اخبار العراق
موقع كل يوم -المسلة
نشر بتاريخ: ١٣ تموز ٢٠٢٥
13 يوليو، 2025
بغداد/المسلة: بين كراسي البرلمان العراقي التي يكسوها الغبار، تتوارى ملامح السلطة التشريعية خلف حملات انتخابية مبكرة وحسابات حزبية ضيقة، فيما يقترب هذا المجلس من نهاية دورة تُعد من أكثر الدورات تعثراً منذ تأسيس النظام البرلماني عام 2005. فبدلاً من أن تكون الشهور الأخيرة محطة لتشريع القوانين المؤجلة وتصفية الإرث التشريعي، تحولت إلى سباق صامت نحو المقاعد، حيث يُهيمن المزاج الانتخابي على المشهد ويعطل الحضور والنصاب والقرار.
وتتراجع فاعلية البرلمان تدريجياً وسط تغييب لملفات شائكة كقانون النفط والغاز، ومجلس الاتحاد، وقانون المحكمة الاتحادية، رغم أن هذه القوانين ظلت لعقود توصف بأنها أعمدة استقرار النظام السياسي. لكنها اليوم مدفونة في الأدراج، فيما تتقدم قوانين خفيفة الوطء على جدول الأعمال، كقانون المبرمجين، وقوانين الصحة النفسية، والتدخين، وكأن البلد لا يعيش أزمة دستورية أو احتقاناً اجتماعياً.
وتتجلى الأزمة أكثر في الفراغ القيادي داخل البرلمان، بعد إقالة رئيسه محمد الحلبوسي بقرار قضائي فُسر من قوى سياسية سنيّة بأنه استهداف لمكون بأكمله، وليس لشخص بعينه. وبالرغم من تعدد المرشحين، فإن موقع رئاسة البرلمان بقي معلقاً لأشهر، في مشهد يجسد انعدام الإرادة السياسية وضياع معيار الكفاءة لصالح التفاهمات الفئوية. ورغم تعيين محمود المشهداني لاحقاً، فإن العودة إلى شخصية قديمة –استقالت أصلاً عام 2008– لا توحي بإحياء، بل بانكماش سياسي.
وتكاد تكون المفارقة الأوضح في تعطّل المجلس رغم اكتمال الحضور داخل مبنى البرلمان. فبينما تخلوا القاعة من النصاب القانوني، تعج كافتيريا المجلس بالنواب المختلفين في المواقف، المتفقين على الشاي والانتظار. وهنا تتبدى صورة مأزق برلمان بلا قرار، تتقدم فيه الولاءات على التشريعات، ويهيمن فيه الحساب الحزبي على المصلحة الوطنية.
وتنذر تصدعات التحالف الشيعي – الكردي، الذي لطالما شكّل العمود الفقري لـ'التوافق السياسي'، بمآلات أكثر تعقيداً. فانكفاء الحزب الديمقراطي الكردستاني عن المشهد، وتهديده بعدم المشاركة في الانتخابات، يمثل مؤشراً خطيراً على تآكل شرعية العملية السياسية، وتحوّل البرلمان إلى ساحة مفتوحة للعطالة والتجاذب، لا للرقابة والتشريع.
About Post Author
moh moh
See author's posts