اخبار ليبيا
موقع كل يوم -اندبندنت عربية
نشر بتاريخ: ٢ تشرين الأول ٢٠٢٥
يقدر حجم النفط الصخري في البلاد بنحو 26 مليار برميل مما يمثل فرصة واعدة للاستثمار طويل الأمد للشركات الأميركية
في إطار توضيح أهداف الاجتماع الأممي رفيع المستوى الذي دار حول ليبيا داخل نيويورك، قال مستشار الرئيس الأميركي دونالد ترمب لشؤون الشرق الأوسط وأفريقيا مسعد بولس 'إن الولايات المتحدة فخورة باستضافتها اجتماعاً رفيع المستوى في نيويورك على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، بمشاركة دول أعضاء رئيسة وبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا'، وأضاف بولس أن هدف الاجتماع كان مناقشة سبل التعاون لمساعدة الليبيين على تحقيق سلام دائم وازدهار متزايد.
مستشار ترمب تحدث أيضاً عن أن استقرار ليبيا ووحدتها أمر بالغ الأهمية ليس فقط للشعب الليبي بل أيضاً للسلام والأمن والنمو الاقتصادي داخل المنطقة بأسرها. وقال إننا 'نتطلع إلى مواصلة العمل مع شركائنا الليبيين والدوليين للمساعدة على تعزيز وتوحيد المؤسسات الاقتصادية والعسكرية والسياسية الليبية، فليبيا تملك إمكانات هائلة لتكون مصدراً للفرص لشعبها وجيرانها وللولايات المتحدة وشركائها'.
وكانت الولايات المتحدة عقدت اجتماعاً رفيع المستوى لمسؤولين يمثلون الإمارات ومصر وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وقطر والسعودية وتركيا والمملكة المتحدة، على هامش أسبوع الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك لمناقشة بناء الأسس الاقتصادية للوحدة والأمن في ليبيا.
وأكد بيان وزارة الخارجية الأميركية 'التزام المجتمع الدولي القوي بدعم تقدم ليبيا على الطريق، نحو مزيد من الوحدة والأمن والاستقرار والازدهار'.
وأكدت رئيسة البعثة الأممية للدعم في ليبيا هانا تيتيه ضمن بيان 'أن كبار المسؤولين في الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا ومصر وقطر والسعودية وتركيا والإمارات، أعلنوا دعمهم خريطة الطريق التي كانت اقترحتها أمام مجلس الأمن الدولي خلال أغسطس (آب) الماضي، والتي أكدت فيها ضرورة الذهاب نحو انتخابات وتوحيد المؤسسات العسكرية والسياسية'.
وعن دلالات ترؤس الولايات المتحدة اجتماع دعم خريطة تيتيه، قال رئيس الائتلاف الليبي - الأميركي فيصل الفيتوري إن ليبيا لم تعد اليوم مجرد ملف محلي أو ساحة صراع إقليمي، 'بل تحولت إلى محور استراتيجي في معادلة الطاقة والأمن بالمتوسط وأفريقيا'، وأوضح 'أن دعم الولايات المتحدة خريطة الطريق الأممية الأخيرة يعكس رؤية أعمق تهدف إلى توحيد المؤسسات الليبية وإنتاج قيادة قادرة على استعادة الشرعية والسيادة، مما يسمح بإخراج القوات الأجنبية ومنع موسكو وبكين من ترسيخ نفوذهما'.
ولفت إلى أن واشنطن تدير المشهد بمنظور شامل يربط بين الطاقة والتحالفات والأمن الدولي، بما يضع ليبيا في قلب الاستراتيجية الأميركية التي تسعى لإعادة صياغة التوازنات الدولية بعد الحرب الأوكرانية – الروسية، 'فترؤس الولايات المتحدة دعم خريطة الطريق الأممية يعكس إدراكها العميق لمكانة ليبيا المحورية، التي أصبحت جزءاً من معادلة الطاقة والأمن في المتوسط وأفريقيا'، منوهاً بأن هذه الخطوة تؤكد أن واشنطن تسعى إلى توحيد المؤسسات الليبية وإنتاج حكومة موحدة قادرة على طرد النفوذ الأجنبي، تماماً كما دعمت استقلال ليبيا قبل 75 عاماً لقطع الطريق على السوفيات، 'واليوم تكرر المشهد لمواجهة روسيا والصين وإعادة صياغة التوازنات الدولية انطلاقاً من ليبيا'.
ورأى المحلل السياسي سعد الدينالي أن رؤية الولايات المتحدة تتلاقى مع أهداف البعثة الأممية للدعم في ليبيا 'باعتبار أن البعثة تصر على توحيد المؤسسات وإجراء عملية الانتخابات، فالولايات المتحدة تحاول تمرير مشروعها المتعلق بالطاقة ودحر النفوذ الروسي من ليبيا تحت مظلة دعم خريطة طريق تيتيه لتجنب التدخلات الدولية الأخرى، ليكون هناك غطاء شرعي لتدخل أميركا في ليبيا وبخاصة أنها استوعبت درس غيابها الدبلوماسي في ليبيا خلال الأعوام الماضية، وهو ما استغلته روسيا لتوسيع نفوذها داخل أفريقيا انطلاقاً من ليبيا'، وتابع الدينالي أن دعم أميركا خريطة تيتيه هو من مصلحة البعثة الأممية للدعم في ليبيا التي سيصبح موقفها أقوى عن ذي قبل، مما سيسهل عملها 'نحو تنفيذ مشروعها الذي أعلنت عنه، خلال أغسطس الماضي، أمام مجلس الأمن الدولي والمتعلق بإنهاء المراحل الانتقالية والفوضى الأمنية والعسكرية والانقسام السياسي والذهاب نحو استحقاق انتخابي'.
