لايف ستايل
موقع كل يوم -مجلة سيدتي
نشر بتاريخ: ٣٠ حزيران ٢٠٢٥
الموضةُ الإيطاليَّةُ ليست وليدةَ بيئتها، ولا يرتبطُ تأثيرها فقط بالحدودِ الجغرافيَّةِ لهذا البلدِ المتوسطي، فالموضةُ، هي الذاكرةُ الجماعيَّةُ للزمن، ولغةُ الشعوب، لذا تعكسُ القيمَ الاجتماعيَّة، كما أنها مرآةٌ لأسلوبِ حياةِ الناس، فما حكايةُ الريفييرا الإيطاليَّة؟ لقد تركت الموضةُ الإيطاليَّةُ تأثيراً كبيراً في العالمِ أجمع، وهي مرادفٌ للأناقةِ والرقي، وقد برزت بوصفها واحدةً من أعمدةِ الموضةِ العالميَّةِ بفضل حِرفيَّتها العريقة، وبراعتها في المزجِ بين الماضي، والحاضرِ، والتجدُّد بأسلوبٍ خاصٍّ.
لِم تميزت الموضة الإيطالية عن غيرها؟
الموضة الإيطالية خليط من العراقة والحداثة ففي منتصف القرن التاسع عشر كانت إيطالبا مجموعة مدن دويلات ولم تكن بنفس تطور الدول الأوروبية مثل فرنسا وبريطانيا، فكانت بريطايا السباقة في الاستغناء عن تطريز البدلات واعتماد القصات العسكرية للبدلة ومع ازدياد الطبقة الميسورة كثر الطلب على البدلات والتاييرات المنفذة بحسب الطلب ولكن هذه البلدان كانت تفتقر الى اليد العاملة والتطريز خاصة.
مع نهاية الحرب العالمية الثانية برزت دور أزياء أمريكية مزجت الأسلوبين الفرنسي الراقي والأمريكي المريح. ففي حين ركز المصممون الأمريكيون على إطلاق مجموعات جاهزة أكثر بساطة لتلبية السوق الأمريكي، وحدهم المصممون الإيطاليون برعوا في مزج الطابع العملي بالرقي. في منتصف القرن العشرين كانت إيطاليا معروفة بتصاميم الأكسسوارات والقطع الجلدية ولديها تاريخ عريق في مجال الأحذية والنسيج تحديداً، وعرفت إيطاليا بتصميم المجوهرات منذ القرن الخامس عشر. وفي العام 1951 اسس رجل الأعمال جيوفان باتيستا Giovan Battista بالتعاون مع شريك له جيورجيني دار أزياء إيطالية تسلط الضوء على المواهب
المحلية ومنها المصمم الفلورنسي إميليو بوتشي وأرسلت عينات من التصاميم الى سلسلة متاجر أمريكيةمثل ساكس فيفث أفنيو وبيرغدورف غودمان التي أعجبت بها وأرسلت ممثلين عنها لمعاينة المجموعات الكاملة وهكذا انتقلت الموضة الإيطالية الى الولايات المتحدة.
اشتهرت الموضةُ الإيطاليَّةُ بنسيجِ الصوفِ المتين لدى علامةِ سيمونيتا Simonetta، وبالطبعاتِ الصارخةِ بألوانها عند ميسوني، وبوتشي، لكنَّ تاريخَ النسيجِ الإيطالي العريقِ أقدمُ من ذلك بكثيرٍ، ويعودُ بنا إلى البندقيَّةِ في القرنِ الـ 14، ويتجذَّرُ في الطبيعةِ المتوسطيَّةِ بدفء سكَّانها، وسحرِ مناظرها الخلَّابة، وعرفنا عبرها المخملَ في العشرينيَّاتِ حيث تفوَّقَ به المصمِّم ماريانو فورتوني Mariano Fortuny. كذلك بدأت إيطاليا عامَ 1300 بتصميمِ النظَّاراتِ الزجاجيَّةِ، ولو بشكلٍ بدائي، وقدَّمت المصانعُ في البلادِ أجودَ أنواعِ النسيجِ مثل نسيجِ Scarlati أي التويل Tweel، وهو نسيجٌ قطني قابلٌ للصبغ، واشتُهِرَ في القرنِ الـ 14، ونسيجِ المخملِ الميتاليكي اللامعِ الذي قُورِنَ بالحريرِ عند ابتكاره في القرنِ الـ 12، إضافةً إلى الجلدِ، والفرو في القرنِ العشرين، إذ بدأت دورٌ مثل تروساردي Trussardi، وفورلا Furlaفي استخدامِ الجلد بتصاميمهما، فيما ذاع صيتُ فندي في تصاميمِ الفرو خلال تلك الحقبة.
