×



klyoum.com
iraq
العراق  ٢٩ نيسان ٢٠٢٤ 

قم بالدخول أو انشئ حساب شخصي لمتابعة مصادرك المفضلة

ملاحظة: الدخول عن طريق الدعوة فقط.

تعبر المقالات الموجوده هنا عن وجهة نظر كاتبيها.

klyoum.com
iraq
العراق  ٢٩ نيسان ٢٠٢٤ 

قم بالدخول أو انشئ حساب شخصي لمتابعة مصادرك المفضلة

ملاحظة: الدخول عن طريق الدعوة فقط.

تعبر المقالات الموجوده هنا عن وجهة نظر كاتبيها.

موقع كل يوم »

اخبار العراق

»ثقافة وفن» جريدة المدى»

العشوائية، الصدفة والفوضى وأثرها في صناعة الحدث التاريخي

جريدة المدى
times

نشر بتاريخ:  الثلاثاء ٢٦ أذار ٢٠٢٤ - ٢٢:٥٨

العشوائية، الصدفة والفوضى وأثرها في صناعة الحدث التاريخي

العشوائية، الصدفة والفوضى وأثرها في صناعة الحدث التاريخي

اخبار العراق

موقع كل يوم -

جريدة المدى


نشر بتاريخ:  ٢٦ أذار ٢٠٢٤ 

لطفية الدليمي

نميلُ غالبا إلى التفكّر المتواصل في تاريخنا البشري والطبيعي ووضعه موضع الاستنطاق والمساءلة. يبدو أنّ المساءلة الشائعة لهذه التواريخ ستجعلنا ننتهي إلى مايمكن تسميته (سرديات كبرى Grand Narratives):

عصر التنوير والاصلاح الديني الاوربي، ونشوء الحربين العالميتين الاولى والثانية – مثلاً – يمثلان سردية كبرى في تاريخنا البشري، مثلما أنّ نشوء الانسان العاقل Homo Sapiens يمثل سردية كبرى في تاريخنا الطبيعي، وانبثاق الحضارة الصناعية بأطوارها المختلفة (بخارية، كهرباء، محرك الاحتراق الداخلي،،،،) يمثلان سردية كبرى في تاريخنا التقني. تتشارك هذه السرديات الكبرى بخصائص مميزة: إنها أفعال كبيرة، حتمية محكومة بسلسلة سببية خطية صارمة، عقلانية. لعلّ مواريث عصر النهضة الاوربية (الثورة الفيزيائية النيوتنية بالتحديد) هي السبب الاعظم الذي ساهم في التأطير المفاهيمي لهذه التواريخ ووضعها في هذا السياق النسقي الذي جاء مع عصر الحداثة، ثمّ مع حلول حقبة مابعد الحداثة نُسِفت هذه السرديات الكبرى ولم تعُدْ تحتلُّ مواضعها المركزية السابقة في الفكر البشري. نحنُ في العادة نميلُ إلى التماهي مع سياق السرديات الكبرى لما تنطوي عليه من حتمية وعقلانية وعناصر كبرى من الفعل تتفق مع رغبتنا البشرية في إضفاء الخصيصة العلمية الصارمة على أفعالنا التاريخية. السرديات الكبرى بكلّ أناقتها المفاهيمية وصِلاتها السببية الخطية توفّرُ علينا عناء البحث عمّا هو كامنٌ تحت السطح المباشر والمرئي للأحداث؛ لكنّ تراكماً من الوقائع في العالم المادي دفعتنا دفعاً لمراجعة هذه السرديات الكبرى مراجعة شاملة.

يمكن إعتبارُ نظرية الفوضى Chaos Theory بداية خطّ الشروع في هذه المراجعة التاريخية الجذرية. نظرية الفوضى في أصلها هي محاولة علمية تُرينا كيف تتعامل النظم المعقدة بحساسية كبرى مع التغيرات الصغيرة التي تطرأ عليها. بعبارة أخرى: الافعال الصدفوية الصغيرة Flukes يمكن أن تنشأ عنها تأثيرات كبيرة في النظم المادية (الفيزيائية). نحنُ في العادة لانحبّذُ مدّ هذه الرؤية على النظم البيولوجية (الكائنات الحية) لاعتقادنا بأنها تخضع لمؤثرات أخرى؛ لكنّ التحليل الدقيق سيكشف لنا خطل هذه الرؤية. هذا مايعتقده ويؤكّد عليه البروفسور بريان كلاس Brian Klaas أستاذ التاريخ العالمي Global History في الكلية الجامعة بلندن، وقد عرض أفكاره في أحدث كتبه المنشورة في يناير (كانون ثاني) 2024 بعنوان:

