ليبيا تتأهب لحماية حدودها من تداعيات انقلاب النيجر

الجيش الوطني في الشرق يؤكد جاهزيته لمنع أي تسلل ومراقبون يشددون على أهمية تفعيل حرس الحدود

أثارت التطورات الأخيرة في السودان والنيجر تساؤلات حول مدى تأثيرها في الجنوب الليبي الغني بالنفط، فخرج مدير إدارة الإعلام والتعبئة العامة بالجيش الوطني بالشرق الليبي أحمد المسماري ليؤكد أن القوات المسلحة الليبية تراقب دول الجوار التي تشهد توترات لمنع استغلال أراضي هذه الدول في القيام بهجمات ضد الدولة الليبية.

وقال المسماري في مؤتمر صحافي، مساء أمس الخميس، إن 'القوات الليبية متيقظة على الحدود مع النيجر والسودان'، متوقعاً أن تكون هناك عمليات نزوح إنساني ومحاولات تسلل لعناصر إرهابية إلى التراب الليبي.

مدير إدارة الإعلام والتعبئة العامة بالجيش الوطني أعلن أن 'الحدود الليبية التي يبلغ طولها 4800 كيلومتر تحتاج إلى 4200 جندي ليبي لتأمينها'.

تطورات 

وتأتي هذه التحركات لقوات حفتر التي تقع تحت سيطرتها الحدود الجنوبية المطلة على النيجر والسودان على أثر إيفاد رئيس نيجيريا بولا أحمد تينوبو مبعوثين إلى ليبيا والجزائر لبحث أزمة النيجر وضمان تحقيق حل نهائي وسلمي للأوضاع في البلاد بعد إطاحة الجيش الرئيس محمد بوزوم.

وقال بيان صادر عن مكتب الرئيس النيجيري عبر منصة' إكس'، (توتير سابقاً)، إن 'الرئيس أرسل وفداً منفصلاً بقيادة السفير باباغانا كينجيبي للتفاوض مع قادة ليبيا والجزائر في شأن أزمة النيجر'.

وأعلن قادة الانقلاب في النيجر، الثلاثاء الماضي، 'إعادة فتح الحدود الجوية والبرية مع عدد من دول الجوار من بينها ليبيا بعد إغلاقها الماضي'، فيما أكد رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة 'وقوف حكومته إلى جانب الشعب النيجري، ورفضه التام لكل ما يقوض استقرار المنطقة'.

ولم يخف مراقبون للشأن الليبي تخوفهم من تبعات أحداث النيجر والسودان على ليبيا، وأن تتحول إلى حاضنة لبقايا الأنظمة المنقلب عليها إذا لم يسارع المجلس الرئاسي بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة الليبية إلى تفعيل جهاز حرس الحدود، بخاصة بعد تأكيد قوات حفتر حاجة الحدود إلى 4200 جندي لتأمينها. 

اتفاقيات ثنائية

وقال المحلل السياسي أحمد المهدوي إن 'الشريط الحدودي الليبي طويل جداً مع كل من التشاد ومالي والنيجر، التي تشهد حالة انفلات أمني قد تؤثر بشكل أو بآخر في الجنوب الليبي الغني بالنفط'.

وأضاف المهدوي لـ'اندبندنت عربية' أن 'الوقت الحالي يتطلب تفعيل جهاز حرس الحدود، لا سيما أن هذه الحدود استغلت سابقاً من قبل تنظيم (داعش) في التسلل من البلدان الأفريقية المجاورة نحو ليبيا'. وتابع أنه 'على الجهات المعنية وعلى رأسها المجلس الرئاسي التدخل بتوفير الدعم اللوجيستي والبشري والمالي لقوات حفتر حتى تتمكن من تأمين الحدود الممتدة مع عدد من الدول الأفريقية حتى لا يقع اتهامها فيما بعد (قوات حفتر) بأنها تدعم جهة ضد أخرى مثلما حدث في حرب السودان'. وأوضح أن 'البلد في المرحلة الحالية لا يحتمل الزج به في أية صراعات داخل هذه الدول التي تشهد توترات داخلية لا علاقة لليبيا بها'. ونوه المتحدث ذاته بأن 'مشكلة الحدود الليبية مع الدول الأفريقية تعود إلى عهد الرئيس السابق معمر القذافي الذي فشل بدوره في السيطرة بشكل كامل عليها، حيث استعان باتفاقيات تعاون عدة مع الاتحاد الأوروبي لإنشاء سياج إلكتروني للحد من ظاهرة الهجرة غير الشرعية، لكن دون جدوى'.

