بعد "سبي داعش" وتهميش حكومة الكاظمي.. كيف أنقذ الشيخ الخزعلي سنجار من المساومات وأنصف الإيزيديين؟

العهد نيوز/ تقارير

طوال سنوات، عانى القضاء الذي يقبع شمال العراق من مأساة فاقت حدود التحمل، فسكانه من الإيزيديين ظلوا يتأرجحون بين اتفاقيات حكومية مظلمة ومزايدات استعراضية همها الأول والأخير حصد أكبر عدد ممكن من 'اللايكات' على فيس بوك. الحديث عن قضاء سنجار الذي أذاقه تنظيم داعش الويلات وعمّقت الحكومة السابقة المعاناة قبل أن تبدأ الأخيرة بالتلاشي شيئا فشيئا بعد تشكيل الحكومة الحالية التي أولت اهتماما أكبر بهذا القضاء ساهم بتخفيف مأساة أهاليه. أضف إلى ذلك الزيارة التاريخية لسماحة الشيخ قيس الخزعلي إلى القضاء والتي تعد أول زيارة لزعيم شيعي تتفقد أحوال هذا المكون ويتمخض عنها دعم الشيخ الخزعلي لأهالي القضاء ورعايتهم مع تأكيده بأن اتفاقية سنجار حصلت في فترة حكومة الكاظمي وأُثبتت قانونيا أنها غير قابلة للتطبيق.

*مأساة إنسانية

في أغسطس 2014، اجتاح داعش الإرهابي جبل سنجار في شمال العراق حيث تعيش غالبية من الأقلية الأيزيدية التي تعرضت للقتل والاضطهاد على يد التنظيم خلال سيطرته على المنطقة بين العامين 2014 و2017.

ونفذ عناصر 'داعش' الإرهابي أعمال عنف مروعة ضد هذه الأقلية فقتلوا مئات من رجالها وأطفالها، وخطفوا نساءها واتخذوهن سبايا.

وقتل عناصر 'داعش' آلاف الإيزيديين واستعبد سبعة آلاف امرأة وفتاة منهم وشرد معظم أبناء الأقلية الذين يبلغ عددهم 550 ألفا من موطنهم الأصلي في شمال العراق.

ومن بين ما يقارب 1,5 مليون أيزيدي في العالم، كان 550 ألفا، يعيشون في العراق قبل الهجوم الذي شنه التنظيم الإرهابي في 2014.

وبحسب إحصاءات المديرية العامة لشؤون الأيزيدية في وزارة أوقاف حكومة إقليم كردستان العراق، قُتل نحو 1280 أيزيديا، ويُتّم أكثر من 2300 طفل، وتعرض ما يقارب 70 مزارا للتدمير، على يد 'داعش'.

وخُطف 6400 أيزيدي، أُنقذ حوالي نصفهم أو تمكنوا من الفرار بعد أعمال العنف تلك هاجر ما يقارب مئة ألف أيزيدي من العراق إلى أوروبا والولايات المتحدة وأستراليا وكندا، بحسب الأمم المتحدة.

*الشيخ الخزعلي ينصف الإيزيديين

في الفترة الأخيرة نال قضاء سنجار اهتماماً كبيراً أسهم بتخفيف معاناة سكانه، حيث لم يدخر سماحة الشيخ قيس الخزعلي جهداً لدعم ورعاية أهالي القضاء وهذا ما يتضح جليا في حديثه الأخير بملتقى الرافدين للحوار والذي أكد فيه وقوفه مع أهالي سنجار لأنهم مظلومون وهذا جزء من ثقافة المقاومة بالوقوف مع المظلوم ضد الظالم.

وقال الشيخ الخزعلي خلال الملتقى، إن قضاء سنجار هو جزء من إدارة الحكومة العراقية، مؤكدا أن المكون الإيزيدي تعرض للظلم كثيرا خاصة إبان هجمة داعش الإرهابي.

كما أكد الشيخ الخزعلي، بأن اتفاقية سنجار حصلت في فترة حكومة الكاظمي وأُثبتت قانونيا أنها غير قابلة للتطبيق'.

*الشيخ الخزعلي يتفقد المكون الإيزيدي

لم يكن حديث الشيخ الخزعلي في ملتقى الرافدين وإنصافه للمكون الإيزيدي هو الأول، ولن يكون الأخير، فقد زار سماحته قبل ثلاثة أشهر، قضاء سنجار في محافظة نينوى في اول زيارة لزعيم شيعي للقضاء، فيما التقى المكونات الإجتماعية والدينية في القضاء.