الافعال العشوائية الصغيرة: الصدفة، الفوضى، ولماذا ما نفعله له أهميته المؤثرة

Fluke: Chance, Chaos, and Why Everything We Do Matters

يبدأ كلاس كتابه بمقدّمة مسهبة يكتب فيها عن الافعال الصدفوية والعشوائية التي رافقت تشكّل تاريخنا البشري المعروف بموضوعاته الكبرى، ثمّ يقدّمُ شرحاً مكثفاً لحالة معاصرة - ليست بعيدة عنا – عندما تمّ القرار على إلقاء القنابل النووية على اليابان. هذه الحالة هي أقربُ إلى دراسة الحالة Case Study المعروفة في حقل الأدبيات الطبية حيث تكون حالةٌ ما نموذجية دالة على حالات كثيرة؛ لذا سيكون من المفيد عرضُ تفاصيل قرار إلقاء القنابل النووية على مدينتي هيروشيما وناغازاكي اليابانيتين.

عندما تقرّر قصف اليابان نووياً في أيار (مايو) عام 1945 عقب نهاية الحرب على الجبهة الالمانية تمّ إختيار (بنك أهداف) من المدن اليابانية التالية: كيوتو، هيروشيما، كوكورا، نيغاتا، ثمّ أضيفت ناغازاكي كخيار إضافي. هذا ماإعتمدته لجنة من كبار جنرالات الحرب الامريكيين؛ لكن عندما عرِضت القائمة على وزير الحرب ستيمسون Stemson رفض بشدّة وَضْعَ كيوتو على قائمة الاهداف متعللاً بأنّها مدينة تضمُّ كثيراً من كبار الطبقة المثقفة (الانتلجنسيا) اليابانية الذين سيكون من المفيد التعامل معهم بعد نهاية الحرب مع اليابان. تكشّفت حقيقة الامر لاحقاً: كان ستيمسون وزوجته قد أمضيا شهر عسلهما في فندق بمدينة كيوتو قبل تسعة عشر عاماً (عام 1926 بالتحديد)، وقد ساء ستيمسون أن يرى مظاهر الحزن على وجه زوجته عندما علمت بأنّ هذه المدينة ستؤول إلى محرقة نووية عمّا قريب فعزم على إخراج المدينة من قائمة الاهداف المرشّحة للقصف النووي. جاهد الجنرالات الامريكان لحثّه على قصف مدينة كيوتو لكونها مركزاً لتجمّع صناعي مهم فضلاً عن كونها عقدة المواصلات اليابانية؛ لكنّ ستيمسون رفض بحزم. ماذا كانت النتيجة؟ دفع أهل هيروشيما ثمن النوستالجيا المؤلمة التي حرّكت عواطف زوجة وزير الحرب الامريكي.

حصل أمرٌ مشابه بعض الشيء عند قصف ناغازاكي. كانت مدينة ناغازاكي هي المرشّحة للقصف تليها مدينة كوكورا؛ لكنّ تجمعاً كثيفاً من الغيوم دفع طاقم الطائرة القاصفة للعدول عن قصف ناغازاكي واختيار الهدف الثاني على لائحة القصف. إستدارت الطائرة متوجهة نحو كوكورا؛ لكنّ عضو الطاقم المسؤول عن توجيه القنبلة لمح في اللحظة الاخيرة فتحة بين الغيوم بانت منها مدينة ناغازاكي؛ فأشار إلى قائد الطائرة بالعودة إلى المسار السابق وتنفيذ خطة القصف الاصلية، وهكذا حُرِق أبناء ناغازاكي في الوقت الذي بقي أهل كوكورا سالمين. ذهب هذا المثل كناية عن كلّ ذي حظ عظيم؛ فيوصفُ بأنّ له حظاً عظيماً في الحياة كحظّ كوكورا.

