التعيينات الحكومية في العراق.. حلم الخريجين وكابوس الاقتصاد

المدى/ خاص

قبل أكثر من أسبوعين أطلق مجلس الخدمة الاتحادي في العراق استمارة التعيين على الوظائف الحكومية الخاصة بالخريجين الجامعيين الأوائل وحملة الشهادات العليا، مؤكداً أن التنافس يكون عبر نقاط المفاضلة للمتقدمين على 31 ألف درجة وظيفية، مخاوف عديدة ترافق الخريجين كما يواجه الوضع الاقتصادي في البلد نفس هذه المخاوف التي تنذر بالخطر.

حيث كرر خبراء اقتصاد اكثر من مرة تحذيراتهم من زيادة اعداد الموظفين في البلد، اذ ان اكثر من نصف مليون موظف جديد اضيف للقطاع العام وفقا لموازنة 2023.

حلم الشباب

وبالرغم من ان البلد يملك ثروات نفطية هائلة وموانئ وموقعا ستراتيجيا مهما، إضافة إلى السياحة الدينية التي من المفترض أن توفر فرص عمل وتشجّع الحكومة على إنشاء مشاريع استثمارية تخدم هذا القطاع، إضافة إلى أنواع السياحة الأخرى لا تزال معدّلات البطالة مرتفعة حيث بلغت 16.5% في عان 2023 حسب تصريحات وزارة التخطيط العراقية.

المتحدث باسم وزارة التخطيط عبد الزهرة الهنداوي يبين: 'حينما نقرأ معدلات البطالة كمؤشرات وكسياسات بعيدة المدى، نرى ان هناك توجه نحو تنمية وتفعيل القطاع الخاص ليكون قادرا على توليد فرص عمل حقيقية لتستوعب اليد العاملة الموجودة في سوق العمل العراقية، وهذا ما قامت به كل البلدان المتطورة بوجود قطاعات خاصة فاعلة ومؤثرة'، مشيرا الى، انه 'نحن الان بصدد التحدث بوسيلة ستراتيجية وطنية مؤثرة لتطوير القطاع الخاص تتضمن بتطوير هذا القطاع وتمكينه واعادة نظر بالمنظومة التشريعية التي تتضمن عمله وصولا الى خلق بيئة ايجابية تضمن ايجاد فرص عمل للعاملين بهذا القطاع'.

٣٠٠ الف خريج سنويا

ويوضح الهنداوي في حديث لـ(المدى)، ان 'هناك رغبة لجميع الخريجين وهو التوجه نحو العمل بمؤسسات للدولة، وهذا منطقيا غير ممكن، اذا اننا نتحدث عن من يتخرجون من المعاهد والكليات والجامعات الاهلية والحكومية فهناك ارقام كبيرة لا تقل عن ٣٠٠ الف خريج سنويا يدخلون الى سوق العمل'، منوها على، انه 'نحن بصدد تطبيق قانون الضمان الاجتماعي للعاملين بالقطاع الخاص، ويعتبر خطوة مهمة تضمن حقوق العاملين في القطاع الخاص، وتكون لهم حقوق اسوة بالعاملين في القطاع الحكومي، وهو توفير الضمانات للعاملين في القطاع الخاص، واذا ما توفرت هذه الضمانات بالتأكيد سيتم تغيير هذه النظرة عن هذا القطاع الذي يكون العمل فيه اجدر وافضل ماليا، على اعتبار ان الافاق هناك اوسع ويخلق مساحة جيدة للعاملين فيه'.

عجز في الموازنة

واسعد قرار تثبيت عقود أكثر من 376 ألف من العاملين بأجور يومية معتبرين هذا القرار خطوة نحو تحقيق العدالة بين فئات المجتمع، فيما أثار ردود فعل إيجابية لفترة معينة الا ان الازمة عادت للتفاقم مما جعلت الحكومة تدور في نفس فلك مشاكل الحكومات السابقة.

الخبير الاقتصادي ضياء المحسن قال، إن 'في بداية الامر يجب ان نأخذ عدد الموظفين في الهيكل الوظيفي، فعددهم الان تجاوز الستة مليون موظف حكومي، اذ نلاحظ ان مجمل النفقات التشغيلية والتي أعنى بها الرواتب أكثر من ٦٩ تريليون دينار عراقي، اي ان عدد الموظفين سيسبب عجز في الموازنة التشغيلية وبالتالي يجب على الحكومة ان تفكر جيدا قبل ان تطلق تعيينات جديدة، فالبعض يتحدث عن إطلاق ٣١ ألف درجة وظيفية لأصحاب الشهادات العليا، وهذه الدرجات قد اقرت بقانون الامن الغذائي اي ان اموالها مرصودة وقابلة للتطبيق'.

استغلال

يؤكد المحسن في حديث خص به (المدى)، ان 'هناك حديث عن تعيينات جديدة مما يجعلنا نتساءل، هل ان في هذه الوزارات عجز من الموظفين؟، حيث ان هناك دائرة من دوائر الدولة يوجد فيها اكثر من ٧٠٠ موظف، والغريب في الامر ان ١٠ اشخاص من هؤلاء الـ٧٠٠ موظف لهم علاقة بعمل هذه الدائرة، والبقية ليس لهم اي علاقة بكيفية عملها'، مستدركا بحديثه 'يجب ان تكون هناك جدوى اقتصادية قبل اطلاق تعيينات جديدة، فلماذا لم تعمل الحكومة على تفعيل القطاع الخاص، وتفعيل قانون التقاعد من خلال اللجنة، اذ تم تشريع هذا القانون منذ الشهر التاسع من عام ٢٠٢٣ وقد نشر في الجريدة الرسمية، لكن الى الان لم يتم العمل به، وذلك بسبب ان البعض سوف لن يستفيد من هذا القانون اذا تم تفعيله وبالتحديد في موضوع الانتخابات، اذ ان هناك مشكلة مرتبطة بمشكلة اخرى وهي ان التعيين اصبح عملية لتحصيل اصوات الناخبين'.

يذكر انه خلال العام الماضي أطلق رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، حزم من القرارات تضمّنت أوسع عملية توظيف في الدولة العراقية منذ عام 2009، إذ وجّه بتثبيت أكثر من 300 ألف شخص في وظائف حكومية ضمن ما يعرف محلياً بـ'المتعاقدين'، فضلاً عن تعيين الوجبة الأولى من الخريجين الأوائل وحملة الشهادات العليا وعددهم أكثر من 41 ألفاً.