وذكر المكتب الإعلامي لسماحة الشيخ الخزعلي في بيان ورد لوكالة “العهد نيوز” آنذاك، أن “الأمين العام لحركة عصائب أهل الحق، الشيخ قيس الخزعليّ، زار محافظة نينوى / قضاء سنجار، وتضمنت الزيارة لقاء المكونات الاجتماعية والدينية في القضاء، التي تمثل عراقاً مصغراً بتنوعها وتعايشها”.

وشدد سماحته بحسب البيان، على “أهمية تمليك الأراضي الخاصة بأهالي سنجار، تنفيذاً لقرار رئيس الوزراء مؤخراً كونه استحقاق وطني، لانهم جزء أصيل وأساسي من هذا البلد، و قدموا التضحيات من أجل وحدته وسيادته وأمنه”.

واشار الشيخ الخزعلي إلى “وجوب تعويضهم عن الخسائر الكبيرة التي لحقت بهم جرّاء جرائم عصابات داعش التكفيرية”.

*معاناة متفاقمة بزمن حكومة الكاظمي

لقد ساهمت الحكومة السابقة برئاسة مصطفى الكاظمي بتفاقم معاناة أهالي سنجار لدرجة أن الكاظمي أُتهم بالمساومة على حساب الإيزيديين في سنجار للحصول على دعم الحزب الديمقراطي.

وبهذا الصدد، قال الشيخ قيس الخزعلي إن “ظروف ولادة واستنتاج اتفاقية سنجار لم تكن ظروف مستقرة وغير صحيحة وانها حصلت في حكومة الكاظمي”، مشيرا الى أن “أغلب ماجرى في حكومة الكاظمي هو محل نقاش”.

واضاف، أن “الاتفاقية لم تكن تعكس الظروف الموضوعية المناسبة لحل مشكلة سنجار”، لافتا الى أنه “نعتقد أن هذه الاتفاقية بعد مرور مايقارب الثلاث سنوات عليها اثبت الدليل أنها غير قابلة للتطبيق”.

وتابع، “لو كانت هذه الاتفاقية قابلة للتطبيق لطبقت عندما كان رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي ومحافظ نينوى، نجم الجبوري، الذي كان يتمتع بعلاقة جيدة مع الحزب الديمقراطي”.

وبين سماحته، أن “الاتفاقية بتقديري غير قابلة للتطبيق لأنها غير مبتنية على أسس موضوعية ولاعلاجات صحيحة لمشكلة أهالي سنجار بصورة عامة والايزيديين بشكل خاص”. مشيرا الى  “الحاجة لاتفاقية جديدة أو تعديل هذه الاتفاقية”.

بدوره، عضو تحالف الجمعيات الإيزيدية المستقلة عيسى سعدو لـ'العهد'، إن حكومة الكاظمي كانت تريد عقد صفقة مع الحزب الديمقراطي لتحسين علاقتها مع الحزب ، وأيضا كانت تريد التضحية بقضاء سنجار فكانت النتيجة انبثاق اتفاقية سنجار سيئة الصيت.

وأضاف، أن 'اتفاقية سنجار سيئة الصيت يرفضها كل أهالي سنجار وكل مواطن شريف لأنها تعطي القضاء للحزب الديمقراطي على طبق من ذهب، مبينا أن الكاظمي ليس من أهالي سنجار ولا يحق له اقتطاع جزء من الاراضي العراقية وإلحاقها بالإقليم '.

وأشار سعدو إلى أن 'الحزب الديمقراطي يصر على تطبيق اتفاقية سنجار غير القانونية لأنه هو من كتب مضامينها ووافق عليها الكاظمي، لافتا إلى أن 'الاتفاقية تعطي الحق للحزب الديمقراطي بالعودة للقضاء وحكمه مجددا بعد أن هرب منه إبان دخول داعش'.

من جانبه، قال الباحث السياسي والناشط الإيزيدي ناصر كريت لـ'العهد'، إن اتفاقية سنجار التي وقعتها حكومة الكاظمي الغرض منها محاباة الكتلة النيابية التابعة للحزب الديمقراطي، مبينا أن الكاظمي قام بمساومات على حساب الإيزيديين في سنجار للحصول على دعم الحزب الديمقراطي'.

وأضاف كريت، أن 'الكاظمي ضرب مصالح الإيزيديين ومشاعرهم عرض الجدار وجامل الحزب الديمقراطي على حساب المكون'.

بدوره، أكد رئيس الكتلة الايزيدية في مجلس النواب النائب نايف خلف سيدو، أن رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي تجاهل حقوق المكون من اجل الحصول على مكاسب.