المثال الموصوف أعلاه يمثّلُ حالة نموذجية لأفعال صدفوية صغيرة صنعت تاريخاً كبيراً، وقد إنطوت على كلّ الخصائص الجوهرية لهذه الافعال من حيث كونها:

1. أفعال صدفوية صغيرة: لعلّ قضاء شهر عسل يمثلُ حدثاً كبيراً في تاريخ الازواج؛ لكنه لايعدّ حدثاً مؤثراً في تشكيل تاريخنا البشري. ماذا لو قرّر ستيمسون وزوجته قضاء شهر عسلهما في مدينة غير كيوتو؟ وماذا لو أنّ عضو الطاقم المسؤول عن توجيه القنبلة قرّر صرف النظر عن وجود فتحة في الغيوم تكفي لتحديد مدينة ناغازاكي بصرياً ومن ثمّ قذفها بالقنبلة النووية؟

2. غير محكومة بسببية صارمة: قانون السببية الخطية لايبدو أنه يعمل في مثال القصف النووي الياباني. كانت طوكيو العاصمة – مثلاً – شبه محطمة بتأثير القصف الجوي الامريكي التقليدي بقنابل حارقة، وقد بدا القصف النووي على اليابان أقرب لإستعراض قوة أمريكية موجّه إلى الحلفاء الآخرين وليس دفعاً لليابان للتوقيع على وثيقة الاستسلام غير المشروط.

3. لاعقلانية: نحنُ – لو تُرِكنا لحالنا ومخيلتنا الخصبة – سنميلُ للتوقّع بأنّ إنتقاء الاهداف اليابانية جاء بعد مناقشات مستفيضة إتّسمت بعقلانية صارمة ومفرطة وبخاصة أنّ الامريكان كانوا بصدد تجريب سلاح نوعي جديد ذي قدرة تدميرية ساحقة. هذا حصل بالفعل، وكانت العقلانية هي الحاكمة لمباحثات اللجنة المكلّفة بإنتقاء الاهداف؛ لكنّ القرار الاخير كان بمؤثرات غير عقلانية (نوستالجيا في مثال كيوتو، وتشكّل عشوائي للغيوم في مثال كوكورا.

*****

بعد المقدمة المسهبة للكتاب يتناول المؤلف موضوعات تؤكّدُ عناوينها أصل أطروحته. نقرأ في هذه العناوين: تغييرُ أي شيء يغيّرُ كلّ شيء، لايحصل أيّ شيء بسبب محتّم، لماذا تشوّه أدمغتنا الواقع؟، السرب البشري، قواعد هيراقليطس، الحيوان الذي يروي الحكايات، لكلّ منا تأثير الفراشة الخاص به، عن الساعات والتقاويم، معادلات الامبراطور الجديدة، هل يمكن للأمور أن تحدث بطريقة أخرى؟. عناوين مثيرة من غير شك وتُغري على قراءة الكتاب.

كلُّ كتابٍ يخالف السرديات الكبرى السائدة له سحره الخاص وإغواؤه الفكري الجاذب. أظنُّ أنّ السحر والاغواء لن يخفتا أو ينقطعا لدى القارئ الذي يقرأ أيّ فصل من فصول كتاب كلاس.

أخر اخبار العراق:

وزير التعليم: أكثر من 2000 طالب أجنبي تقدموا للدراسة بالجامعات العراقية العام المقبل

* تعبر المقالات الموجوده هنا عن وجهة نظر كاتبيها.

* جميع المقالات تحمل إسم المصدر و العنوان الاكتروني للمقالة.

موقع كل يوم
1

أخبار كل يوم

lebanonKlyoum.com is 1642 days old | 929,737 Iraq News Articles | 8,183 Articles in Apr 2024 | 165 Articles Today | from 32 News Sources ~~ last update: 26 min ago
klyoum.com

×

موقع كل يوم


مقالات قمت بزيارتها مؤخرا



العشوائية، الصدفة والفوضى وأثرها في صناعة الحدث التاريخي - iq
العشوائية، الصدفة والفوضى وأثرها في صناعة الحدث التاريخي

منذ ٠ ثانية


اخبار العراق

* تعبر المقالات الموجوده هنا عن وجهة نظر كاتبيها.

* جميع المقالات تحمل إسم المصدر و العنوان الاكتروني للمقالة.






لايف ستايل