هند كامل: جيلنا وقف على أرض ثابتة.. والفضل يعود لمن سبقونا

ترى أننا نفتقد للثقافة التوثيقية بالرغم من امتلاكنا لكفاءات كبيرة

علاء المفرجي

- 2 -

الفنانة هند كامل ممثلة عراقية. اثبتت حضورها الفني، عبر مسيرة امتدت لأكثر من أربعين عاما، في المسرح والسينما والتلفزيون، ولدت في بغداد وتنتمي الى عائلة فنية،

كان لها ثقلها النوعي في الفن، فهي متزوجة من المخرج والإعلامي الكبير الراحل 'فيصل الياسري' والدها أستاذ جامعي (كامل شندي) ومصور فوتوغرافي محترف، وهي ابنة الممثلة الرائدة فوزية الشندي وأخت الممثلة هديل كامل.

أظهرت اهتماما مبكرا بالفنون نتيجة لبيئة عائلتها، فوالدتها الممثلة المعروفة (فوزية الشندي) كانت تصحبها معها وهي طفلة صغيرة إلى بروفات المسرح أو أستوديوهات التلفزيون، وفي منزلهم كانت تحيط بها الكتب واللوحات الفنية، وكان جميع من في البيت يقرأ، فتعلمت منذ الصغر أن تكون لها مكتبتها الخاصة في غرفتها الصغيرة في الدور الثاني في منزلهم بحي الجامعة ببغداد. في الابتدائية والثانوية كانت مشاركة فعالة في الانشطة الثقافية والفنية المدرسية، فتلقي الشعر، وتغني، وتمثل، وأيضا ترسم وكانت تميل إلى رسم الكاريكاتير. عززت اهتمامها بالفنون بقاعدة علمية اكاديمية بالالتحاق بكلية الفنون الجميلة / جامعة بغداد، ونالت البكالوريوس 1983 في الدراسات المرئية السمعية كمخرجة. وتدرس حاليا على الماجستير.

التقتها (المدى) لتقف عند أهم المحطات الحياتية والفنية التي مرت بها :

هذه السيرة تقاسمها عدد من المثقفين، ولا شك ان ذلك أغنى المشروع ، فما هو السبب الذي دفعك للاعتماد على اكثر من مثقف واكثر من كاتب في كتابة هذه السيرة الذاتية ؟

نحن نمتلك اقلام مهمة، لكن لا نتملك وعي لتوثيق سيرة الرموز العراقية، يعني ممكن شعريا نجدها او ممكن نجدها في أطاريح تدرس لغرض الدراسة ولكن ليس لغرض التوثيق لمرحلة او عصر او لشخصية او اسم ميّز جيل، فهذه الثقافة التوثيقية غير موجودة لدينا بالرغم من امتلاكنا لكفاءات كبيرة، فانا تكلمت مع اسماء مثقفة وكبيرة عندما بدأت بهذا المشروع وقلت لهم بأن ما يهمني هو ان اخذ شهادتكم في مشروعي السيرة الذاتية وعني شخصيا، ناطق خلوصي هذا الرجل المثقف والمترجم والمختص الذي يكتب في النقد التلفزيوني، وهو من اهم الأقلام التي كتبت والمتخصصة، هو كتب عني كممثلة، وشرف لي ان يكتب لي مقدمة الكتاب.

