تسويق الحنطة يفتح شهية المهربين.. كيف ستؤمن الحكومة حمايتها؟

العهد نيوز – بغداد

تسعد الحكومة العراقية لاستقبال حملات تسويق الحنطة التي ستنطلق في المحافظات تباعاً اعتباراً من الشهر المقبل، لتؤكد وزارة الزراعة في تصريحات صحفية انها أكملت جميع إجراءات تعزيز الطاقات الخزنية والصيانة الدورية للمخازن، ومعالجة الأضرار فيها، فضلاً عن إنشاء محطات في أربع محافظات هي كربلاء المقدسة، وكركوك، ونينوى والمثنى.

الاستعداد لتسويق محصول الحنطة فتح الباب أمام المختصين في الشأن المالي والاقتصادي لبيان أهمية عمليات التسويق وطبيعة الأسعار المقررة من قبل الحكومة ومقارنتها مع الأسعار العالمية وتأثيرها على السوق.

المختص في الشأن المالي منار العبيدي وفي حديث لـ'العهد نيوز'، يقول أن 'الزراعة لوحدها لا تمثل كل الحلقات اللازمة للإنتاج الزراعي فالزراعة جزء من عملية سلاسل التوريد تبدأ من التشريعات والتنظيمات القانونية وخطة مائية لازمة لدعم الانتاج والسقي والبذور والمعدات اللازمة للزراعة ومساندات الزراعة من اسمدة ومبيدات فضلا عن اليات الحصاد والنقل والتسويق والتسعير والخزن، وقد تكون هنالك عوامل إضافية لكن هذه العوامل هي الاساسية'.

ويلفت إلى، أن 'المتابع لأسعار الحنطة العالمية يجد أن أسعارها تتراوح بين 250 -300 دولار للطن وبالتالي فأن معدل طن الحنطة عالميا يبلغ بالدينار العراقي ما بين 360 الف إلى 450 الف دينار عراقي، فالحكومة قامت بتثبيت سعر الحنطة المسوقة محليا بمقدار 850 الف دينار للطن الواحد ما يمثل بحدود 90% زيادة عن السعر العالمي وهو نوع من التشجيع للمزارع الحقيقي العراقي ولتشجيع الزراعة المحلية.

ويبين العبيدي، أن 'التخوف يأتي مع ضعف السيطرة على المنافذ الحدودية عبر استغلال هذه الفجوة السعرية الكبيرة من قبل المهربين لتهريب الحنطة من خارج العراق وتسويقها للحكومة المركزية'.

ويشير إلى أنه 'من المتوقع ان يصل حجم التسويق للحنطة هذه السنة الى اكثر من 8 مليون طن جزء منها محلية وجزء منها تم تهريبه في الاشهر السابقة وتم تخزينها داخل العراق الامر الذي سينعكس على عاملين الاول مصروفات حكومية لشراء حنطة غير محلية والتي من المتوقع ان يبلغ حجم الانفاق على شراء هذه الحنطة ٧ ترليون دينار عراقي'.

ويوضح أن 'الأمر الثاني هو مقدار الضغط على مخازن التوريد (السايلوات) لاستيعاب هذه الحنطة المسوقة والتي قد تؤدي نتيجة عدم قدرتها على استيعاب العدد إلى ان يعاني بعض المزارعين العراقيين مشاكل في توريد هذه الحنطة وقد تتعرض للتلف ويفقد المزارع العراقي اهتمامه بالزراعة مستقبلا وقد يستغلها بعض اصحاب النفوذ بشراء الحنطة بأسعار اقل بكثير من المزارعين ويقومون هم بتسويقها باستخدام نفوذهم السياسي والمناطقية'.

ويقترح العبيدي لتجنب هذه المعضلة مجموعة من الحلول التي لابد من أن تأخذها الجهات المعنية بعين للعمل على ضمان عدم حدوث فوضى في فترة التسويق القادمة والتي قد تؤدي إلى إعادة النظر باليات التسويق واسعار شراء الحنطة وبالتالي فقدان المزارع رغبته بزراعة الحنطة مستقبلا مما يؤثر على مجمل الامن الغذائي للعراق وممكن تلخيصها بالاتي.

