لايف ستايل
موقع كل يوم -ال عربية
نشر بتاريخ: ١١ حزيران ٢٠٢٥
يزداد اعتمادنا على تطبيقات الذكاء الاصطناعيّ أخيرًا في مجالات مختلفة، بما في ذلك، الطب، إذ يلجأ الكثيرون إلى استخدامها لمعرفة ما يعانون منه من حالات صحيّة وفقًا لعوارض يشعرون بها. ومن بين القطاعات الصحيّة التي أحدث فيها الذكاء الاصطناعيّ ثورة كبيرة، الصحّة النفسيّة، إذ يتيح التشاور مع روبوتات ومساعدين افتراضيّين ليؤدّي الدور الذي يؤدّيه المعالجين في المجال. ولكن، لا يجب على الإطلاق أن يحلّ مكانهم، وذلك لأنّ العلاج النفسيّ يتطلّب فهم الإنسان ومعرفة الكثير عن طباعه وحياته، والتعاطف معه، وهي أمور لا يمكن للذكاء الاصطناعيّ تأديتها، مهما تطوّر.
أحد أبرز الأسباب التي تدعم وجهة النظر هذه، هي غياب التعاطف الحقيقيّ مع الإنسان. فالمعالجين يتواصلون مع مرضاهم على مستوى عاطفيّ عميق، ويبذلون جهدًا كبيرًا لجعلهم يشعرون بالقبول، وحبّ الذات، والإنسانيّة المشترَكة، ليتمكّنوا من التحدّث بحريّة أكبر. وعكس ذلك، يعمل الذكاء الاصطناعيّ بالاعتماد على استجابات مبرمَجة، ولو بدا أنّه يحاكي لغة التعاطف، إلّا أنّه لا يفهم المشاعر بالمعنى الإنسانيّ، ما يعني أنّه يفتقر القدرة على الاستجابة كما ينبغي، خصوصًا في حال التعامل مع مواقف معقّدة.
من الأسباب الأخرى التي لا تجعله بديلًا مناسبًا، هي أنّ المشاكل النفسيّة تتأثّر بعوامل عدّة، مثل تفاعلات معقّدة بين تجارب سابقة وشخصيّة، والبيئة التي يعيش بها الفرد، وطرق تفكيره. فالمعالجين النفسيّين يكونون متمرّسين في تقييم ما يمرّ به المريض، حتّى وإن لم يقُل الحقيقة عن تجارب سابقة مرّ بها، وذلك من خلال نبرة الصوت ولغة الجسد والتناقضات في المعلومات التي يخبرها. أمّا الذكاء الاصطناعيّ، فهو يفتقر إلى تفسير ذلك وتحليله، حتّى في ظلّ توفّر بيانات وخوارزميات متطوّرة، وذلك لأنّه مُبَرمَج، ولا يستوعب أبدًا تفاصيل الذكريات المؤلمة والألم الصامت الذي يمرّ به الإنسان.
ولذا، أنظمة الذكاء الاصطناعيّ قد تقدّم نصائح غير مناسبة، والتي تكون مخاطرها كبيرة جدًّا، خصوصًا في حال كان يعاني الشخص من أفكار تتعلّق بإنهاء حياته، أو إيذاء نفسه. فهي قد تفشل في معالجة هذه الأزمات بالشكل المناسب، وذلك لأنّها مقيّدة ببرمجيّات معيّنة، عكس المعالجين البشر الذين يكونون متمرّسين في الاستجابة لحالات مماثلة ببروتوكولات سريعة وذكيّة. فالعلاج النفسيّ لا يقتصر على تقدمة نصائح وحسب، إنّما أيضًا بناء علاقة أساسها الثقة والراحة والشعور بالأمان، وهي مواصفات لا يمكن للروبوتات توفيرها على الإطلاق.
ولكن هذا لا يعني أنّ الذكاء الاصطناعيّ يفشل في مجال الرعاية النفسيّة، إنّما يمكن أن يكون وسيلة للمساعدة في جوانب عدّة، مثل الجدولة، وتتبّع العوارض، وتوفير تمارين سلوكيّة بين الجلسات. ومع ذلك، لا يجب أن يحلّ مكان المعالجين البشريّين، إنّما أن يكون وسيلة مساعِدة، وذلك لأنّ استبدالهم به بشكل كامل يُضعف جودة الرعاية التي ترتكز على التواصل الإنسانيّ.