها حلولا نسبية لن تثبت نجاعتها إلا إذا تم تنزيلها على أرض الواقع، أهمها العمل على نشر الوعي بضرورة احتضان هاته الفئة من طرف المجتمع، وكذا تقديم الدعم النفسي لها ولأسرها التي تحتاج بدورها للدعم لأن معاناتها لا تختلف عن معاناة المتعاطي بل قد تفوقها، مضيفا أن البحث للمتعافين عن فرص عمل يعد أمرا مهما وضروريا، لأن الفراغ قد يعيدهم لنفس الدوامة.

المحامية رجاء الأندلسي، تناولت 'الإطار القانوني لمكافحة المخدرات والعنف'، مركزة على التحديات التي تعوق تفعيل الترسانة القانونية، والحاجة إلى تحديث بعض النصوص القانونية. في حين تناولت مداخلة هشام المرنيسي، المنسق الوطني لمشروع تقليص مخاطر المخدرات، بعض الإحصائيات حول انتشار داء السيدا عند المتعاطين، حيث أن معدل الانتشار يفوق المعدل الوطني بكثير، مؤكدا على أنه لا يمكن الحديث عن حل نهائي للظاهرة لكن النهج المعتمد يركز على اعتماد الوقاية كحل.

وأضاف المتحدث ذاته، أن النهج الشمولي في التعاطي مع الظاهرة يمكنه أن يحد منها ويقلص من الأمراض المنتقلة بين الفئات التي تتعاطى المخدرات خصوصا عن طريق الحقن.

يوسف برهيش، طالب باحث في علم الاجتماع، بدوه قام بعرض نتائج دراسة ميدانية حول تعاطي المخدرات والعنف في الأوساط الشبابية، مشيرا إلى توصيات عملية ركزت على أهمية الإنصات والتقارب مع الفئات الهشة.

وخصصت الجلسة الختامية للمائدة المستديرة، لصياغة مجموعة من التوصيات، شارك فيها مختلف الحاضرين، ومن أبرزها ضرورة اعتماد مقاربة تشاركية متعددة الفاعلين لمواجهة ظاهرة تعاطي المخدرات والعنف، إدماج التحسيس بمخاطر المخدرات ضمن المقررات الدراسية والأنشطة التربوية، تعزيز الموارد البشرية العاملة في الدعم النفسي داخل المؤسسات التعليمية، دعم المبادرات الجمعوية التي تستهدف الشباب في وضعية هشاشة، تشجيع البحث العلمي حول الظاهرة وربط نتائجه بالسياسات المحلية.

وختتمت المائدة المستديرة بكلمة لوفاء البوفراحي رئيسة جمعية بسمة الخير التي أكدت على أهمية مثل هاته المناسبات للتواصل وتبادل الآراء بين مختلف المشاركين من فاعلين مؤسساتيين وأكاديميين وطلبة، وممثلي المجتمع المدني، مشدّدة على ضرورة مواصلة هذا النوع من اللقاءات الحوارية الداعمة للتخطيط التشاركي المبني على المعرفة والبحث العلمي.

انضم إلينا واحصل على نشراتنا الإخبارية