هل تريد الاطلاع على أزياء من وحي اللوحات الفنية تعكس علاقة التصميم بالرسم
وفي الربعِ الأخيرِ من القرنِ العشرين، تمكَّن المصمِّمون الإيطاليون من تطويرِ التصاميمِ دون المسِّ بطابعها الحِرفي، وبرزَ جيورجيو أرماني في أواخرِ السبعينيَّات، في حين تولَّت المصمِّمة ميوتشيا برادا Miuccia Prada تحديثَ الدارِ العائليَّة، وإطلاقِ خطِّ ملابسَ رياضيَّةٍ راقيةٍ، وصيحاتٍ، تحتفي بالمينيماليَّةِ في التسعينيَّات. بدوره، نجحَ توم فورد في تطويرِ صورةِ غوتشي، وإنعاشِ الدار، وإدخالِ روحِ الشبابِ إليها مستعيناً بمدنٍ مثل ميلانو، وتوسكانا بوصفها مراكزَ لإنتاجِ تصاميمِ الدار، وتعاونَ مع جمعيَّاتٍ مثل كاليجيري Caligheri لصباغةِ الجلدِ ومعالجته، واستوحى من الروحِ الإيطاليَّةِ الكامنةِ في روما، والبندقيَّة، وفلورنسا، فاشتدَّ تأثيرُ الموضةِ الإيطاليَّة على نبضِ الواقع، إذ استطاعت دون غيرها تلبيةَ تطلُّعاتِ الشبابِ مع الحفاظِ على رُقيِّها.
من هن ملهمات الموضة الإيطالية؟
هن شخصيَّاتٌ أنثويَّةٌ جريئةٌ، لذا هن محبوباتٌ في العالمِ أجمع، ونختصرهن في عددٍ من الوجوه.
صوفيا لورين
من أجملِ نساءِ العالم. برزت Sophia Loren ممثِّلةً في فيلمِ «امرأتان» عامَ 1962، ولها في رصيدها أكثر من 100 فيلمٍ. أصبحت مصدرَ إلهامٍ للمصمِّمين في الخمسينيَّاتِ والستينيَّاتِ بفضلِ قوامها الذي يُحاكي الساعةَ الرمليَّة، ومن المؤثِّراتِ في عالمِ الموضة، لذا تسابقَ المصمِّمون في إلباسها على السجَّادةِ الحمراء، وفي أفلامها، كما استوحت دورٌ عالميَّةٌ تصاميمَ عدة منها مثل الكورسيهات، والفساتين التي تُركِّز على تحديدِ الخصر.
ماريلا أنييلي
مصوِّرةٌ إيطاليَّةٌ أرستقراطيَّةٌ، لُقِّبَت Marella Agnelli بالبجعةِ الأخيرة من قِبل النجم ترومان كابوت Truman Capote بسبب جمالها الساحر، وجاذبيَّتها. أنشأت عديداً من المتاحف، وصوَّرها المبدعُ أندي وارهول Andy Warhol، كما تعاونت مع دارِ فالنتينو Valentino لذوقها الرفيع، وأسلوبها المميَّز في مقاربةِ الموضةِ خلال الستينيَّاتِ والسبعينيَّات.
كلوديا كاردينالي
اشتركت الحسناءُ كلوديا كاردينالي Claudia Cardinale بمسابقةِ جمالٍ قبل أن تنتقلَ إلى عالمِ التمثيلِ في الستينيَّاتِ من خلال الفيلمِ الشهيرِ The Leopard للمخرجِ فيديريكو فيليني Federico Fellini، ثم فيلمِ The Pink Panther. عُرِفَت بقوامها الذي يشبه الساعةَ الرمليَّة، وبجاذبيَّتها الطاغية، وأيلاينر القطَّة، وغدت لاحقاً سفيرةً للدفاعِ عن حقوقِ المرأة لدى يونسكو.