وقال سيدو في تصريح صحفي تابعته 'العهد نيوز' أن 'اتفاقية سنجار التي حصلت بين حكومة الكاظمي وحكومة إقليم كردستان لم يشرك المكون الايزيدي فيها مطلقا'.

وأضاف، أن 'الإيزيديين ليسوا بحاجة إلى وصاية من أحد ليقرر مصيرهم ويرفضون رفضا قاطعا كل الاتفاقيات التي تخص مناطقهم وتقرير المصير'، مؤكد ان 'جميع القوى السياسية الايزيدية حريصة على دعم استقرار سنجار'.

*حكومة السوداني ترمم ما خرّبه الكاظمي

يكثر الحديث وتطول الشواهد على الخراب الذي أحدثته الحكومة السابقة بالعراق بصورة عامة وقضاء سنجار بصورة خاصة، فالاتفاقية التي وصفت بالمشؤومة كان هدفها السيطرة على سنجار ارضاء لحزب بارزاني، وفق ما أكدته معظم الأوساط السياسية التي رأت أن ما خرّبه الكاظمي يعمل السوداني الآن على إعادة ترميمه بعد تأكيده لأكثر من مرة على رعاية الإيزيديين وأيضا قراره بتفعيل عمل اللجنة الخاصة بتعويضات سنجار وحقوق الشهداء الإيزيديين والناجيات.

وبهذا الصدد، أكد رئيس الوزراء محمد شياع السوداني التزام الحكومة برعاية الايزيديين، ودعم حقوقهم وتأهيل مناطقهم عبر إقامة مشاريع خدمية واقتصادية ضمن البرنامج الحكومي.

وقال المكتب الاعلامي لرئيس مجلس الوزراء العراقي في بيان بتاريخ 12 ايار 2023 'استقبل رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، في مقرّ إقامته بمدينة الموصل، أمير الديانة الإيزيدية في العراق والعالم ورئيس المجلس الروحاني الإيزيدي الأعلى حازم تحسين بيك، وفضيلة بابا شيخ الديانة الإيزيدية علي إلياس حجي، والوفد المرافق لهما'.

وأضاف البيان ان السوداني عبر في مستهل اللقاء 'عن الاعتزاز الكبير بأبناء الديانة الإيزيدية، ضمن أطياف مجتمعنا وشعبنا العراقي وتنوّعه الخلّاق'، مشيراً إلى 'المواقف الوطنية المتكاتفة التي وقفها الإيزيديون العراقيون في مواجهتهم للإرهاب، وتصدّيهم لكل المخططات التي حاولت قلع جذورهم الرافدينية العميقة، وتمسكهم ببلدهم العراق'.

وأشار البيان الى أن السوداني أكد 'التزام الحكومة برعاية المكون الإيزيدي وكل المكونات الأخرى، ودعم حقوقهم وتأهيل مناطقهم، عبر إقامة مشاريع خدمية واقتصادية ضمن البرنامج الحكومي، بما يسهّل من إعادة العوائل الإيزيدية النازحة إلى سكناها'.

وأوضح البيان ان السوداني اشار الى 'قرار مجلس الوزراء بتمليك العقارات والأراضي السكنية للمواطنين الإيزيديين التي عطل النظام السابق تمليكها بسبب سياساته التمييزية، فضلاً عن مواصلة تنفيذ قانون الناجيات من الإيزيديات والمكونات الأخرى، وتعويضهنّ عمّا لحق بهنّ من اعتداءات همجية على يد عصابات داعش الإرهابية، ومنح كامل حقوقهنّ التي أقرها القانون، وحقوق الشهداء والضحايا'.

من جانبه، قدّم الأمير حازم تحسين بيك والوفد المرافق له، الشكر لرئيس مجلس الوزراء والتقدير لخطوات الحكومة في رعاية أبناء الديانة الإيزيدية، مثمناً قرار مجلس الوزراء اعتبار رأس السنة الإيزيدية عطلة رسمية من كلّ عام للإيزيديين، وقرار المجلس بتمليك العقارات والأراضي السكنية العائدة للمواطنين الإيزيديين، الذي عطّله النظام السابق ضمن سياساته التمييزية.

كما عبّر الوفد عن تقديره لقرار الحكومة تفعيل عمل اللجنة الخاصة بتعويضات سنجار وحقوق الشهداء الإيزيديين والناجيات، وجهود إعادة الإعمار والشمول بالرعاية الاجتماعية، وباقي القرارات المتعلقة بالحقوق الثقافية، وجهودها في إشاعة التعايش السلمي ومكافحة خطاب الكراهية.