وقال المهداوي إن 'الحدود الجنوبية الليبية تؤمنها فقط قوة طارق بن زياد انطلاقاً من سبها، وهذا غير كافٍ، بخاصة أن ليبيا ما زلت تحت حظر التسلح'، مشيراً إلى أن 'ما يبعث على التخوف من أحداث النيجر هو أن تستغل عناصر المعارضة غياب جهاز حرس الحدود على طول الأراضي الجنوبية الليبية لتتغلغل داخل المدن والقرى الليبية التي تعاني الفراغ السكاني وتصبح قواعد انطلاق لشن عمليات عسكرية نحو بلدانهم الأصلية'. ودعا المهداوي السلطات الليبية إلى تفعيل اتفاقيات التعاون العسكري مع هذه الدول الأفريقية لمساعدتها على تجاوز محنتها السياسية، مشدداً على أن ليبيا لن تسمح بأن تكون أراضيها بيئة مواتية لممارسة أي نشاطات معادية لدول الجوار.

قوة عسكرية 

وبحث نائب رئيس المجلس الرئاسي الليبي عبدالله اللافي، بداية الشهر الجاري، مع عدد من القيادات العسكرية، إمكانية تشكيل قوة من الجيش والأجهزة العسكرية لتأمين الحدود الجنوبية المشتركة مع السودان والنيجر.

وأكد بيان المجلس الرئاسي أن اللافي بحث تأمين الحدود خلال اجتماع عقده مع رئيس الأركان العامة للجيش محمد الحداد، وقائد حرس الحدود نوري شراطة، ومدير إدارة العمليات بالجيش عبدالفتاح البلوق.

وبحسب البيان نفسه، استعرضت القيادات العسكرية 'الخطوات المتخذة لتأمين الحدود وفق رؤية استراتيجية محكمة في ظل الأحداث المتسارعة التي تشهدها كل من السودان والنيجر'.

وسبق وأكد رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي بصفته القائد الأعلى للجيش، في 19 يوليو (تموز) الماضي ضرورة مراقبة وضبط الحدود وتأمينها للحد من تدفق الهجرة غير الشرعية ومحاربة الإرهاب ونشاط بعض المنظمات المشبوهة، منوهاً باستعداده لتقديم جميع أنواع الدعم من أجل التشديد على مراقبة المنافذ البرية والبحرية وحمايتها من أي خروق قد تهدد الأمن القومي وسلامة الوطن والمواطن.

توحيد الجيش 

وحول مقترح المجلس الرئاسي بخصوص إمكانية تشكيل 'قوة عسكرية' لتأمين الحدود مع النيجر والسودان قال المحلل السياسي عبدالله الكبير إن نجاح هذه الخطوة يحتاج إلى مؤسسة عسكرية موحدة، لا سيما أن الحدود الليبية الواقعة قرب النيجر والسودان جميعها تحت سيطرة قائد القوات المسلحة بالشرق الليبي خليفة حفتر، الذي سيرفض بدوره قدوم أي قوة عسكرية تابعة للقطب الغربي.

ولم يخف الكبير تخوفه من تحرك عدد من الجماعات المتطرفة من النيجر تجاه ليبيا قائلاً إنه 'على رغم أن مسألة تأمين الحدود تتطلب تفعيل جهاز حرس الحدود في هذه الظروف، فإن المجلس الرئاسي لا سلطة له على تلك المنطقة، فقوات حفتر هي الموجودة هناك وهي من تتحمل مسؤولية تدفق الهجرة غير النظامية والعناصر المتطرفة وغيرها من الأنشطة غير القانونية'.

وأوضح أنه 'على رغم أن المجلس الرئاسي هو القائد الأعلى للقوات المسلحة الليبية ففي الواقع قوات حفتر غير خاضعة له وسبق للناطق باسم القوات المسلحة بالشرق الليبي أحمد المسماري أن أعلنها صراحة'. وأشار المتحدث ذاته إلى أن 'حرس الحدود فرع المنطقة الغربية يعمل تحت إمرة رئاسة الأركان بوزارة الدفاع بحكومة الوحد الوطنية، وإذا ما قرر التحرك باتجاه الجنوب في إطار تفعيل جهاز حرس الحدود هناك فستمنعه قوات حفتر التي تزعم أنها تؤمن الجنوب'.