مونيكا بيلوتشي
عارضةُ أزياءٍ قبل أن تصبحَ ممثِّلةً مشهورةً، وسفيرةً لدور ديور Dior، ودولتشي أند غابانا Dolce & Gabbana، وكارتييه Cartier. أثبتت موهبتها في التمثيلِ عبر فيلمِ «مالينا»، وعملٍ يروي قِصَّةَ حياةِ السيِّد المسيح، واشتُهِرَت بشكلها الجميلِ، وبشرتها العاجيَّةِ التي تتناقضُ مع شعرها الأسود.
جاكلين كينيدي أوناسيس
صحيحٌ أنها ليست إيطاليَّةَ المنشأ، لكنَّها إيطاليَّةُ الهوى، خاصَّةً في اختيارِ وتنسيقِ ملابسها خلال الرحلاتِ البحريَّةِ التي كانت تقومُ بها مع زوجها، رجلِ الأعمالِ أرسطو أوناسيس Aristotle Onassis. اشتُهِرَت Jacqueline Kenedy Onassis بالتنانيرِ المميَّزة بألوانها وطبعاتها، وبالأسلوبِ المريحِ والراقي الذي يجمعُ بين الكلاسيكيَّةِ والعصريَّة، واستمدَّته من التصاميمِ والماركاتِ الإيطاليَّةِ التي كانت ترتديها.
قد يهمك أيضاً الموضة وسحر المغرب العربي ..أرض الألوان
أعمدة الموضة الإيطاليَّة
أعمدةُ الموضةِ الإيطاليَّة، هم عمالقةٌ في التصميمِ والموضة. أسماؤهم قد تكون غابت اليوم عن الساحةِ، ولا يعرفهم الجيلُ الجديد، لكنَّ الموضةَ الإيطاليَّةَ تدين بوجودها لهم، إذ رفعوا عالياً اسمها، وحلَّقوا بعيداً بشعارِ «صُنِعَ في إيطاليا» بفضلِ بصيرتهم الفذَّة، وشجاعتهم في التعبيرِ عن الأسلوبِ الإيطالي بطريقةٍ لا تشبه غيرها مثل بصمةِ الأصابعِ تماماً.
Mariuccia Mandelli (1925 – 2015)
عرَّابةُ الموضةِ الإيطاليَّة، ومؤسِّسةُ ماركةِ كريزيا Krizia التي صمدت حتى الألفيَّةِ الجديدة، وعرفت رواجاً كبيراً في حقبتَي الستينيَّاتِ والسبعينيَّات. في بدايتها، لم تكن ماروتشيا مانديلي تُصمِّم لمنصَّاتِ العروض، وإنما تُنفِّذ تصاميمَ، وتبيعها بسيارتها للمتاجرِ الإيطاليَّةِ الأمرُ الذي لفتَ انتباه صحافيَّةٍ، فكتبت عن شجاعتها، وتفانيها، وتمكَّنت بعدها من تنظيمِ أوَّلِ عرضِ أزياءٍ لها.
Elio Fiorucci (1935-2015)
لاقت الدارُ التي أسَّسها شهرةً في الثمانينيَّات، وكان موهوباً في التصميم. امتلك والده متجراً للأزياءِ في ميلانو، وتمكَّن إيليو فيوروتشي من تحقيقِ نجاحٍ كبيرٍ عبر تصاميمَ منفَّذةٍ من الدنيم، واشتُهِرَ بابتكارِ الجينزِ المطاطي الأنثوي الضيِّق، والنظَّاراتِ الملوَّنة التي كان يُصمِّمها. كان يستوحي من أسفاره خاصَّةً من بريطانيا، إذ كانت تصميمه متأثِّرةً بالمصمِّمة ماري كانت Mary Quant، وتميَّز بأنه مصمِّمٌ مشاغبٌ، يشبه جان-بول غوتييه Jean-Paul Gaultier حيث خالفَ كلاسيكيَّةَ الموضةِ الإيطاليَّة، ليخرجَ بها في إطلالاتِ ستريت ستايل، تواكبُ نبضَ الواقعِ في حقبته.
