الوضع المُربك في المنطقة يشوش على زيارة السوداني إلى واشنطن

ترجمة/ حامد أحمد

تناول تقرير لمركز، سوفان SOUFAN CENTER الأميركي للدراسات جانب الزيارة المرتقبة لرئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، الى واشنطن منتصف نيسان الحالي في وقت تحاول فيه الحكومة شق طريقها عبر تيارات متعددة تعكر المنطقة وتدعو الى ابعاد البلاد عن أي ضغط أميركي، متوقعا جدول اعمال زيارة واسعا لا يشمل الجانب الأمني فقط بل العلاقات السياسية والاقتصادية أيضا.

وتذكر الدراسة انه رغم توقع جدول اعمال واسعا للزيارة فإن المحرك الرئيسي لها يدور حول المفاوضات الأميركية العراقية لتقليص التواجد العسكري الأميركي في البلد، وتضم المهمة العسكرية الأميركية الحالية قرابة 2,500 منتسب لأغراض المشورة والمساعدة والتدريب لتعزيز قدرات الجيش العراقي على مواجهة تهديدات داعش.

وبغض النظر عما يبدو من ان المسؤولين الاميركان قد يذعنون لتقليص كبير بالقوات، فإن التطورات التي حصلت خلال الشهرين الماضيين ربما قد غيرت من الحسابات العراقية ومقللة من احتمالية حصول تقليص كبير بالقوات الأميركية.

وتقوم الحكومتان الان بإعادة تقييم فيما اذا كان تهديد داعش للعراق قد تراجع الى الحد الذي يمكن من خلاله انهاء مهمة المشورة والتدريب او تقليصها لحد كبير. وكان الهجوم الذي استهدف مسرحا خارج موسكو في 22 آذار والذي قتل فيه 140 شخصا تقريبا وتبناه تنظيم داعش، قد جعل أجهزة مخابرات عالمية تعيد تقييم مستوى قدرة التنظيم الارهابي التي تم التقليل من شأنها.

وفي العراق أعلنت القوات الحكومية في 28 آذار عن قتلها لقيادي بارز في التنظيم، سمير خضر النمراوي، مما يوحي ذلك عن مؤشرات بعودة تهديدات التنظيم في البلاد.

واستنادا للسلطات العراقية فإن النمراوي كان مسؤولا عن نقل معدات عسكرية ومسلحين ومتفجرات ما بين العراق وسوريا. وخلال جلسة استماع في أواخر آذار لقائد القيادة المركزية للجيش الأميركي الجنرال، مايكل كوريلا، امام لجنة الامن والدفاع في الكونغرس، قال إن تقديرات الاستخبارات الأميركية تشير الى ان 1000 مسلح من داعش تقريبا ما يزالون نشطين داخل العراق، مع ذلك فإن الجدل حول مدى قوة التنظيم في العراق وسوريا ما يزال غير محسوم.

ومن المحتمل ان يتباحث رئيس الوزراء السوداني مع الرئيس جو بايدن ومسؤولين أميركان آخرين بخصوص الوضع الداخلي وجملة التحديات التي تواجهها الحكومة الممتدة ما بين تهديدات داعش ومجاميع الفصائل المسلحة التي تدعو لاخراج القوات الأميركية ومحاولات ايران لفرض نفوذها فضلا عن المصاعب الاقتصادية .

وتشير الدراسة أيضا الى انه من المؤكد ان يستغل الرئيس بايدن ومسؤولين اميركان آخرين زيارة السوداني لتشجيع بغداد لمواصلة الضغط على الجماعات المدعومة من ايران التي ما تزال معادية لاميركا وذلك على الرغم من التراجع في مواجهة هجمات الرد الاميركية على منشآتهم. وان المسؤولين الاميركان مقننعين من ان المعتدلين العراقيين من غالبية الأطراف سيغضون النظر عن دعم اميركا لإسرائيل في ازمة الشرق الأوسط ويعارضون أية زيادة في النفوذ الإيراني داخل العراق .

كثير من العراقيين يرون في الانحياز لإيران سيكون عامل ابعاد للعراق عن العالم العربي. وخلال زيارة وزير الخارجية العراقي، فؤاد حسين، الأخيرة لواشنطن للتحضير لزيارة السوداني، قال وزير الخارجية الأميركي، انتوني بلينكن، ان اتفاقية الاطار الستراتيجي المشترك ما بين العراق والولايات المتحدة لا تناقش فقط العلاقات الأمنية، بل تشمل أيضا مجالات كثيرة من التعاون الاقتصادي التي تعتبرها حكومة السوداني حيوية بضمنها قضايا المياه والطاقة والبيئة وتقديم الخدمات.

ويذكر التقرير ان شركات أميركية استثمرت على نحو واسع في هذه القطاعات وقطاعات اقتصادية أخرى وذلك بعد اسقاط النظام السابق عام 2003. وعلى ما يبدو بأن بغداد لا تريد التفريط بالاستثمارات الأميركية ومنافع اقتصادية أخرى، فإن وزير الخارجية العراقي اكد على بقاء بلده كشريك مهم للولايات المتحدة، مبينا بان بغداد تسعى لاستمرار الجهود المشتركة مع الولايات المتحدة لبناء اقتصاد العراق.

ويشير التقرير، الى انه من غير المحتمل ان تنأى بغداد بنفسها عن الولايات المتحدة بسبب ضغوط أيديولوجية او سياسية من ايران او من حلفاء ايران في العراق او حتى من الشعور الشعبي العام المنتقد لموقف الولايات المتحدة من الحرب الدائرة في غزة.

مع ذلك فانه ما يزال هناك سؤال مطروح فيما اذا سيكون العراق راغبا او قادرا على ان يتخذ موقفا ضد فصائل مسلحة في حال استئنافها لهجمات ضد قواعد أميركية في البلاد خصوصا بعد الغارة الإسرائيلية على القنصلية الإيرانية في دمشق التي تسببت بمقتل قادة كبار في الحرس الثوري الإيراني، التي من المؤكد ان تواجه بتصعيد من ايران ووكلائها من قوات المقاومة على شكل رد من فصائل حزب الله في لبنان ضد إسرائيل ومزيد من صواريخ الحوثيين وطائراتهم المسيرة ضد أهداف في البحر الأحمر أو من قبل فصائل مسلحة في سوريا تستهدف قوات أميركية هناك، وربما يكون هناك رد مباشر اكثر من الحرس الثوري الإيراني نفسه.

عن: مركز سوفان للدراسات