التخبط يعصف بسلطة الإقليم.. جهات كردية تقود حملة إعلامية للتجاوز على المكون الشيعي

العهد نيوز _ بغداد

بعد فشله في إنقاذ مواطني الإقليم من الانهيار الاقتصادي، يقود الحزب الديمقراطي بقيادة مسعود بارزاني حملة لمهاجمة المكون الشيعي وهو الأكبر في البلاد، لغايات مشبوهة تستهدف كيان الدولة العراقية.

هذه الحملة تأتي لضرب الدولة ونسفها عبر بث السموم في مواقع التواصل الاجتماعي، والحديث بسوء عن الشيعة والتجاوز على المكون الأكبر.

ولم يتردد بارزاني للحظة، بدعم هذه الحملة، وذلك رداً على خسارة أدواته السياسية والاقتصادية، لا سيما بعد تصحيح المحكمة الاتحادية مسار قانون انتخابات برلمان كردستان، وقرار توطين رواتب موظفي الإقليم.

من المقاطعة إلى ضرب الدولة

تسعى سلطة إقليم كردستان، إلى ضرب كيان الدولة العراقية، باستمرار وذلك بهدف الحصول على دعم أمريكي وإقليمي ودولي، والتقرب من دول العالم بعيداً عن حكومة بغداد، التي غذت أربيل وما تزال بالمليارات لإنقاذها من الانهيار.

وبعد أن خضع ساسة كردستان أخيراً إلى قرار المحكمة الاتحادية بخصوص قانون انتخابات برلمان الإقليم، لم يكن أمام الحزب الحاكم سوى مقاطعتها والتلويح بالانسحاب من العملية السياسية.

وهذه لأول مرة، يعلن في فيها حزب بارزاني عن مقاطعة انتخابات برلمان الإقليم، وذلك بعد أيام من صدور قرارات المحكمة الاتحادية، بخصوص القانون الذي ألغى الكوتا وجعل كردستان أربع دوائر.

ويرى متابعون للشأن السياسي أن الحزب الديمقراطي قد خسر أدواته وامتيازاته التي كان يتمتع بها في القانون الانتخابي السابق، عبر استغلال أصوات الناخبين وعدم إشراف المفوضية الاتحادية على الانتخابات.

أقلام مأجورة

وفجأة تحولت أقلام حزب البارتي نحو الدولة والمكون الأكبر، حيث بدأ إعلاميون وصحفيون مقربون من بارزاني بتحويل منصة 'إكس' إلى ساحة للتجاوز على الشيعة.

ورصدت وكالة 'العهد نيوز'، عدداً من التغريدات المنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تهاجم الشيعة وتصفهم بأبشع الأوصاف، بتوجيه من البارتي.

وتقول معلومات وردت إلى 'العهد نيوز'، إن 'مسعود بارزاني يقود حملة لاستهداف الشيعة والتجاوز على المكون الأكبر في مواقع التواصل الاجتماعي'.

وتضيف، أن 'هذه الحملة، تأكدت بعد انتشار عدد من التغريدات والتدوينات، تحمل طابعاً من التجاوز على الشيعة، بحقد وغل كبيرين'.

وبعد بيان المقاطعة الذي أصدره الحزب الديمقراطي الكردستاني، توجه مقربون من البارتي إلى التجاوز على المكون الشيعي الأكبر، عبر بث سموم الحقد والغل بسبب الخسارات المتتالية.

حملة شعواء

وما ذكر أعلاه يؤكد السياسي الكردي، والنائب السابق هوشيار عبد الله، قائلاً: 'مسعود البارزاني شخصياً يقود حملة لتسقيط المحكمة الاتحادية وخاصة رئيس هذه المحكمة القاضي جاسم العميري'.

وأضاف: لهذا السبب تواصل البارزاني مع القوى السنية وبعض الأحزاب الشيعية الهجمة التي بدأت ضد هذه المحكمة هي جزء من المحاولات الرامية لتسقيطها ثم نسف العملية السياسية برمتها'.

ويحاول البارتي، تأجيج الطائفية بين الشعبين العربي والكردي، لتحقيق مصالح وغايات معروفة، أبرزها التنصل عن المشاركة في انتخابات برلمان الإقليم التي نظمت قانونها المحكمة الاتحادية.

ومع اعتراض البارتي على قرارات المحكمة الاتحادية، يقول متابعون للشأن السياسي إن 'الديمقراطي كان يستغل طوال المدة الماضية نفوذه بعيداً عن الشفافية والمنظومة القيمية'.

