اخبار المغرب
موقع كل يوم -لو سيت اينفو عربي
نشر بتاريخ: ١٠ حزيران ٢٠٢٥
مصطفى وغزيف
تحولت منظومة النقل الاجتماعي بإقليم اشتوكة أيت باها، التي انطلقت كمبادرات لمعالجة إكراهات محلية، إلى نموذج وطني مرجعي في التنمية البشرية. هذه الشبكة المتكاملة، التي تشمل النقل المدرسي والصحي، تمكنت بفضل مقاربة تشاركية قادتها السلطات الإقليمية والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية في تغيير واقع حوالي 20 ألف من المستفيدات والمستفيدين. لكن هذا التحول يضع المنظومة اليوم أمام منعطف حاسم: الانتقال من منطق المشاريع المدعومة إلى نظام مستدام وتدبير رشيد لمواجهة الطلب المتزايد وتأمين ديمومة الخدمة.
النقل المدرسي: محرك التمكين الذي يبحث عن سرعته الثانية
يشكل النقل المدرسي العمود الفقري لهذه المنظومة وأكثر تجلياتها نجاحاً. بأسطول يتجاوز اليوم 300 حافلة، يتم تأمين التنقل اليومي لآلاف التلميذات والتلاميذ عبر مختلف تضاريس الإقليم، ما يساهم بشكل مباشر في تحسين مؤشرات التمدرس وتقليص الهدر المدرسي، خصوصاً في صفوف الفتيات القرويات اللواتي أُتيحت لهن فرصة استكمال دراستهن الإعدادية والثانوية..
ورغم أن هذا النجاح أصبح نموذجاً يُحتذى به جهوياً ووطنياً، إلا أنه خلق تحديات جديدة تتجاوز مجرد توفير الحافلات. الإكراهات الحالية تتركز بشكل حاد في التدبير وضمان استمرارية الخدمة. التكاليف التشغيلية المرتفعة، وصيانة الأسطول المتنامي، والحاجة إلى إدارة لوجستية معقدة، كلها عوامل تدفع إلى الدعوة الصريحة لـ'الإسراع بصياغة نموذج مقاولاتي'. هذا التوجه الجديد يعني ضرورة الانتقال بالخدمة إلى 'سرعتها الثانية'، عبر هيكلة تسييرها على أسس اقتصادية تضمن الكفاءة والاستدامة المالية، وتفتح الباب أمام شراكات مبتكرة مع الفاعلين الاقتصاديين بالإقليم لتخفيف العبء عن الميزانيات العمومية والجمعيات المحلية.
وفي ذات السياق، يبرز النقل المخصص للتلاميذ في وضعية إعاقة كدعامة أساسية للعدالة المجالية، حيث يستفيد حوالي 300 طفل من خدمات النقل للوصول إلى 10 مراكز متخصصة، ما يضمن لهم حقهم الكامل في التأهيل والتعلمات.
جسر الأمل لمرضى تصفية الدم
بيد أن أبعاد المنظومة ستكتمل بتوفير النقل لفائدة المستفيدين من خدمات مركز تصفية الدم ببيوكرى. هذه الخدمة، رغم أنها تستهدف فئة محددة، إلا أنها ذات أثر إنساني عميق، حيث تخفف بشكل ملموس من معاناة المرضى وأسرهم، وتضمن لهم الوصول إلى جلسات العلاج الحيوية في ظروف لائقة، مما يعكس فلسفة تدخل الدولة في استهداف الفئات الأكثر هشاشة بدقة وفعالية.
تحدي الاستدامة..
لكن الطريق نحو المستقل، يتطلب اليوم رؤية استشرافية لتطوير آليات التدبير. إذ أن التحدي الأكبر اليوم هو الانتقال من منطق 'المشاريع الناجحة' إلى 'منظومة مستدامة'. وهذا يستلزم إشراكاً أوسع للقطاع الخاص في إطار مسؤوليته الاجتماعية، وابتكار آليات تمويل ذاتي، وتطوير نماذج تدبير احترافية تضمن الجودة والاستمرارية. إن تجربة اشتوكة أيت باها، بكل نجاحاتها وتحدياتها، تقدم درساً وطنياً بليغاً: التنمية الحقيقية تُبنى على حلول محلية مبتكرة، لكن ديمومتها تكمن في القدرة على التطور والتكيف لمواجهة إكراهات المستقبل..
انضم إلينا واحصل على نشراتنا الإخبارية