حقيقة انا صدمة من كثير من الاقلام المثقفة من حيث التعامل وعدم التشجيع في هكذا مشروع وعزوف واستنكار واستهزاء منهم على ما اقدمت عليه من عمل كتابي، هذا ان كان ندا لك، فعندما عملت الجزء الاول وهي القصة الروائية الفوتوغرافية في الكتاب، وبعدها القصة الارشيفية، قلت في قرارة نفسي أن القارئ العراقي بالذات وليس العربي، سوف لن يفهم الكونسرت للكتاب وسيعتبره كتاب البوم صور، هذه المفردة نبهتني بأن الناس سوف تنظر على انه البوم وليس كتاب بينما أن ما يتضمنه الكتاب من توثيق صوري بذلت به وقتا كثيرا، وهل تعلم ان الكتاب لا يحتوي على اية صورة مكررة (ما عداي طبعا) فانا وضعت الكثير من الصور بأوضاع متغيرة كالقبعة والمكياج والهدف ان اقول للناس هذه هي المرأة العراقية، أتفاجأ أن احداهن عندما تصفحت الكتاب تقول من هو الذي عمل لك هذا الكتاب؟ لم تبارك لي أو تهنئني بالإنجاز مثلا. وأخرى تقول باستهزاء لماذا هذه الصور الكثيرة والحلي، وهذا طبيعي وما كنت اتوقعه ولكني لم اتوقف هنا لأن الرسائل التي في الكتاب، أهم بكثير من الرؤية الفقيرة للمنجز، فانا عملت منجزا، ولربما الان لم يأخذ تقديره وقيمته، ولكن سيأخذ تقديره في وقت أخر يأتي بشكل منصف وموضوعي. وينظر الى هذا المنجز أن امرأة قامت به، امرأة وحدها اعتمدت على ما لديها من موجودات وعملت من لا شيء شيئا.

هل تجديها ضرورة ان يكتب الفنان وبخاصة الفنان صاحب الخبرة والمنجز الطويل سيرته الذاتية ليطلع على الاجيال اللاحقة؟

نعم مهم جدا ان يكتب الفنان سيرته الذاتية، ولكن ليس هو وحده من يكتب، ولكن يجب ان تكون هناك مؤسسة معنية في ذلك.

المتابع لأدوار هند كامل في السينما او التلفزيون او المسرح هو التنوع بين الادوار المركبة والتراجيدية والكوميدية ولكن الملاحظ من ان الادوار المركبة قد حصة كبيرة منها، في (رائحة القهوة) مثلا. لماذا تستهويك مثل هذه الادوار، مع انك حياتك كانت في محيط حياة هانئة سعيدة؟

الشخصية عندما يكون فيها عمق فانا معروفة باني اقل ممثلات جيلي اعمالا فانا اتذكر واحدة من زميلاتي كانت تقول بأن هند كامل اقل ممثلة عملت مسلسلات ولكن اكثر ممثلة الناس تتذكرها في الشاشة، وهذا دليل على الحضور الفني، وكان هدفي في ان اقدم شخصية لديها رسالة الى المجتمع، انا احب الشخصيات التي فيها عمق انساني وليس بالضرورة ان تكون الشخصية طيبة بل ما يهمني ان تكون الشخصية مؤثرة ولديها رسالة، فمثلا انا عملت في مسلسل الهاجس بدور لمياء البنت الاستغلالية، وهذه الشخصية فيها رسالة، عكس بعض الممثلات الجميلات لا يرغبن في الذهاب بهذا الاتجاه من التمثيل لان الجمهور لا يحب ذلك، لذا كانت تستهويني هكذا نوع من الادوار، في مسلسل (الجرح) على سبيل المثال المؤلف احمد قباني رحمه الله كاتب السيناريو السوداني رشحني لدور الحبيبة المظلومة، ولكني اخترت ان اكون الحبيبة المجروحة ، فكل ممثل يرى الدور الذي يختاره، والى اين يريد الوصول بالنهاية لان العمل بشكل عام هو ان تختار بنفسك اين تريد ان تكون فهذا ما يقرره الانسان وهذا القرار يلزمك بعدة تضحيات فأنا اكاد اجزم بان الممثلة العراقية الوحيدة التي اتيحت لها فرص عربية ان تكون نجمة عربية فانا أتيحت لي فرصة أن امثل في مصر ام الفن، لكني فكرت في قرارة نفسي باني ممثلة عراقية واستطيع ان امثل باللهجة المصرية فما الذي سأضيفه، صحيح سأكون اكثر شهرة لكني ايضا مشهورة محليا ويهمني ان اكون امرأة عراقية اعمل في عمل عربي يهمني ذلك واتباهى به، فما يهمني هو ان امثل بلدي لا ضير في ان أذهب وامثل بلدي عربيا وهذا الكلام عندما كنا في مهرجان القاهرة وحينما تُوجت بنجمة المهرجان، وكان ذلك في فلم (الحدود الملتهبة) مع المرحوم صاحب حداد فجلست في مؤتمر صحفي وسألوني عن امكانية عملي في مصر، فكان جوابي بانه شرف كبير ان انتمي الى السينما المصرية وبهذه الاسماء التي كنت اقرا عنها، وان يكون اسمي من بين هذه الاسماء وهذا كان حلمي، وانا الان اقف بجانب الكثير من النجوم، اقطع كيكة المهرجان، وتمثيلي للعراق فخر عظيم، وان أكون بين هؤلاء العمالقة، فقلت له: انا افضل أن يكون مكاني بين المصريين والعرب بصفتي ممثلة عراقية فصفق الجمهور لي لانهم يحترمون المبدع الذي يحترم انتماؤه.

