هل بات التعديل الحكومي في المغرب ضرورة سياسية؟

مجلة فرنسية كشفت قرب إجرائه ومراقبون: ضعف المردود الاقتصادي يفرض البحث عن كفاءات وطنية

ألقت مجلة 'جون أفريك' الفرنسية حجراً مفاجئاً في بركة المشهد السياسي في المغرب، بالكشف عن قرب إجراء تعديل حكومي في البلاد بناء على مصادرها الخاصة المطلعة.

وتعد المجلة الفرنسية مقربة من صناع القرار في المغرب، مما يضفي على الخبر الذي نشرته أخيراً نوعاً من الصدقية، وهو ما يفسر اهتمام عدد من السياسيين ووسائل الإعلام المغربية بخبر التعديل الحكومي الوشيك.

وأوردت 'جون أفريك' مستندة إلى مصادر مطلعة أن التعديل الحكومي المرتقب سيشمل وزيري العدل والتعليم العالي، مرجحة أن يتسع التعديل ليضم مناصب وزارية أخرى لم تذكر تفاصيل عنها.

ووفق المصدر عينه فإن التعديل الحكومي سيعلن قبل نهاية شهر أغسطس (آب) الحالي، مبرزاً أن مشاورات في هذا الصدد تمت بين رئيس الحكومة عزيز أخنوش والمستشار الملكي فؤاد علي الهمة يوم الخامس من أغسطس، وبأن هذه التفاهمات كانت بتوجيه من الملك محمد السادس الموجود في فرنسا منذ فترة.

تحديات اقتصادية ضاغطة 

ويقول أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري الحبيب استاتي زين الدين لـ 'اندبندنت عربية' 'ليس هناك حكومة في المغرب محصنة ضد قرار التعديل ضيقاً كان أو موسعاً'.

وتابع استاتي، 'المملكة تعيش اليوم على غرار ما تشهده بلدان العالم، بخاصة النامية أو التي تسير في طريق النمو، على وقع تحديات اقتصادية واجتماعية ضاغطة غير مسبوقة، إذ بعد أن كان هناك أمل في تفعيل مخطط النموذج التنموي الجديد والعودة التدريجية للحياة الطبيعية جراء تخفيف القيود الصحية، برزت على العكس خيبة أمل اقتصادية وسياسية ودخول اضطراري إلى مرحلة من اللايقين والفوضى بعد اندلاع الحرب في أوكرانيا، جعلت الاقتصادات الناشئة تعيش وضعاً معقداً تحيط به المخاوف والأخطار من كل جانب'.

يكمل استاتي 'المتوقع أن يطاول التعديل من سجل في حقه التأخر في إنجاز البرامج أو خانته القدرة على التخطيط السليم بعيد المدى، أو اتخذ المسؤولية الوزارية طريقاً لتحقيق مصالحه الشخصية'.

التخفيف من الاحتقان

من جهته، يرى الأستاذ بجامعة مراكش محمد نشطاوي أن الأوضاع السياسية والاقتصادية في المغرب تقتضي بالفعل إجراء تعديل حكومي، خصوصاً وزيرا العدل والتعليم العالي.

ويضيف نشطاوي شارحاً، 'وزيرا العدل والتعليم العالي شخصيتان مثيرتان للجدل، فبخصوص الأخير انخرط في فرنسة التعليم العالي واستهداف برنامج ’الباشلر‘ (نظام البكالوريوس الذي تم التراجع عنه)، فضلاً عن توتر علاقاته مع النقابة الوطنية للتعليم العالي بخصوص النظام الأساس للأساتذة الباحثين'.

وزاد نشطاوي بأنه كانت هناك أيضاً انتقادات حول طريقة وزير التعليم العالي في تدبير إدارته، إذ أقدم على استبدال أكثر من 38 منصباً في ظرف قياسي وهو أمر لم يحصل في تاريخ الوزارة، علاوة على الانتقادات التي رافقت ملفات التعيينات في عدد من الجامعات.

واسترسل المتحدث بأنه بخصوص وزير العدل فقد انخرط في عدد من النقاشات التي أثارت نوعاً من السجال والتوتر داخل المجتمع، بخاصة آراؤه في ملفات حساسة مثل الإرث والمساواة بين الجنسين.

وشدد المحلل عينه على أن هناك رغبة في تخفيف توتر المجتمع في خضم تصاعد الاحتجاجات جراء الغلاء وتأثيرات الجفاف والأزمة الروسية - الأوكرانية، من خلال استبدال عدد من الوزراء.

وتوقع الأستاذ الجامعي أن يمس التعديل الحكومي عدداً من القطاعات، لا سيما الوزراء الذين لم يقدموا القيمة المضافة في خضم رفع سقف الوعود التي قدمها حزب 'الأحرار' الذي يقود سفينة الحكومة، مبيناً أن الغاية تكمن في العمل على إعطاء دفعة للعمل الحكومي وتجاوز عدد من نقائص الأداء.

عطلة حكومية

وحاولت 'اندبندنت عربية' التواصل مع وزيري العدل والتعليم العالي غير أن هاتفيهما ظلا خارج التغطية بسبب وجودهما في العطلة الحكومية الممتدة لأسبوعين.

وكشفت مصادر حزبية مسؤولة من داخل حزب الأصالة والمعاصرة يقوده وزير العدل عبداللطيف وهبي الذي ورد اسمه بين من سيشملهم التعديل، أنه لا علم لهم بهذا التعديل الحكومي وأنه لا يمكن التعليق على ما يدور، وبأنهم طالعوا الخبر في المجلة الفرنسية مثل جميع المغاربة.