اخبار المغرب
موقع كل يوم -العمق المغربي
نشر بتاريخ: ١٤ نيسان ٢٠٢٥
كشف مصدر خاص لجريدة 'العمق' أن موضوع تقليص عدد جهات المملكة من 12 إلى 7 جهات طُرح على طاولة المجلس الحكومي، مبرزا أن هذا الملف كان قد أثير النقاش حوله في مجلس حكومي خلال دجنبر الماضي، ويجري تداوله ضمن توجهات إصلاحية تروم تعزيز النجاعة الترابية وتحقيق التوازن التنموي بين مختلف المناطق.
ويأتي هذا النقاش في سياق تقييم تجربة الجهوية المتقدمة التي انطلقت منذ سنوات، وسط دعوات لتعزيز التناسق المؤسساتي وتقليص التفاوتات المجالية، عبر إعادة النظر في التقسيم الجهوي الحالي بما يستجيب للمتغيرات الاقتصادية والاجتماعية والديمغرافية.
في وقت سابق، أكد مصدر مطلع بوزارة الداخلية أن المعطيات والتفاصيل التي يتم تداولها في الآونة الأخيرة بخصوص تقسيم إداري جديد للمملكة، هي مجرد تكهنات لا أساس لها من الصحة.وتأتي هذه التوضيحات بعدما تداول عدد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، على نطاق واسع، مزاعم وجود تقسيم إداري جديد للمملكة.
وكان المغرب قد اعتمد سنة 2015 تقسيما إداريا جديدا قلّص بموجبه عدد الجهات من 16 إلى 12، بموجب المرسوم رقم 2.15.40 الصادر في 20 فبراير من السنة ذاتها، والمنشور في الجريدة الرسمية بتاريخ 5 مارس 2015.
لكن في خضم هذا الجدل، برزت مقاربة تحليلية مغايرة قدّمت تصورا نوعيا لمسألة الجهوية، حيث دعا أستاذ العلوم الاجتماعية بجامعة محمد الخامس، سعيد بنيس، إلى إعادة النظر في التقسيم الإداري الحالي على أساس الاعتبارات الثقافية واللغوية، مقترحا تقليص عدد الجهات إلى سبع، بما يعكس بشكل أوفى التعدد الهوياتي للمغرب.
إقرأ أيضا: وزير الداخلية يتتبع تنزيل ورش الجهوية المتقدمة
وفي تصريح سابق لجريدة 'العمق'، شدد بنيس على أن الجهوية المتقدمة ينبغي أن تكون أداة لتمكين التنوع الثقافي واللغوي، معتبرا أن لكل جهة 'شخصيتها اللغوية' التي ينبغي أن تُكرّس إداريا، معتبرا أن إعادة ترسيم الحدود الجهوية بناء على الخصوصيات الثقافية واللسانية سيساهم في ترسيخ الاندماج الوطني واحترام الهوية الجماعية.
ويستند هذا التصور إلى عمله البحثي “من التعدد إلى التعددية” (2023)، حيث اقترح تصنيف الجهات الجديدة إلى سبع وحدات ثقافية-لغوية: الجهة البدوية، جهة تريفيت، الجهة الجبلية، جهة تمزيغت، الجهة العروبية، جهة تشلحيت، وجهة حسانية. ويعتمد هذا النموذج على مبدأ “ترابية الهوية”، أي أن الجهة الإدارية ينبغي أن تكون حامية وداعمة للهوية الثقافية واللغوية لمواطنيها.
ويؤكد بنيس أن هذا التصور لا يتعارض مع مقتضيات التنمية الاجتماعية والاقتصادية، بل يعززها من خلال التركيز على الهوية المحلية كرافعة للتنمية البشرية، مبرزا أن المغرب، بفسيفسائه اللغوية والثقافية، يحتاج إلى هندسة ترابية تعترف بهذا التعدد وتحتضنه في إطار موحد، ما من شأنه تقليص التوترات الهوياتية وتعزيز الانتماء الوطني عبر مقاربة أكثر شمولية للجهوية.
ويعيد هذا النقاش إلى الأذهان تجربة سابقة في تاريخ المغرب، حين تم سنة 1971 اعتماد تقسيم جهوي قُسّمت فيه البلاد إلى 7 جهات اقتصادية، وذلك بعد محدودية نتائج التقسيمات المجالية السابقة، حيث كان الهدف حينها هو تجاوز الفوارق الجهوية وتخفيف الضغط الاقتصادي والديموغرافي على محور الدار البيضاء – الرباط – القنيطرة، عبر تطبيق سياسة اللامركزية تحت إشراف الإدارة المركزية.