هل يختلف عمرك البيولوجي عن عمرك الزمني؟ هذا ما يُخبرك به الذكاء الاصطناعي

وطن-تسعى مجموعة من الباحثين الفرنسيين العاملين في معهد ريتوري الفرنسي، إلى نطوير نظام ذكاء اصطناعي لتمييز العمر الفسيولوجي عن العمر الزمني، ويمكن أن تكون هذه الأداة مفيدة للغاية لمتخصصي الرعاية الصحية.

هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يتنبأ بالشيخوخة؟

ولهذا وفق ما ترجمته 'وطن'، فإنه يجب التمييز بالفعل بين العمر 'الزمني' والعمر 'البيولوجي'، أي أن العمر الزمني يتوافق مع الفترة المنقضية منذ ولادة كائن حي، معبرًا عنه عمومًا بعدد السنوات والشهور وللمولود في اليوم ولكن يعكس جزئيا فقط شيخوخة الفرد.

أما العمر البيولوجي، فتُعرّفه أكاديمية الطب على أنه حالة تشريحية ووظيفية لأعضاء الشخص بالإضافة إلى كمية الاحتياطيات الفسيولوجية التي تسمح له بالاستجابة لأي ضغوط (الإجهاد البيئي، المرض، الحوادث، الإجهاد النفسي، مثل (فقدان أحد الأحباء) ). وفي الحقيقة، اقترح بعض الخبراء تقدير العمر البيولوجي للشخص، ولكن في الوقت الحالي لا يوجد أساس علمي لأي من الأساليب الموصى بها'.

ولكن اليوم، أصبح هناك نهج جديد يجعل من الممكن بالفعل فهم الأفراد والمرضى والتنبؤ بحالتهم الصحيّة والعناية بهم بطريقة فردية. وكان هذا موضوع دراسة نُشرت في المجلة العلمية Aging Cell من قبل فريق من العلماء الدوليين بقيادة لويس كاستيلا وبول مونسارات؛ وهما أساتذة في جامعة تولوز الثالث – بول ساباتير في فسيولوجيا الحيوانات وطب الأسنان من معهد ريتوري الفرنسي.

في السياق ذاته، ذكر الباحثون أولاً أن تحديد الآليات الكامنة التي تغيّر في العمر الزمني للشخص، وهذا سببه تآكل بيولوجي يختلف باختلاف الشخص؛ وهذا هو هدف المجال العلمي الجديد الذي يريد أن يحقق في علوم الشيخوخة.

وبالتالي، أضاف الباحثون: 'من أجل النجاح في تمييز هذه الشيخوخة البيولوجية الواضحة إلى حد ما بأدق ما يمكن، اعتمد العلماء نهج التعلم الآلي، أي الذكاء الاصطناعي، من خلال التحقق في البيانات الطبية الواسعة في علم الأحياء'.

حتى الآن، كانت طرق الإحصاء الحيوي المستخدمة في أغلب الأحيان تستند إلى اختيار مختزل ومحدد للمتغيرات لتقدير الشيخوخة البيولوجية. ومع ذلك، فإنهم يكافحون لمراعاة تعقيد العلاقات بين هذه المعايير. يضاف إلى ذلك مشكلة أخرى، ففي حال لم يتم استخدام الذكاء الاصطناعي الجديد في مجال الطب الحيوي، فإن الشفافية تثار فيما يتعلق بالنتائج المحققة.

وعلى إثر ذلك، طور الباحثون إطارًا منهجيًا مبتكرًا لتحديد عمر فسيولوجي شخصي باستخدام الذكاء الاصطناعي بطريقة مختلفة. أصبحت هذه الطريقة أكثر 'شفافية' لأنها تحدد على المستوى الفردي وزن المتغيرات المستخدمة في النتيجة المعينة، وهي نقطة حاسمة في العلاج السريري في المستقبل. تم تسمية آلة حساب العمر الفسيولوجي بالذكاء الاصطناعي 'PPA'.

تم تصميم هذا الأخير على قاعدة بيانات سكانية أمريكية كبيرة جدًا؛ من 26 متغيرًا بيولوجيًا بسيطًا (الهيموجلوبين السكري، سكر الدم، بولينا الدم، إلخ) يمكن قياسها في أي مختبر تحليل طبي عن طريق الدم. وبذلك ستكون آلة حساب العمر الفسيولوجي بالذكاء الاصطناعي قادرة على التنبؤ بالأمراض المزمنة والوفيات بصرف النظر عن العمر الزمني.

وفي هذا الشأن، قال الأستاذ لويس كاستيلا والبروفيسور بول مونسارات: 'بدأ العمل منذ عامين على هذا المشروع. وفي الواقع، استخدمنا قاعدة بيانات مفتوحة، تضم 60 ألف فرد تتراوح أعمارهم بين 18 و 95 عامًا، بناءً على التحليلات البيولوجية التقليدية مثل: مستويات السكر في الدم، والكوليسترول. ولقد تم اختيار بعض  المتغيرات البسيطة عند عموم السكان، علمًا وأن قاعدة البيانات هذه أمريكية، ولا يوجد أي مثيل لها أوروبي'.

وأضاف: 'كما طُلب من آلة حساب العمر الفسيولوجي بالذكاء الاصطناعي التنبؤ بالعمر الزمني، و بالنسبة إلى 60.000 فرد ، تنقسم قاعدة البيانات إلى قسمين: جزء تعليمي والآخر يسمح باختبار النتيجة'.

جعلت النتائج الأولى التي تم الحصول عليها من الممكن ملاحظة أنه بالنسبة لغالبية الناس، هناك بالفعل اختلاف في هذا التنبؤ، ولكن هذا الاختلاف يدل على الاختلافات البيولوجية للأفراد في نفس العمر. وقال الباحثون: 'إذا أخذنا أفرادًا يبلغون من العمر 50 عامًا، فسيكون لدى البعض صورة بيولوجية لشخص يبلغ من العمر 55 عامًا. على العكس من ذلك، سيظهر البعض بعمر بيولوجي عند 45 عامًا. وبعبارة أخرى، من الممكن أن تكون أصغر أو أكبر من عمرك الزمني.

وبالتالي، فإن الذكاء الاصطناعي يفتح الطريق في المستقبل لتحديد وتشخيص مشاكل الشيخوخة مبكرًاومراقبة الأمراض المرتبطة بالعمر. لكن المؤلفين يؤكّدون  أنه لاختيار العلاج الأنسب، ستحتاج دائمًا إلى طبيب، إذ لا يُظهر الذكاء الاصطناعي أي شيء من تلقاء نفسه، بل يُنشئ الارتباطات التي يدرسها أحد المتخصصين بعد ذلك. إنها مساعدة للطبيب، لا أكثر.

في الختام، يذكر الفريق العلمي أنه يأمل على المدى الطويل أن تسمح اتفاقية PPA لمتخصصي الرعاية الصحية بالتعرف مبكرًا على مشاكل مريضه فيما يتعلّق بمسار الشيخوخة الطبيعية، وبالتالي وضع استراتيجيات مناسبة. لمنع ظهور الأمراض المزمنة أو التقليل من حدتها.

وتجدر الإشارة إلى أن الذكاء الاصطناعي (AI) هو مجال من مجالات البحث في التوسع الكامل في مجال الصحة، وإثباتًا على أن تطبيقاته ستجعل من الممكن على وجه الخصوص تحسين جودة الرعاية.