Gianfranco Ferré (1944 – 2007)
مصمِّمٌ إيطالي، بلغَ جيانفرانكو فيري شهرةً واسعةً في الثمانينيَّاتِ والتسعينيَّات، وعُرِفَ بتصاميمه المستوحاةِ من فنِّ العمارةِ الإيطاليَّة. لُقِّبَ بمهندسِ الموضة، وعملَ مديراً إبداعياً لدارِ ديور من أواخرِ الثمانينيَّات حتى عامِ 1996 حيث عادَ إلى إيطاليا، وأشرفَ بنفسه على ماركته إلى أن توفي في 2007 عن عمرٍ يناهز الـ 62 عاماً. تمكَّن من حصدِ شعبيَّةٍ عالميَّةٍ لدى ديور Dior، واشتُهِرَ بالقمصانِ البيضاء التي كان يُصمِّمها بإتقانٍ مع أزرارٍ كبيرةٍ الأمرُ الذي أثارَ استهجانَ وسطِ الموضة في تلك الفترة التي لم تعتد على مصمِّمٍ أجنبي في دارٍ فرنسيَّةٍ.
La Dolce Vita.. أسلوب الحياة الوردي
نشأ مصطلحُ «لا دولتشي فيتا»، الذي يعني «الحياةَ الحلوة»، أو «الحياةَ الطيِّبة» في إيطاليا خلال فترةِ ما بعد الحرب، وتحديداً في خمسينيَّاتِ وستينيَّاتِ القرنِ الماضي، وارتبطَ على نطاقٍ واسعٍ بالفيلمِ الإيطالي الذي يحملُ الاسمَ نفسه، وأخرجه فيديريكو فيليني Federico Fellini عامَ 1960، وجسَّدَ روحَ تلك الحقبة. بعد الحربِ العالميَّةِ الثانية، شهدت إيطاليا فترةَ ازدهارٍ اقتصادي، ما أدى إلى تجدُّدِ الشعورِ بالتفاؤل، والرغبةِ في المتعةِ والتسلية. اتَّسمت هذه الفترةُ برفضِ القيمِ التقليديَّة، والتركيزِ على الحياةِ الممتعة، بما في ذلك السعي وراءَ الجمالِ، والفرح. والتقط فيلمُ فيليني «لا دولتشي فيتا» هذا التحوُّلَ الثقافي مستكشفاً موضوعاتِ الاغتراب، والسعي وراءَ المتعةِ في أجواءٍ ساحرةٍ، وإن كانت غامضةً من الناحيةِ الأخلاقيَّة. وأصبح الفيلمُ، ومفهومُ «الحياةِ الحلوة» راسخَين في الثقافةِ الشعبيَّة، كما أثَّرا في الموضةِ، والموسيقى، والأدب.
يمكنك الاطلاع على تأثير الفن في الموضة والأساليب المتنوعة فيها
الموضة الإيطالية والذكاء الاصطناعي
لقد أدرك المصممون الإيطاليون أنه لا يريدون التنافس مع الذكاء الاصطناعي بل يودون الاستعانة به لتطوير أعمالهم. يتكل المصممون الإيطاليون على الذكاء الاصطناعي لمزج الحرفية اليدوية بالجماليات الفنية الحديثة لابتكار تصاميم متجددة تواكب السوق وتطلعات الجيل الجديد. يساعد الذكاء الاصطناعي في إطلاق موضة مستدامة عبر مساعدة المصممين على اختيار أقمشة ومواد صديقة للبيئة واتباع طرق لا تسبب التلوث.
يساهم الذكاء الاصطناعي اليوم في تطوير تجربة التسوق ويقدم بيانات للعلامات الإيطالية حول سلوك الزبائن وخياراتهم في الموضة لضمان رضى العملاء وتفانيهم للماركة. ولكنه في لمقابل لا يستطيع إلغاء اللمسة الإبداعية للحرفيين فلكل فرد عامل بصمته المميزة في قص أو تطريز القماش ولكل فرد غرزة معينة لا يستطيع نسخها لأن العمل الفني خاصة في ملابس الكوتور تخضع لمزاج الشخص وحالته النفسية، ومدى تأثره بأعمال فنية أو تجارب سابقة في دور مختلفة.