حيث وضعت المحكمة الاتحادية حداً لهذا الاستغلال بدءاً من توطين رواتب موظفي الإقليم وليس انتهاءً بتنظيم انتخابات برلمان الإقليم.

تراجع اضطراري

ومن المقاطعة إلى العودة، تراجع الحزب الديمقراطي الكردستاني، عن قرار عدم المشاركة في انتخابات برلمان الإقليم بعد لحظات من لقاء جمع مسعود بارزاني مع السفيرة الأمريكية في أربيل.

ويرى مراقبون للشأن السياسي، أن واشنطن أجبرت الديمقراطي الكردستاني على التراجع عن قرار المقاطعة عبر سفيرتها لدى بغداد.

حيث سافرت رومانوسكي من بغداد إلى أربيل لثني بارزاني عن قرار مقاطعة انتخابات برلمان الإقليم، وبذلك يضطر للمشاركة فيها بعد أن بددت المحكمة الاتحادية، أحلامه في استغلال القانون السابق.

ووضع قرار الحزب الديمقراطي الكردستاني بمقاطعة الانتخابات البرلمانية، إقليم كردستان العراق على أعتاب أزمة سياسية عميقة، باعتباره الطرف الأكثر سيطرة على مقاليد السلطة في الحكومة المحليّة.

وتطرح عدم مشاركة الحزب الذي يقوده أفراد أسرة بارزاني شكوكا حول إمكانية إجراء الاستحقاق الانتخابي، الأمر الذي يهدّد بإيجاد أزمة شرعية في كردستان الذي تعتبر حكومته الحالية مؤقتة نظرا لعدم وجود سلطة تشريعية بعد أن كان القضاء الاتحادي قد رفض قرار البرلمان السابق بالتمديد في فترته النيابية لمدة سنة بدءا من أكتوبر 2022.

وجاء قرار الحزب في أجواء سياسية ملبدّة بالخلافات بين أربيل وبغداد، وأيضا بالمشاحنات الحزبية داخل الإقليم نفسه وخصوصا بين أكبر حزبين فيه، الحزب الديمقراطي وحزب الاتّحاد الوطني الكردستاني الأمر الذي ألحق ضررا فادحا بجهود المصالحة بينهما بعد أن كانت قد أحرزت تقدّما طفيفا.

بيان الانسحاب

وكان البارتي، قد أعلن في وقت سابق، عن عدم الاشتراك في انتخاب يجري خلافا للقانون والدستور وتحت مظلة نظام انتخابي مفروض.

وبرّر الحزب قراره بأنه لا يريد “إضفاء الشرعية على انتخاب غير دستوري وغير ديمقراطي”، منتقدا “جميع الخروقات الدستورية التي تمارس من قبل المحكمة الاتحادية ضد إقليم كردستان ومؤسساته الدستورية عامة“.

كما انتقد “التعديلات غير الدستورية لقانون انتخاب الدورة السادسة لبرلمان كردستان” لاسيما “في المواد الخاصة بتحديد نظام الدوائر الانتخابية وكوتا المكونات وعدد المقاعد والجهة المشرفة على الانتخاب والجهة المختصة بالبت في الطعون الانتخابية”.

ويضفي قرار الانسحاب مزيدا من التعقيد على انتخابات كانت معطّلة أصلا. وكانت أحزاب تمثّل الأقليات المسيحية والتركمانية أعلنت كذلك مقاطعتها للانتخابات خصوصا بسبب إلغاء الحصة الخاصة بها.

ويهيمن الحزبان الكبيران المتخاصمان، الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني، على الحياة السياسية في الإقليم. وفيما يتولى الديمقراطي الكردستاني رئاسة الإقليم ورئاسة الحكومة فيه، كان جميع رؤساء جمهورية العراق منذ 2003 من الاتحاد الوطني. وكان الحزب الديمقراطي يمتلك في البرلمان الماضي الغالبية بخمسة وأربعين مقعدا يليه الاتحاد الوطني بواحد وعشرين مقعدا.

