اخبار العراق
موقع كل يوم -وكالة موازين نيوز
نشر بتاريخ: ٢٠ تشرين الثاني ٢٠٢٥
موازين نيوز - خاص
حذّر الخبير الاقتصادي منار العبيدي من دخول الاقتصاد العراقي مرحلة “التأزّم الأخطر” منذ سنوات، وسط تصاعد الاضطراب السياسي وضجيج التحالفات الانتخابية، مشيراً إلى أن المؤشرات المالية الحالية تكشف واقعاً مقلقاً يتطلب تدخلاً عاجلاً وقرارات جريئة.
ويقول العبيدي في تصريح لـ موازين نيوز إنه 'بحسب بيانات وزارة المالية لشهر آب 2025، بلغ إجمالي الإيرادات 82 تريليون دينار، بينها 73 تريليون دينار من مبيعات النفط، مقابل 9 تريليونات دينار فقط من الإيرادات غير النفطية، مما يكرس استمرار اعتماد الموازنة على المورد النفطي بنسبة تفوق 90%'.
وفي المقابل، سجلت النفقات العامة 87.5 تريليون دينار، منها 73 تريليون دينار نفقات تشغيلية، إضافة إلى 5 تريليونات دينار مدفوعة كسلف حكومية تُدرج عادة ضمن المصروفات الفعلية في نهاية كل عام، ما يرفع العجز الحقيقي حتى نهاية آب إلى نحو 10 تريليونات دينار'.
وتشير التقديرات، وفق العبيدي، إلى أن العجز قد يتجاوز 15 تريليون دينار بنهاية العام الحالي إذا استمر الإنفاق بذات الوتيرة.
وفي جانب السياسة النقدية، تكشف بيانات البنك المركزي العراقي أن البنك اشترى من وزارة المالية خلال الأشهر التسعة الأولى نحو 49 مليار دولار فقط، في حين باع عبر نافذة العملة أكثر من 60 مليار دولار، ما اضطره لاستخدام نحو 11 مليار دولار من احتياطياته لتلبية الطلب المتزايد على الدولار، وهو مؤشر خطير يعكس اختلالات عميقة في السوق.
ويأتي هذا النزيف المالي متزامناً مع بقاء أسعار النفط ضمن نطاق 60–65 دولاراً للبرميل، وهو مستوى غير كافٍ لتغطية النفقات التشغيلية المتضخمة، الأمر الذي يعني ـ بحسب العبيدي ـ أن الحكومة الحالية، وكذلك المقبلة، قد تواجهان صعوبة حقيقية في الإيفاء بالتزامات الرواتب والدعم ما لم تُتخذ إجراءات عاجلة لزيادة الإيرادات وترشيد الإنفاق.
كما يلفت الخبير إلى أن 'خيار اللجوء للاقتراض لن يكون متاحاً بسهولة، خصوصاً بعد تجاوز الدين الداخلي حاجز 90 تريليون دينار، وتراجع قدرة السوق المحلية على استيعاب المزيد من أدوات الدين، مما يجعل الخيارات المتاحة أمام الحكومة أضيق من أي وقت مضى'.
ويرى العبيدي أن'الإصلاح الحقيقي يبدأ من مراجعة دقيقة لجداول الإنفاق العام وصولاً إلى أصغر مفاصل الصرف، مع التركيز على ملفات الهدر المالي والرواتب الوهمية والتقاعد والرعاية الاجتماعية، والتي تستنزف مليارات سنوياً وتذهب نسبة غير قليلة منها إلى غير مستحقيها أو تُستغل لأغراض انتخابية'.
كما يشدد على ضرورة إعادة تقييم ملفات البطاقة التموينية ودعم الأدوية وغيرها من برامج الدعم، لضمان كفاءتها وتحقيقها لأهدافها.
ويلخص الخبير الاقتصادي أن 'العراق يقف اليوم أمام منعطف مالي حرج، يتزامن مع احتمالية تأخر إقرار موازنة العام المقبل نتيجة تشكيل الحكومة الجديدة، ما قد يدفع البلاد نحو عام مالي “غامض” بلا سقف إنفاق واضح'، مؤكدا أن 'الأزمة لم تعد مجرد أرقام في بيانات رسمية، بل خطر واقعي يهدد قدرة الدولة على الاستمرار بتسديد رواتبها والتزاماتها، محذراً من أن التأخير في الإصلاح سيقود إلى إجراءات قسرية تمس المواطن الفقير قبل الموظف'.






