بتقديري أنك من الجيل الثالث من الممثلات حيث أرى ان الجيل الاول من الممثلات مثل زينب وأزادوهي صاموئيل، ووداد سالم، وغيرهن كانت تسعفهم جرأتهم في الدخول الى ميدان الفن، درجة تراجعت فيها الكفاءة الادائية لصالح هذه الجوانب، أما الجيل الثاني فقد حضي بدعم الدولة ورعاية الفنانين الرواد، سؤالي: ما الذي يميز جيلك من الممثلات اللائي تسلحن بالموهبة والعلم؟

جيلنا اعتبره جيل محظوظ كونه تتلمذ على جيلين سبقوه على صعيد الجهد الفني والاكاديمي والثقافي، فعندما ولجنا عالم الفن، نحن الجيل اللاحق كان هناك نظام مؤسساتي قام باحتضاننا فهناك اشخاص أسسوا لنا القاعدة، فعندما قدمنا وقفنا على ارض ثابتة والفضل يعود للذين سبقونا في صناعة الارض التي وقفنا عليها، واحترمنا تلك الارض الى احتضنتنا، لم نتعامل معها باستهتار، واكملنا ما بدأ به اساتذتنا من الجنسين الرجال والنساء وتسلحنا بالمعرفة والعمل والاحترام والاخلاقيات وبقينا لحد الان حريصين على ان ننهل من العلم والمعرفة وعلى الرغم من خبرتنا الطويلة والتراكمية. وعندما تتحدث معنا وكأننا امس بدأنا وليس قبل اربعين سنة بهذا العقل، بالنسبة لي انا انظر الى الموضوع بعين الدهشة وبعين الطفلة والروح الهاوية فأنا محترفة رصينة ولديها حب التعلم، حاليا ادرس الماجستير والذين معي في الدراسة بعمر اولادي ولكن لدي لهفة للعلم والفضول لدرجة ارى نفسي وكأني اصغر منهم سناً، وارى فضولي يناسب اعمارهم ولا يناسب عمري وجاهزيتي تناسب اعمارهم ولا تناسب عمري.

كذلك عندما اعمل في التلفزيون واقف أمام الكاميرا والأجيال الشابة التي تقف امامي واقولها وبكل تواضع ان هناك فرقا شاسعا بالجاهزية واحترام تقاليد العمل والانضباط.

هذا الذي تعلمناه من اساتذتنا وهذا جهدنا على ذاتنا وكم عملنا على انفسنا وعلى عقولنا وعلى مواهبنا، فاعتقد باننا الامتداد الحقيقي للجيلين الذين سبقونا ونفخر بأننا وضعنا ضمن هذا التصنيف.

