«ميد»: آفاق قوية للاستثمارات بالمياه في دول الخليج

وليد منصور -

قال تقرير مجلة «ميد» إن القيمة الإجمالية لمشاريع البنية التحتية للمياه التي تم شراؤها في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في عام 2024 انخفضت إلى حوالي 22.5 مليار دولار، متراجعة من مستوى قياسي بلغ 24.6 مليار دولار في عام 2023. ومع ذلك، كانت قيمة العقود الممنوحة في عام 2024 أعلى بكثير من المتوسط ​​السنوي على مدى عشر سنوات والذي بلغ نحو 14 مليار دولار.

واشار التقرير الى أن آفاق الاستثمارات في المياه في دول الخليج وخارجها تظل قوية، رغم أن الاتجاهات عبر القطاعات الفرعية في عام 2024 ليست موحدة، فقد انخفضت قيمة عقود النقل والتوزيع من 13 مليار دولار إلى 6.4 مليارات دولار، في حين تضاعفت عقود التخزين والخزانات ثلاث مرات تقريباً إلى حوالي 6.5 مليارات دولار، وذلك في المقام الأول بفضل مخطط سد تروجينا الذي تبلغ تكلفته 4.7 مليارات دولار في مشروع نيوم العملاق في السعودية.

وظلت قيمة عقود محطات تحلية المياه مستقرة تقريباً عند 4.1 مليارات دولار، في حين انخفضت قيمة عقود محطات معالجة المياه بنسبة %20. وتجاوزت قيمة عقود محطات التبريد المركزي الممنوحة مليار دولار في عام 2024.

المحركات الرئيسية

وأفادت «ميد» بأنه على الرغم من التباطؤ الطفيف، فإن المحركات الرئيسية لمشاريع البنية التحتية للمياه في المنطقة ظلت على حالها، إن لم تكن قد تعزَّزت.

بالإضافة إلى النمو السكاني السريع، والتوسع الاقتصادي الكبير في بعض البلدان، فإن عوامل مثل تغير المناخ والتوسع الحضري تؤدي إلى ارتفاع الطلب على المياه على الرغم من التدابير الرامية إلى كبح الاستهلاك وإزالة الكربون من القطاع.

وبالنسبة لدول الخليج، فإن تباطؤ صفقات مشاريع المياه المستقلة في عام 2024 قد يعكس مجموعة من العوامل الخاصة بالسوق، وفقاً لخوليو دي لا روزا، مدير تطوير الأعمال - الشرق الأوسط لدى شركة المقاولات والمستثمر الأسباني أكسيونا.

وفق بيانات من مؤسسة ميد بروجكتس لتتبع المشاريع الإقليمية، فإن عقوداً بقيمة 18 مليار دولار قيد تقييم العطاءات، و13 مليار دولار قيد العطاءات، و36 مليار دولار أخرى قيد التأهيل المسبق. هذا بالإضافة إلى عقود بقيمة 52 مليار دولار في مراحل الدراسة أو التصميم. وتمثل مشاريع النقل والتوزيع ما نسبته %46 من إجمالي التكلفة البالغة 121 مليار دولار.

كما يقوم عدد متزايد من البلدان بتنفيذ تدابير لزيادة إعادة استخدام المياه ومعالجة مياه الصرف الصحي، بما يتماشى مع أهدافها المتعلقة بإزالة الكربون.

وتشمل الموضوعات الرئيسية الأخرى التي يتم استكشافها من قبل شركات المرافق والمطورين والمقاولين استخدام الطاقة المتجددة لتشغيل محطات تحلية المياه ونشر شبكات المياه الذكية أو المدعومة بالذكاء الاصطناعي.

وتستغل كيانات مثل هيئة المياه السعودية ومطور المشاريع العملاقة نيوم الابتكارات مثل تقنية عدم تصريف السوائل.

ورغم أن جدوى هذه الحلول تتباين عبر المناطق، فإن نشرها قد يؤدي إلى خفض حواجز التنفيذ، وخاصة في المناطق الأقل ثراءً أو غير المستقرة سياسياً.

فرص جدية

وأوضحت «ميد» أن عملية إعادة الهيكلة ساهمت في تباطؤ وتيرة طرح المشاريع في السعودية، لكن المملكة تظل المصدر الأكبر لفرص مشاريع المياه والاستثمار فيها.

