اخبار العراق
موقع كل يوم -المسلة
نشر بتاريخ: ٨ تموز ٢٠٢٥
8 يوليو، 2025
بغداد/المسلة: تمضي الأسابيع نحو الموعد الانتخابي المقرر في العراق، في الحادي عشر من نوفمبر المقبل، بينما يبدو الشارع العراقي كمن صرف نظره تماماً عن هذا الحدث، تاركاً صناديق الاقتراع لفراغ سياسي قد يكون أقسى مما هو قائم.
وتتجه بوصلة اهتمام العراقيين نحو ما هو أبعد من حدود الوطن، حيث تحترق غزة منذ 21 شهراً، ويتفاعل الداخل العراقي مع العدوان الإسرائيلي الأميركي على إيران، أكثر مما يتفاعل مع حراك انتخابي فقد معناه في نظر كثيرين. ويزيد من فتور المزاج العام تصريح مقتدى الصدر، زعيم التيار الصدري، حول 'المقاطعة'، التي لم تكن هذه المرة انسحاباً تكتيكياً، بل موقفاً استراتيجياً، يطعن في شرعية العملية السياسية من أصلها.
ويتحدث الصدر بلغة حادة تضع العملية الانتخابية في خانة 'العرجاء'، ويصرّ على أن لا مشاركة حيث الفساد طافح والطائفية تسبق المواطنة، والولاءات الحزبية تسبق مصالح الشعب.
ويقترن كلامه بدعوة صريحة لأتباعه إلى عدم التصويت أو الترشح، لأن في ذلك – حسب قوله – 'إعانة على الإثم'، وهي جملة تعكس استعارة فقهية حمّالة لأكثر من دلالة سياسية وأخلاقية.
وتُضاف إلى موقف الصدر مقاطعة رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي، الذي ربط عزوفه عن الترشح برؤية إصلاحية تعارض الانغلاق وتدعو لتوسيع القاعدة السياسية، لكنه في الآن ذاته يعترف ضمنياً أن النظام الانتخابي لا يردع الفاسدين، بل يمنحهم الغطاء والفرصة.
وتتوالى التصريحات المحذّرة من تزوير وشراء أصوات، في حين تواصل مفوضية الانتخابات محاولاتها المتأخرة لتأكيد نزاهتها، ببيانات تحذيرية عن 'الجرائم الانتخابية' التي لم تُردع يوماً. لكن الثقة الشعبية ضائعة، كما يقول الناشط علي الحجيمي، الذي يجزم بأن نسبة المشاركة التي ستُعلن لاحقاً ستكون كاذبة، 'ضمن آلاف الأكاذيب السياسية'.
وتتعمق الأزمة حين تتحول المشاركة في الانتخابات من استحقاق مدني إلى رد فعل طائفي.
ومع تراجع الحماسة الشعبية، تشعل بعض الأحزاب خطاباً مذهبياً، محاولةً اجتراح انتقام سياسي، بدل إعادة بناء الثقة. أما القوى المسيحية، فتطالب بنزع السلاح في مناطقها، شرطاً لأي مشاركة انتخابية، في بلد تتداخل فيه المذاهب بالبنادق، والديمقراطية بالخوف.
ويبدو أن انسحاب قوى سياسية، وسط تراجع ثقة الناس في صناديق باتت تُملأ بالوعود أكثر من الأصوات، يهدد بتحول الانتخابات إلى واجهة شرعية بلا محتوى، وصندوق اقتراع يعلوه الغبار قبل أن يُفتح.
About Post Author
moh moh
See author's posts