الجيل اللاحق لجيلكم والذي يشغل الأن الأعمال الدرامية والمسلسلات ما رأيك به؟

انا مع كل موهبة حقيقية موجودة في الساحة، فهناك حاليا مواهب كوميدية من العنصر النسوي، وهناك مواهب لو يتم احتضانهن ودعمهن وجعلهن على الخط الصحيح للاحتراف، ممكن ان يكن جيدات جدا لان الساحة الفنية ولم اقل لك الوسط الفني، لان الوسط الفني يجب ان يكون لديه مواصفات مثلا وسط رهبان او راهبات، هذا الوسط لديه مواصفات فنحن ليس لدينا وسط فني؛ وهذه المفرد لم يعد لديها وجود فلدينا الان ساحات مثل الدكاكين كل واحد يقدم بضاعته وخصوصا الان على مواقع التواصل الاجتماعي، وهذا بسبب الثورة الرقمية حتى من جانب الفن، سابقا كان الشخص يدرس ويتعلم بأوروبا وباقي الدول حتى تقدم حيلة او حيلتين او ثلاث حيل تصورية، أما الان فبمجرد وجود موبايل بين يديك باستطاعتك ان تعمل افضل الحيل التصويرية صعوبة، وتقدم منتج فلمي كوميدي او درامي لبضع دقائق، لذلك هناك كثير من الامور يجب ان يعاد النظر بها ويرفع هذا البساط ووضع معايير لقياس مثل تلك الحالات، صحيح يوجد مواهب، ولكن لا توجد رعاية حقيقية وهناك فرص مجانية كثيرة تعطى للمواهب ولغير المواهب، لكن الموهبة الحقيقية بعد سنين اذا كانت تريد ان تكون؛ فتراها بعد سنوات تستحق انها وصلت الى هذا المكان، الأن يوجد مواهب من الشباب والشابات وخصصا في الكوميديا، ولكن لا توجد علامة فارقة، أو مثلا اقول من هذا او تلك التي سوف اتابع ادائها او انضباطها او فهمها للشخصية، فالممثل لا نستطيع ان نقيسه وحده فهو نتاج فريق، وأيضا المواهب الموجودة لم تأخذ حقها من الرعاية الحقيقية الاكاديمية الجادة وذلك لان صاحب القرار أو الذي يظهر العمل يحتاج الى تضبيط، بل وحتى الممثل والممثلة الان وبالرغم من النجاحات والفرص الذهبية الممنوحة مجانا لهم فهو مظلوم لان لم تتقدم له المعرفة يعني هناك ظلم من المحيط وهناك ظلم من نفسه، فهم يعتقدون بالنجومية والشهرة ان تمشي في الشارع وان تعمل الاعلانات فهل هذا هو الفنان المشهور؟، بالتأكيد كلا، فهذه شهرة، ليس إلا، فمثلا عبد الحليم حافظ مشهور وكذلك الفنان شعبان عبد الرحيم مشهور، بل احتمال نجومية شعبان عبد الرحيم قد تكون اكثر نجومية، ولكن هناك فارق فالنجومية ليست فقط شهرة وليس فقط ارتدي اللبس الجميل او اركب سيارة، او أجري عمليات تجميل، فكل شيء يحققه البلوكر، قبل ايام تابعت الممثل شاروخان واقف في سطح بيته، وامام بيته المئات من الناس لغرض معايدته في يوم العيد، فهذه هي النجومية، مدى التأثير على الجموع، والتأثير على العالم والإنسانية، فنحن ليس لدينا نجومية كالتي تحدثت عنها سابقا، ففي العراق تستطيع ان تحقق مثل هذا الشيء ولكن يجب ان يعمل صاحب الموهبة وبدعم الشركة او الجهة التي تبنت هذه الموهبة.

لاحظنا في فترة معينة غيابك عن الحضور لسنوات كثيرة ربما لاسباب شخصية وهل هناك سبب محدد؟

فترة الانقطاع، كنت نادمة عليها ولكن ظروف الحياة وهي صاحبة القرار في ذلك، فمثلا هناك أشياء كثيرة لا تستطيع ان تكون انت صاحب القرار فيها، فتتشابك الاوراق الاقتصادية والسياسية مثلا لتكون سببا في ذلك، انا غادرت العراق سنة 1999 وعملت هناك على مدى سنتن في راديو وتلفزيون العرب، بفترة تقريبا 60 حلقة تلفزيونية كنجمة عراقية، أعمال كبيرة مشتركة مصرية وسورية وعراقية وخليجية، وبعد احداث الـ2003 حتى سنة 2013 ، وهذا الانقطاع بسبب الوضع في العراق وتشرد العراقيين في مختلف بقاع الارض وكان زوجي الاستاذ فيصل الياسري رحمه الله، يذهب ويأتي من العراق فانشغلت مع ابني في عمان وزوجي في العراق يذهب ويعود فعرضت عليّ اعمال في الأردن، ولكن هذه الاعمال لم تكن الاعمال التي اطمح ان اكون فيها، فاضطررت ان اتفرغ الى تربية ابني، وهذا التفرغ التام قد اخذ من وقتي فترة مهمة جدا؛ ف الاعمال التي في سوريا والاردن لم اكن قادرة على الاستجابة لها ومن الصعوبة ان اترك ابني.

