اخبار المغرب
موقع كل يوم -العمق المغربي
نشر بتاريخ: ٣ حزيران ٢٠٢٥
تعاني العديد من الأحياء الواقعة ضمن النفوذ الترابي لمقاطعة سيدي مومن بمدينة الدار البيضاء من تفش مقلق وغير مسبوق لحشرة البعوض (الناموس) وعدد من الحشرات الضارة الأخرى، ما تسبب في معاناة يومية للسكان، خاصة مع ارتفاع درجات الحرارة، الأمر الذي بات يقض مضجعهم ويؤثر بشكل سلبي على جودة حياتهم.
ورغم النداءات المتكررة التي وجهتها الساكنة للسلطات المحلية والجهات المسؤولة، إلا أن الوضع لا يزال على حاله، بل يزداد سوءا يوما بعد يوم، حسب قول الساكنة، ما خلف حالة من الاستياء والقلق الشديدين لدى المواطنين، الذين أصبحوا مهددين بمخاطر صحية وبيئية، خاصة فئة الأطفال وكبار السن الذين يعتبرون الأكثر عرضة للأمراض المرتبطة بلدغات هذه الحشرات.
في هذا السياق، عبر عدد من السكان عن تذمرهم من غياب تدخلات فعالة واستباقية من طرف المصالح المعنية بمكافحة نواقل الأمراض، حيث أشار بعضهم إلى أن انتشار البعوض بهذه الحدة في أحياء مثل 'النهضة'، 'السلام 1″، و'السلام 2' يعود بالأساس إلى عوامل عدة، أبرزها البناء العشوائي، وتكدس النفايات، إلى جانب ضعف التغطية بالمساحات الخضراء التي تلعب دورا كبيرا في تحقيق توازن بيئي يقلل من فرص تكاثر الحشرات.
من جهتها، انتقدت فعاليات جمعوية وسياسية محلية بطء وتيرة التحرك من قبل الجهات المختصة، معتبرة أن هذه الظاهرة لم تعد مسألة موسمية عابرة، بل أصبحت إشكالية بيئية متجذرة تتطلب استراتيجية شاملة ومقاربة متعددة الأبعاد للحد منها بشكل نهائي.
وطالبت هذه الأصوات بإطلاق حملات تطهير شاملة تشمل المبيدات والمصائد، وكذا تنظيف مجاري المياه الراكدة، وتوفير تجهيزات تساهم في تجفيف الأماكن الرطبة التي تشكل بيئة خصبة لتكاثر الحشرات.
وفي السياق ذاته، دعا مهتمون بالشأن المحلي إلى ضرورة تحمل مجلس مقاطعة سيدي مومن لمسؤولياته الكاملة في هذا الملف، من خلال تكثيف عمليات الرش بالمبيدات، وتعزيز مراقبة النظافة العمومية، وإطلاق برامج تحسيسية لفائدة المواطنين حول كيفية الوقاية من تكاثر الحشرات داخل البيوت وفي المحيط الخارجي.
كما شدد المتحدثون على ضرورة معالجة الأسباب الجذرية للمشكل، وعلى رأسها القضاء على النقاط السوداء التي تعرف تجمع المياه الراكدة، ومراقبة الأوراش العشوائية التي تفتقر للبنيات الأساسية للصرف الصحي، إلى جانب تحسين خدمات النظافة وتكثيف حملات جمع النفايات، التي تتحول في كثير من الأحيان إلى بؤر لتوالد الحشرات.
عبر يوسف سميهرو، المستشار الجماعي بمقاطعة سيدي مومن، عن قلقه العميق إزاء تفاقم ظاهرة انتشار البعوض في المنطقة، مشيرا إلى أن هذه الحشرة باتت تشكل مصدر إزعاج يومي لسكان المقاطعة، خاصة في ظل ضعف وتيرة التدخلات الميدانية التي لم ترقَ إلى مستوى حجم المشكلة.
وأوضح سميهرو، في تصريح لجريدة 'العمق المغربي'، أن معاناة المواطنين مع هذه الحشرة ليست وليدة اللحظة، بل تعود إلى مدة طويلة، حيث تم رصد تفش ملحوظ للبعوض في عدد من أحياء سيدي مومن، دون أن تكون هناك تحركات فعالة أو حلول جذرية من طرف السلطات المعنية.
وأكد المتحدث ذاته أن مقاطعة سيدي مومن تعاني من غياب آليات عمل مستقلة تمكّنها من التدخل العاجل وتنظيم حملات منتظمة لمكافحة الحشرات، مشددًا على أن مثل هذه الظواهر البيئية تحتاج إلى مقاربات شمولية واستباقية، وليس فقط حلولاً ترقيعية أو موسمية لا تفي بالغرض.
واعتبر المستشار أن محدودية الموارد والتنسيق الضعيف بين المصالح الجماعية والجهات المختصة فاقم من الوضع، مما يعكس ضعف الحكامة المحلية في التعامل مع الأزمات البيئية.
وأوضح سميهرو أن انتشار البعوض بشكل كبير يعود إلى عدة عوامل مترابطة، أبرزها البناء العشوائي الذي يعرف تزايدًا مستمرًا في المنطقة، والذي يفتقر إلى البنية التحتية المناسبة من قنوات الصرف الصحي ومجاري المياه، ما يخلق بيئة مثالية لتكاثر البعوض.
و أيضا إلى أن تراكم النفايات بشكل غير منظم في عدد من النقاط السوداء، وغياب المساحات الخضراء الكافية، يساهمان بشكل مباشر في تفاقم الظاهرة.
ولفت سميهرو إلى أن سكان سيدي مومن عبّروا، في عدة مناسبات، عن استيائهم الكبير من هذا الوضع، من خلال شكايات مباشرة إلى السلطات المحلية أو عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي.
وطالب السكان بتسخير كافة الوسائل التقنية واللوجستيكية للقضاء على هذه الحشرات، التي باتت تؤثر سلبًا على حياتهم اليومية، خصوصًا خلال فترات الليل وفصل الصيف.
ودعا المستشار الجماعي إلى ضرورة إعادة النظر في البنية التحتية البيئية للمنطقة، من خلال تعزيز الفضاءات الخضراء، وتكثيف عمليات التشجير في الشوارع الرئيسية والفرعية، إلى جانب تحسين تدبير النفايات وتكثيف حملات النظافة.
وشدد على أهمية وضع خطة جماعية واضحة المعالم تهدف إلى الوقاية من مثل هذه الظواهر، وليس فقط الاستجابة لها بعد وقوعها، معتبرًا أن الصحة العامة وجودة الحياة داخل المجال الحضري يجب أن تكون من أولويات العمل الجماعي المحلي.