اخبار العراق
موقع كل يوم -المسلة
نشر بتاريخ: ١٦ تموز ٢٠٢٥
16 يوليو، 2025
بغداد/المسلة: يسير مجلس النواب العراقي بخطى متسارعة نحو إقرار قانون جديد لتنظيم هيئة الحشد الشعبي، لكنّ ما جرى داخل قاعة البرلمان في جلسة القراءة الثانية لمشروع القانون لم يكن محصوراً في الجوانب التشريعية فقط، بل كشف عن تحوّلات أعمق تمسّ بنية الدولة والتوازن السياسي فيها، وذلك بعد انسحاب نواب من الكتل الكردية والسنية احتجاجاً على إدراج القانون في جدول الأعمال.
وتتجاوز دلالات الغياب الكردي والسنّي حدود الاعتراض الإجرائي أو الخلاف على الصياغات القانونية، لتلامس جوهر العقد الوطني الذي تأسست عليه العملية السياسية بعد 2003. فأن يُستكمل النقاش حول أحد أكثر الملفات حساسية—هيئة الحشد الشعبي—في ظل غياب مكوّنات رئيسية في المشهد العراقي، يعني أن الثقة المتآكلة بين الشركاء السياسيين بلغت مرحلة خطرة من الانكشاف.
وتتداخل الحساسيات الطائفية والجغرافية والمصلحية في خلفية هذا القانون، إذ يُنظر إلى الحشد الشعبي من قبل بعض القوى السنية والكردية كأداة تستخدمها قوى شيعية مهيمنة لتعزيز نفوذها داخل الدولة، لا كقوة أمنية خاضعة لقوانين المؤسسة العسكرية.
ويزيد من التوتر أن القانون الجديد لا يكتفي بإعادة تنظيم الهيكل الإداري للحشد، بل يمنح رئيس الهيئة صلاحيات موسعة، ويستحدث تشكيلات جديدة، ما يفتح الباب أمام تعزيز استقلالية المؤسسة عن بقية أجهزة الدولة.
ويأتي انسحاب النواب الكرد والسنة كتعبير رمزي عن رفض المشاركة في إعادة رسم خارطة الدولة العراقية وفق مقاسات مكوّن واحد، وسط صمت رسمي من الرئاسات الثلاث، ما يعيد إلى الأذهان مشاهد ما قبل الانقسام السياسي في فترات سابقة، حين كانت التشريعات تمرّ بفعل الأمر الواقع لا بفعل التوافق.
ويتزامن ذلك مع ما يشبه الانسحاب الاستراتيجي من ملف التوازنات الوطنية، وكأن البرلمان صار يمثل قوى متشرذمة الاساليب و الاهداف بلا عقد وطني جامع.
ومن المحتمل ان المكونات الغائبة سوف تسارع إلى اتخاذ مسارات موازية خارج الإطار البرلماني، ما ينذر بعودة سياسات المقاطعة والرفض الجذري، لا سيما إذا ما تم تمرير القانون فعلاً في الجلسات المقبلة.
About Post Author
Admin
See author's posts