وأوضح المحلل السياسي أن ترؤس واشنطن دعم خريطة تيتيه مع عدد من الدول الأخرى، يؤكد أن الجهود التي تبذل من خلال البعثة الأممية للدعم في ليبيا تسير في مسارها الصحيح، وكشف عن أن الولايات المتحدة تناولت، هذه المرة، الملف الليبي على أرض الواقع من خلال الزيارات الرسمية الممتدة منذ العام الماضي وحتى العام الحالي في سبيل إيجاد حل للأزمة الليبية.
وقال المتخصص في الشأن الليبي أيضاً 'إن تحرك أميركا دبلوماسياً نحو ليبيا يأتي مدفوعاً بعوامل عدة أولها أن الملف الليبي يعد سهلاً لأميركا مقارنة ببقية الملفات الدولية، على غرار أوكرانيا والشرق الأوسط، بحيث يمكن الخروج منه بحل ونتائج إيجابية ترفع أسهم الإدارة الأميركية الحالية'، وأشار إلى أن ليبيا باتت أمام فرصة جديدة للذهاب نحو تشكيل سلطة تنفيذية موحدة تنهي الانقسامات بين أطراف الصراع الليبي، وبخاصة بعد إعلان المجتمع الدولي دعمه خريطة طريق تيتيه.
وأكد الدينالي أن الدافع الثاني يأتي في إطار اقتصادي، إذ إن واشنطن ترغب في توسيع رقعة شركاتها النفطية في ليبيا، وهو استثمار يستدعي استقراراً سياسياً وأمنياً لتوفير بيئة مناسبة لدخول هذه الشركات حتى يتوافر لها مناخ عمل مناسب. ونوه بأن 'الدافع الآخر يأتي في إطار التخوف من تكرار خطأ الغياب داخل ليبيا وبخاصة في ظل وجود المنافس الروسي، لذلك تحاول إدارة دونالد ترمب التحرك لدعم تيتيه وإنهاء الانقسام الليبي للحد من النفوذ الروسي والصيني، لأن أميركا لديها مشروع للتوغل أكثر في السوق الطاقية الليبية وبخاصة أن ليبيا غنية بالثروات المنجمية وعلى رأسها النفط الصخري'.
ويقدر حجم النفط الصخري داخل ليبيا بنحو 26 مليار برميل، مما يمثل فرصة واعدة للاستثمار طويل الأمد للشركات الأميركية في ليبيا القريبة من أوروبا ودول الساحل الأفريقي، مما يجعلها بديلاً استراتيجياً للنفط الروسي بالنسبة إلى الدول الغربية.
وأبرز المتخصص في الشؤون السياسية والأمنية الليبية أن الولايات المتحدة تحاول أن تضع ثقلها داخل ليبيا التي تصفها بالمكان الاستراتيجي، حتى لا تترك الساحة فارغة أمام التدخلات الصينية والروسية.
من جهته، قال المتخصص في الشؤون الأمنية والسياسية محمود الرملي إن العملية السياسية جُمدت منذ فترة طويلة، في رحاب خريطة أولية تمثلت بوجود انقسام حاد في ظل وجود حكومة بالغرب وحكومة أخرى في الشرق الليبي، وتابع أن تسعة مبعوثين أمميين فشلوا في فك شيفرات الأزمة الليبية، منوهاً بأن دعم الولايات المتحدة خريطة تيتيه يأتي انطلاقاً من نجاح الأخيرة في تحديد مدة زمنية لخريطتها تقدر بـ18 شهراً عكس بقية المبعوثين السابقين. وأضاف الرملي أن الدعم الأميركي للحل في ليبيا انطلق منذ مدة، وليس وليد ترؤسها اجتماع دعم خريطة تيتيه في نيويورك، بل يعود إلى إرسال مبعوثيها إلى ليبيا وعقدها اجتماعات في طرابلس وبنغازي وسرت مع الفاعلين على الأرض.
وذكر بأن اجتماع بولس في روما بالمستشار السياسي لحكومة الوحدة الوطنية إبراهيم الدبيبة ونائب القيادة العامة في الشرق الفريق أول ركن صدام حفتر، من أجل مناقشة الوضع السياسي المرتبط بالوضع الاقتصادي، دلالة واضحة على أن الولايات المتحدة 'منخرطة حتى النخاع في الملف الليبي وهمها الوحيد هو الاستقرار من أجل الاقتصاد'، وكشف عن أنه لولا الدعم الأميركي لخريطة تيتيه لنُقضت، وقال إن 'ترؤس الولايات المتحدة دعم خريطة طريق تيتيه فاضح لأنها من زاوية تريد الانخراط في الملف الليبي، ومن زاوية أخرى ترغب في الانتقام من روسيا داخل ليبيا بعد رفضها مخطط ترمب لإنهاء الحرب الأوكرانية'، وأكد الرملي أن واشنطن تنظر إلى ليبيا كقاعدة متقدمة في ما يتعلق بالعمليات التي تشنها الولايات المتحدة داخل أفريقيا.