اخبار العراق
موقع كل يوم -المسلة
نشر بتاريخ: ٣ أيلول ٢٠٢٥
3 شتنبر، 2025
بغداد/المسلة: يكشف تراجع الخزين المائي في العراق إلى أدنى مستوياته منذ ثلاثينات القرن الماضي عن عمق الأزمة التي تواجهها الدولة في تأمين مورد حياتي يرتبط بوجودها السياسي والاجتماعي.
ويظهر أن البحيرات التي شكّلت لعقود صمام أمان إستراتيجي لم تعد قادرة على الصمود أمام الضغط المزدوج المتمثل في تراجع الإيرادات المائية وارتفاع درجات الحرارة المتطرفة.
ويشير خبراء إلى أن فقدان هذا الدور الاحتياطي يضع العراق أمام معادلة خطيرة، حيث لم يعد التخزين الداخلي كافياً لتغطية الاحتياجات الزراعية والشرب والصحة العامة.
ويؤكد المراقبون أن مشاريع السدود التركية والإيرانية تحولت من مشاريع تنموية محلية إلى أدوات ضغط إقليمي تتحكم في تدفقات دجلة والفرات.
ويبرز أن هذا الخنق المائي ليس مجرد أزمة عابرة، بل هو مسار إستراتيجي يهدد الأمن الغذائي والسيادة الوطنية العراقية، فيما أعلن المتحدث الرسمي باسم وزارة الموارد المائية خالد شمال أن العراق يواجه أدنى خزين إستراتيجي مائي منذ ثلاثينات القرن الماضي، كاشفاً أن البحيرات التي كانت تمثل صمام الأمان المائي للبلاد لم تعد قادرة على تغطية الحاجات بالوتيرة السابقة، وأن السبب يعود بالدرجة الأساس إلى ما وصفه بالحصار المائي الذي تفرضه دول الجوار عبر مشاريع السدود الكبرى، إلى جانب موجات الحر المتزايدة التي ضاعفت نسب التبخر وخسائر الخزين.
وأوضح شمال في تصريحاته أن تركيا وإيران أنشأتا عشرات السدود العملاقة، بما انعكس مباشرة على الحصة المائية العراقية، فيما زادت الأزمة السورية الوضع سوءاً، إذ لا يصل إلى العراق أكثر من 40 بالمئة من حصته الطبيعية من مياه الفرات ودجلة، الأمر الذي أجبر الوزارة على اللجوء إلى الخزين الداخلي لتأمين الزراعات الصيفية والشتوية الماضية، وضمان استمرار مياه الشرب والاستخدامات المنزلية والصحية، فضلاً عن الحفاظ على بيئة الأهوار الهشة وتحسين نوعية المياه في شط العرب.
وذكر أن الحكومة انتقلت في تعاملها مع الملف إلى مرحلة جديدة، بعدما حوّل رئيس الوزراء محمد شياع السوداني قضية المياه من ملف فني ودبلوماسي إلى ملف سيادي يرتبط مباشرة بالأمن القومي، ما أعطى العراق مساحة أوسع في التفاوض مع أنقرة وطهران ودمشق. وأكد أن زيارات رسمية أجراها رئيس الجمهورية ووزير الموارد المائية أسهمت في فتح قنوات حوار أكثر جدية مع دول المنبع، وإن كانت النتائج ما زالت في حدود التحسن النسبي.
واعتبر مراقبون أن الأزمة المائية تجاوزت حدود التحدي الزراعي لتتحول إلى تهديد للسيادة الوطنية والأمن الغذائي، إذ تظهر الإحصاءات الرسمية أن العراق خسر خلال العقدين الماضيين أكثر من 50 بالمئة من مساحاته الزراعية الصالحة، فيما تتصاعد الأصوات في شبكات التواصل الاجتماعي محذرة من أن 'العراق يُخنق عطشاً'، وداعية الحكومة إلى تدويل الملف في المحافل الأممية.
About Post Author
Admin
See author's posts