تابعي أيضًا كيف نكتسب ثقافة في الموضة؟
الموضة الإيطالية والمعايير الأخلاقية
تتضمّن الموضةُ الأخلاقيَّةُ إنتاجَ القماشِ وصولاً إلى المبيعات، مع احترامِ البيئةِ والمشاركين في كلِّ مسارِ العمل. هو خيارٌ مسؤولٌ لحمايةِ المجتمعِ عن طريقِ العمل مع أفرادٍ، يلتزمون بمبادئ الموضةِ المسؤولة، ومعاييرِ الاستدامةِ للحدِّ من الأضرارِ على الكوكبِ الذي نعيش فيه. بهذا العالمِ المتحوِّل، تبرزُ علامةُ أوسكاليتو Oscalito بوصفها مثالاً للموضةِ الإيطاليَّةِ العصريَّة، فمنذ عامِ 1936، تختصُّ بتصميمِ الكنزاتِ من أليافٍ طبيعيَّةٍ، وتتَّخذ من مدينةِ توران مقراً لها، وتحافظُ على معاييرِ الجودةِ والاستدامةِ لتلبية متطلَّباتِ الموضةِ الملتزمة.
يمكنك متابعة الموضوع على نسخة سيدتي الديجيتال من خلال هذا الرابط
هذا الوعي جعلَ الموضةَ الإيطاليَّةَ أكثر حرصاً على الجودةِ، والعملِ الحِرفي المتقن الذي يدوم، لكنْ من أين أتت هذه الحِرفيَّةُ في التصميمِ والإنتاج؟
الحِرفيَّةُ تبدأ من تفصيلِ القماشِ، والتنفيذِ، وتشتملُ على التطريزِ المتوارثِ من جيلٍ إلى آخر. جودةُ التصميمِ المتقنِ في الخياطةِ والقصِّ، وتداخلُ القماش، والأقمشةُ الراقيةُ المستعملة في تصميمِ الأزياءِ الإيطاليَّةِ من حريرٍ خامٍ، وجلدٍ طبيعي مرنٍ، وقطنٍ عضوي جيِّد النوعيَّة. الحِرفيُّون الماهرون العاملون في مجالِ تصميمِ الملابس، والحريصون على تنفيذِ مهمَّتهم بدقَّةٍ في الخياطةِ للحفاظِ على الروحِ الإيطاليَّة، وعلى الطابعِ الأيوني العابرِ للزمن.
غنى التصاميمِ الإيطاليَّةِ التي تشملُ الدورَ الكلاسيكيَّةَ العصريَّة مثل غوتشي Gucci، وفيراغامو Ferragamo، وبرادا Prada التي كانت حماةً للإبداعِ الإيطالي، لنصلَ إلى أسماءِ مصمِّمين جددٍ، ومواهبَ فتيَّةٍ، تُشكِّل معاً فسيفساءَ من الإبداعِ الفنِّي. وفي العقدِ الثاني من الألفيَّةِ الثالثة، تواجه الموضةُ الإيطاليَّةُ تحدِّياتٍ اقتصاديَّةً واجتماعيَّةً، لا سيما مع تقلُّباتِ الدور، وانضمامِ فيرساتشي Versace إلى مجموعةِ برادا Prada، وغوتشي Gucci إلى كيرينج Kering. إن انجذابَ الدولِ إلى الماركاتِ الإيطاليَّة موجةٌ، امتدَّت لتطالَ علاماتٍ عريقةً، منها بولغاري Bulgari، وفندي Fendi، ولورو بيانا Loro Piana، وإيميليو بوتشي Emilio Pucci، التي اندرجت تحت مظلَّةِ LVMH.
واليوم، تمتلك ريتشموند Richmond علامةَ يوكس Yoox، فيما سلكت دورٌ أخرى مثل فالنتينو Valentino، وميسوني Missoni، وفيوروتشي Fiorucci طرقاً، تؤدي إلى الشرق بإدارةِ مستثمرين من اليابان، والصين، وقطر. هذه التطوُّراتُ، تكشفُ الأهميَّةَ الحيويَّةَ للماركاتِ الإيطاليَّة في الموضةِ والأسواقِ العالميَّة. وترتبطُ الموضةُ الإيطاليَّةُ بجيرانها مثل بريطانيا، وفرنسا، وقد تصدَّرت إيطاليا لائحة البلدانِ المُصنِّعة للملابسِ الجيِّدة، وهي واحدةٌ من عواصمِ الموضةِ الأربع التي تمتلك مشاغلَ للألبسةِ بمعاييرَ عالميَّةٍ على الرغمِ من صغرِ مساحتها، ومواردها الضئيلة، إذ تبقى مصانعها المرجعَ الأوَّلَ للجودة. واستطاعت البلادُ تجاوزَ محنةِ جائحة كورونا بكلِّ تبعاتها الاقتصاديَّةِ الصعبة، وبدأت تُلملم نفسها، وتستعيدُ قوَّتها.