نيجرفان بارزاني يتحدث عن مجاميع مسلّحة تتقاضى رواتب من الحكومة وتستهدف الإقليم

8 أكتوبر، 2025

بغداد/المسلة: ارتسمت ملامح خطاب جديد في العلاقة بين أربيل وبغداد مع تأكيد رئيس إقليم كوردستان نيجيرفان بارزاني أن “العمق الاستراتيجي للإقليم هو بغداد”، في إشارة بدت أقرب إلى نداءٍ سياسي عقلاني لإعادة ضبط المسار العراقي المأزوم.

وتجلّى في حديثه خلال ندوة عن “استراتيجيات الإقليم في خضم الاضطرابات الإقليمية والعالمية” تذكيرٌ قاسٍ بأن الدستور العراقي، الذي كان من المفترض أن يكون صمّام الأمان، لم يُطبّق كما يجب، وأن جميع الأزمات الحالية تتفرع من هذا الخلل الجذري.

دستور غائب ونظام متنازع

وظهرت نبرة بارزاني حازمة حين تساءل عن طبيعة النظام في العراق: هل هو فيدرالي أم مركزي؟ ليجيب بمرارة بأن التطبيق العملي يشير إلى مركزية خانقة لا تشبه أي نموذج فيدرالي معروف. وانطلق من هذا التشخيص ليؤكد أن الالتزام بالدستور هو الشرط الأول لبناء عراق مزدهر، سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، وأن إقليم كوردستان لا يسعى إلى مجاملة أو موازنة سياسية بقدر ما يسعى إلى شراكة تستند إلى الدستور بوصفه المرجعية الوحيدة الممكنة.

الانتخابات بوصفها مفترق مصير

وأكد رئيس الإقليم أن الانتخابات المقبلة ستكون الأهم منذ عام 2005، إذ يمكن أن تفتح مرحلة جديدة عنوانها تطبيق الدستور واستعادة الثقة بالعملية السياسية. ورأى أن ما سيأتي بعدها ليس مجرد تداولٍ دوري للسلطة، بل اختبار لمدى قدرة العراقيين على تثبيت مفهوم الدولة الاتحادية التي لم تترسخ فعلاً منذ عقدين. وتسلل في حديثه طيف دعوة صريحة إلى أن يمتلك الإقليم دستوره الخاص ضمن الإطار الاتحادي العام، كضمانة لتوازن الصلاحيات والحقوق.

الرواتب بين الاقتصاد والسياسة

وانتقد بارزاني اختزال العلاقة بين بغداد وأربيل في مسألة تمويل رواتب موظفي الإقليم، قائلاً إن الحكومة الكوردستانية باتت منشغلة كل شهر بانتظار إرسال الأموال، في حين أن جوهر المشكلة أعمق من ذلك. وأوضح أن الموظفين في كوردستان جزء من موظفي العراق، وبالتالي لا يجوز أن تبقى الرواتب أداةً سياسية أو مادة تفاوضية. وتلمح عباراته إلى رؤية أوسع تُبقي الاقتصاد خارج المناكفات الحزبية التي عطّلت الأداء العام وأضعفت ثقة المواطنين بالدولة.

الخطر الداخلي والسلاح المنفلت

وحذّر رئيس الإقليم من أن العراق لا يواجه تهديداً من الجيل السياسي الجديد كما يُروّج، بل من القوى الخارجة عن القانون التي تمتلك السلاح وتعمل خارج أوامر القائد العام للقوات المسلحة. ولفت إلى أن هذه الظاهرة تمثل الخطر الأكبر على مستقبل البلاد، كونها تكرّس واقعاً موازياً للدولة، يهدد الديمقراطية ويعيد شبح الحكم الفردي.

هجمات المسيّرات.. إنذار مفتوح

وأثار بارزاني جدلاً حين كشف أن بعض المجموعات التي تستخدم الطائرات المسيّرة ضد إقليم كوردستان تتلقى رواتبها من الحكومة العراقية نفسها، محذّراً من أن الإقليم لن يبقى متفرجاً إذا استمرت تلك الهجمات. ودعا إلى وقفها فوراً وإخضاع كل المجموعات المسلحة لسلطة القانون، بما يعيد للدولة هيبتها ويمنع تكرار سيناريوهات الفوضى التي دمّرت بلداناً مجاورة.

About Post Author

moh moh

See author's posts