اخبار العراق
موقع كل يوم -المسلة
نشر بتاريخ: ٢٣ تشرين الثاني ٢٠٢٥
23 نونبر، 2025
بغداد/المسلة: كثر الجدل حول تصريح وزير العمل أحمد الأسدي الذي كشف بشجاعة عن سحب أكثر من مليار ونصف المليار دولار من حسابات الوزارة دون علمها.
هذه الشجاعة التي اندفعت كصاعقة في وجه التحايل على المال العام والتعدّي على حقوق الفقراء تُسجَّل للوزير، الذي بدا – بوضوح لا لبس فيه – مخلصًا لوطنه ولأموال الناس، لا خاضعًا لمصالح سياسية تُملي الصمت على غيره ممّن يقدّمون مكاسبهم الشخصية على المصلحة الوطنية.
مصرف الرشيد سارع إلى «التوضيح»، ووزارة المالية أصدرت بياناً، لكن الحقيقة المُرَّة التي لا يستطيع أحد نكرانها اليوم هي أننا أمام حكومة تصريف أعمال، متخصصة في استنزاف المال العام باسم «مقاولات الاعمار».
نعم، حكومة تعمّر على أنقاض الميزانية.
الحكومة الحالية، وباعتراف نواب في البرلمان، استهلكت كامل الفائض المالي الذي ورثته (34 تريليون دينار) في أقل من عامين.
لم تعرف معنى الادخار يوماً، ولم تكتفِ بإنفاق كل إيرادات النفط المتدفقة، بل ذهبت أبعد من ذلك: اقتحمت احتياطيات المصارف الحكومية، وسحبت سندات الخزينة، ونهشت حسابات الأمانات والضمان الاجتماعي، وحتى أموال الرعاية الاجتماعية التي كان يُفترض أن تكون خطاً أحمر.
الأرقام تتحدث بنفسها: نحو تريليوني دينار (حسب تصريحات) تم سحبها من صندوق الرعاية الاجتماعية.
كيف يمكن لحكومة تسطو على لقمة الفقراء والأيتام والأرامل أن تُقنعنا بأنها «ناجحة» و«منجزة»؟
الجواب بسيط ومؤلم: لأنها ليست حكومة اقتصاد وتخطيط وموازنة، بل حكومة مقاولات وصفقات.
همُّها الوحيد أن تبني مجسراً هنا وجسراً هناك في بغداد لتُعلِّق عليه لافتة «إنجاز حكومي»، بامتياز»، بينما الميزانية خاوية، والمديونية الداخلية والخارجية وصلت مستويات قياسية، والفقر يزحف، والبطالة تفتك بالشباب.
في كل يوم جديد تكتشف وزارة أو مؤسسة أن ملياراتها «تبخَّرت» أو «أُعيرَت» للموازنة دون علمها.
وفي كل مرة يخرج علينا مسؤول ليقول «الأمر عادي» أو «سيتم تسديده لاحقاً».
لكن الشعب يعرف أن «لاحقاً» هذا لن يأتي أبداً، وأن من يدفع الثمن هم الأجيال القادمة، والمتقاعد الذي لن يجد راتبه، والطفل الذي لن يجد منحة دراسية.
هذه ليست حكومة إعمار، بل حكومة إفقار منظَّم، تُعمِّر جسوراً من أوهام بينما تهدم مستقبل بلد بأكمله.
وتبقى النتيجة الوحيدة المضمونة: مقاولو الحكومة يتحولون إلى قطط سمان، والشعب يبقى جائعاً يتفرج على اللافتات البراقة.
إذا كان هذا هو «الإنجاز»، فالعراق لا يحتاج إلى إنجازات أخرى.
يكفيه أن يبقى على قيد الحياة.
About Post Author
Admin
See author's posts






