ففي سنة 2013 عملنا فلم بعنوان (حلم وردي) الذي كان من اخراج الراحل فيصل الياسري، واتيت الى العراق وشاركت في هذا العمل، ورجعت غادرت العراق كون الظروف في وقتها كانت غير مستقرة. فالحياة هي صاحب القرار.

ما الأثر الذي تركه ارتباطك كزوجة بالمخرج والإعلامي الكبير فيصل الياسري، خاصة وأنه قامة كبيرة في الفن والاعلام وترك اثرا كبيرا على الأجيال اللاحقة ليس في العراق حسب بل في العديد من البلدان العربية؟

فيصل الياسري هو تركيبة وظاهرة في الاعلام والفن يصعب تكرارها، وكلامي عنه سوف يتضمن جانبين، فقد تعرفت عليه كممثلة في (المرايا) وهو من أهم الاعمال، وبعد هذا العمل طلبني للزواج. فيصل كان ولا يزال هو الاستاذ الكبير بالنسبة لي والمعلم الكبير فنيا وبرغم من وعيي العالي والمستوى الذي وصلته، لكنه أسهم في تطوير وعيي، ونقلني الى منطقة أعلى، لكونه يعرفني كممثلة اكثر من معرفتي انا بنفسي، فكان يجعلني في تحديات أجبر على خوضها لمعرفة مقدرتي فيها، وهذا فضل كبير، وعرفت نفسي ممثلة كبيرة فنحن شركاء في الحياة والعمل وكل اعماله حملتها على كتفي كممثلة، وعلى ضميري كزوجة، وعلى عاطفتي كمشاركة له، فنحن كنا اثنان في واحد، فمن الصعب ان اقول انه اثر في مكان محدد، فيصل شخصية من الصعب ان لا تتأثر بها، والاصعب ان تظل تحافظ على شخصيته وتذوب فيها، شخصية عظمية التأثير على الصعيد الشخصي كرجل، وعلى الصعيد الابداعي ان تتعلم وتتأثر به، فانا كنت ولا زلت متأثره به، والان أرى نتائج تأثري هذا به، اراها الان عما هو موجود قبل، ولكن اصراري على ان أبقى هند كامل تتعلم وتتأثر، واتبع خطاه فقد كانت لديه معرفة موسوعية عظيمة، وكان في اخر لحظة في حياته لا يغادر شاشة الكومبيوتر، كان يقرا يوميا ويكتب يوميا شعرا ونصا ودراما وثقافة، ويترجم عن الانكليزية والألمانية، كان حاضر البديهية وظل كذلك حتى اخر لحظة في حياته، كان لديه الفضول والمعرفة وكان يقبل الاخر برغم ما لديه من خبرة ومعرفة، وكان يمسك بيد الآخر، اذا وجد فيه موهبة، ويجره الى المسار الصحيح، فالإدراك بالمحيط لديه وعي يدرك قيمة ما يقدم له، عندما يكون المحيط مبتذل الوعي لا يدرك قيمة الاشياء التي تضيع منه، كنت ولا زلت من اكبر المعجبات به، فكانت لديه خبرة وذكاء عندما خرج في برنامج الملف، وكان اول من اظهر المسؤول العراقي، ويتحاور معه كمواطن وليس كمقدم برنامج، لم يقلل من قدر الضيف أو يستهزئ به، او يهينه، او يتنمر عليه، وانما يتحاور معه كشخصين صانعي قرار، فأنا الان اشاهد حوارات غريبة لا توجد فيها مهنية اعلامية ولا اخلاقيات مجتمعية، وتلفزيونية ولا يوجد تهذيب مجتمعي وإعلامي وكأنه الادب اصبح نقطة ضعف، فأنا الأن ما يشغلني هو العمل على مشروع كتابة، السيرة الذاتية لفيصل الياسري فانا الوحيدة التي استطيع ان اكتب على فيصل الياسري لقربي منه.