ويقوم المشتري الرئيسي للمياه، الشركة السعودية لشراكات المياه وشركة نقل المياه، بشراء قدرات تحلية المياه ومعالجة مياه الصرف الصحي وخطوط أنابيب نقل المياه، بعضها على أساس الشراكة بين القطاعين العام والخاص والبعض الآخر من خلال نموذج EPC.

وتنفذ شركة المياه الوطنية في المملكة أيضاً برنامجاً للخصخصة، يتضمن عقود إعادة تأهيل وصيانة محطات معالجة مياه الصرف الصحي القائمة والمضخات وشبكات التجميع.

وفي الوقت نفسه، توصلت وزارة المياه والري الأردنية وائتلاف مطورين بقيادة شركتي ميريديم وسويز الفرنسيتين إلى اتفاق تجاري بشأن مشروع تحلية المياه ونقلها بين العقبة وعمان، وهي الصفقة التي كانت تبدو غير مؤكدة حتى قبل عام، حيث لم يقدم سوى ائتلاف واحد عرضاً. ويقدم المشروع الذي تقدر تكلفته بنحو ملياري دولار شريان حياة للبنية الأساسية للمرافق العامة في الأردن، والتي عانت على مدى العقد الماضي بسبب نقص الاستثمار. كما أدى تدفق اللاجئين الفارين من الصراعات في البلدان المجاورة إلى زيادة الضغوط على الموارد المحدودة في البلاد.

وفي مكان آخر، بدأت دبي عملية الشراء لأكبر مشروع شراكة بين القطاعين العام والخاص في مجال البنية التحتية للمياه في المنطقة حتى الآن: مشروع أنفاق الصرف الصحي الإستراتيجية في دبي بقيمة 22 مليار دولار.

ويفكر نفس العميل، بلدية دبي، أيضا في الحصول على مشروع لمعالجة مياه الأمطار بقيمة 8 مليارات دولار باستخدام نموذج الشراكة بين القطاعين العام والخاص.

وتستمر الدول الأقل ندرة في المياه في شمال أفريقيا ــ وخاصة مصر والمغرب وتونس ــ في عرض فرص مشاريع المياه في سعيها إلى خدمة سكانها المتزايدين، وخلق فرص العمل، وإنشاء صناعات جديدة مع الحفاظ على موارد المياه الجوفية والتخفيف من الأثر البيئي لهذه التطورات. ومع ذلك، كانت إجراءات طرح العطاءات لمحطات تحلية المياه المخطط لها، وخاصة تلك التي تستخدم نموذج الشراكة بين القطاعين العام والخاص، أبطأ عموماً من تلك في دول الخليج.

إعادة بناء البنية الأساسية

لفت التقرير الى أن جهود إعادة الإعمار في الدول التي تشهد صراعات مثل ليبيا والعراق، وربما سوريا، سوف تشمل حتماً إعادة بناء البنية الأساسية لإنتاج وتوزيع المياه والصرف الصحي. ولكن من غير المرجَّح أن تشكل هذه المشاريع أولوية بالنسبة لمعظم المستثمرين والمقاولين حتى تتحقق فترة من الاستقرار النسبي.

كفاءة محطات معالجة المياه

يقول مدير تطوير الأعمال - الشرق الأوسط لدى شركة المقاولات والمستثمر الأسباني أكسيونا، خوليو دي لا روزا: «إن تغير المناخ يؤدي إلى تفاقم أزمة المياه، مما يسلط الضوء على الحاجة الملحة لتأمين موارد المياه على المدى الطويل، كما أن توسيع الأنشطة الصناعية ــ وخاصة في القطاعات كثيفة الاستهلاك للطاقة ــ يتطلب حلولاً متقدمة لإدارة المياه».

ويضيف أن الهياكل مثل السندات الخضراء، أو التمويل المختلط، أو توريق عائدات المياه المستقبلية يمكن أن تخفض الحواجز المالية أمام الشركات الخاصة، في حين أن الاستثمار في أنظمة إدارة المياه التي تشمل إنترنت الأشياء والتقنيات القائمة على الذكاء الاصطناعي إلى جانب التحليل التنبؤي يمكن أن يعزز كفاءة محطات معالجة المياه والصرف الصحي ويقلل التكاليف.