١- السيطرة على المنافذ الحدودية وخصوصا في فترة تسويق الحنطة

٢- التأكيد على متابعة المديريات الزراعية للأراضي المزروعة والتأكد من الكميات المسوقة محليا

٣- رفع مستوى العقوبات على مهربي الحنطة او المتلاعبين بالكميات المسوقة

٤- استنفار الاجهزة الامنية خلال موسم الحصاد لضمان عدم تهريب الحنطة المسوقة

٥- اعطاء الاولوية للتسويق لأصحاب المنظومات المحورية من اجل التشجيع لتنصيب المنظومات مستقبلا واعتبار المنظومات هي الاساس في حساب قيمة التسويق وتقليل الاعتماد على انواع الري الاخرى

٦- التعاون مع مديريات المرور لمعرفة اعداد الحاصدات والاماكن التي عملت بها وتنظيم جداول يوضح مقدار حصد كل حاصدة ومقارنتها بكميات التسويق

٧- تثقيف المزارعين وفتح قنوات التواصل لإبلاغ الدوائر الرسمية باي مخالفات تسويقية لما لها من اثر كبير سيحدث على الفلاح والمزارع خلال السنوات القادمة واحتمال تخفيض اسعار شراء الحنطة من قبل الحكومة العراقية

٨- اجبار المزارعين على استخدام جزء من اموال التسويق لشراء المنظومات الزراعية والمكننة الزراعية وعدم اعطاء كل الاموال نقدا بل الاحتفاظ بها لشراء مختلف المعدات الزراعية من الحكومة العراقية

٩- البدء بوضع استراتيجية استثمارية لزيادة سعات اماكن الخزن(السايلوات) والمطاحن تتلاءم مع حجم الحنطة المسوقة سنويا

بدوره يؤكد المختص بالشأن الزراعي، معتز الخالدي أن 'على الحكومة والمزارعين والمسوقين نفسهم ان لا يُنظروا للحنطة والموسم التسويقي فقط لسد احتياجات البطاقة التموينية بل يجب ان يُنظر الى هذا الموضوع كمحرك اقتصادي شامل، وعلى المعنيين في وزارة الزراعة الاهتمام بتحسين نوعية البذور وعدم المبالغة بأسعار الشراء من المزارعين'.

وينوه إلى أن 'الفرق عن الاسعار العالمية يجب أن لا يتجاوز 50٪؜، مع العمل على زيادة الانتاج وبيعه الى المطاحن الخاصة لإنتاج الطحين الصفر بدل من الاعتماد على التركي الذي يحتوي على مبيضات غير صحية'.

ويلفت الخالدي إلى أن 'موضوع الحنطة والشعير والطحين الصفر والطحين الاسمر يجب ان يدار كمشروع استثماري وطني وان يكون القطاع الخاص هو الفاعل الاساسي والحكومة واجبها التنظيم والحماية والدعم'.

وكانت قد أعلنت وزارة التجارة في وقت سابق من شهر اذار الحالي عن امتلاكها خزيناً استراتيجياً من الحنطة يصل إلى مليوني طن، يكفي البلاد لستة أشهر، فيما كشف مدير عام دائرة التخطيط والمتابعة في الوزارة طالب حسن نعمة، عن خطة لزيادة الطاقة الخزنية للمحصول إلى تسعة ملايين طن.

ودفعت هواجس الأمن الغذائي، الحكومة إلى تشديد إجراءات المراقبة عبر الآليات الأمنية والتجارية من أجل الحد من تهريب المحاصيل الزراعية في الوقت الذي بدأ العراق بتحقيق الاكتفاء الذاتي من الحنطة.

وشدد السوداني، خلال اجتماع لتسويق الحنطة للموسم الزراعي، في مطلع الشهر الحالي، على ضرورة تعزيز الخطة الأمنية الخاصة بمنع تهريب محصول الحنطة ومحاسبة المهربين.

وذكر بيان للمكتب الإعلامي لرئيس الوزراء، أن 'الاجتماع استعرض الخطة الزراعية لمحصول القمح في الأراضي المروية، في ظل التحديات المائية الصعبة التي يواجهها العراق والمنطقة عموما، والآليات الموضوعة لمواجهتها، التي ساعدت الفلاحين والمزارعين على تجاوزها'.

وألزم السوداني وزارة التجارة باستيعاب الكميات المتوقع حصادها في ضوء الالتزام بتوصيات وزارتي الزراعة والموارد المائية، بخصوص اعتماد المرشات والتقنيات الحديثة في الري وتعزيز منافذ التسويق والخزن لاستيعاب هذه الزيادة.