وهدّد الحزب الديمقراطي بتصعيد يتجاوز مجرّد عدم المشاركة في انتخابات برلمان الإقليم إلى الانسحاب من العملية السياسية في العراق برمّتها قائلا “نضع أطراف تحالف إدارة الدولة أمام مسؤولياتهم الوطنية في تطبيق الدستور وجميع بنود الاتفاق السياسي والإداري الخاصة بتشكيل الحكومة الحالية برئاسة محمد شياع السوداني، وبعكس” لا يمكننا الاستمرار في “العملية السياسية”.

وسبق لسلطات إقليم كردستان العراق التي يمتلك الحزب الديمقراطي نفوذا واسعا داخلها قد قطعت خطوة عملية باتجاه الانسحاب من المؤسسات الاتّحادية، حيث أعلن القاضي عبد الرحمان زيباري انسحابه من المحكمة الاتحادية العليا احتجاجا على قراراتها الأخيرة بشأن الإقليم. وأرجع أسباب انسحابه إلى ما لمسه من وجود نزعة في قرارات المحكمة نحو العودة إلى المركزية في الحكم والابتعاد عن النظام الاتحادي.

استقطاب الأقلام المأجورة

فجَّرت صورة جمعت بين مسعود بارزاني رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني، ويوسف بو يحيى المغربي – الامازيغي الذي أخذ من منصة 'أكس' منطلقاً لشن هجماته على المكون الشيعي في العراق، ليتضح أنه دخل بلاد الرافدين دون علم الحكومة الاتحادية واحتضنه إقليم كردستان.

الصحافي المختص بالشأن الكردي محمود ياسين، يقول: 'هناك مواطن أجنبي جنسيته 'مغربي- أمازيغي' دخل إلى أربيل دون علم الحكومة الاتحادية في بغداد'.وأضاف، إنه 'تمت استضافته من قبل بارزاني وأعطاه راتباً مع الشقة، مهمته اصبحت الهجوم على بغداد والشيعة وشخص السوداني (رئيس مجلس الوزراء محمد شياع)'.

بعدها أرفق ياسين صورة يوسف بو يحيى وهو يرتدي الملابس الكردية، وعلق بالقول: 'الشخص بالزيّ الكردي ليس كرديا ولا عراقيا بل (مغربي-أمازيغي) دخل إلى الإقليم دون علم بغداد بدعم من المال والشقة يتجول في مدينتا و يحمل السلاح'.

وأكمل: 'في المقابل يُحكم بالسجن ثلاث سنوات على الصحفي گوهدار زيباري بتهمة العثور على السلاح دون رخصة في منزل شقيقته!'.

وتابع: 'يكافئون مرتزق ويعاقبون صحفي!' في إشارة إلى السلطات في إقليم كردستان.

وفي منشور آخر، كتب محمود ياسين على منصة 'أكس' ما نصه: 'اغلب المدافعين عن الپارتي باللغة العربية هم كورد شيعة. عقد المؤتمر التأسيسي لپارتي في بغداد بمنزل سعيد الفيلي. ثالث أقدم سكرتير للحزب حبيب الفيلي و فؤاد حسين شيعي!. دون مراعاة مشاعر كل هؤلاء يجيبون مرتزق (مغربي_امازيغي) ويعطونه شقة وراتب في أربيل يطعن بالشيعة و يسبب مشاكل للاقليم!'.

وبمجرد الدخول على الصفحة الخاصة بالامازيغي المغربي يوسف بو يحيى، ستبدو هجماته على شيعة العراق واضحة بشكل جليّ.

إذ شن هجماته هذه في مناسبة وغير مناسبة، لكن الأمر المستغرب هو أن السلطات الحاكمة في إقليم كردستان ترفض إدانته بل أنها توفر كامل الحماية له.

كما يضع بو يحيى صورة رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني خلفية لصفحته على 'أكس'.

ولم يكتفِ بو يحيى بمهاجمة شيعة العراق، بل يمتد ذلك إلى دعم الكيان الصهيوني وبشكل علني دون اتخاذ أية إجراء من سلطات الإقليم بحقه؛ لكون الدستور يجرّم التعاملات والمديح لهذا الكيان المغتصب.

ففي أحدث منشوراته، علق بو يحيى على وصول وفد من حركة حماس الفلسطينية إلى روسيا عبر 'أكس'، ما نصه: 'اللهم لا للتنمر.. هؤلاء المنكولين والمعوقين من يريدون ويهددون ليل نهار بمحو إسرائيل. ونحن ليل نهار نأكل تخوين وتصهين بلا أي سبب'.

وأكمل: 'وفد حركة حماس الإرهابية يصل موسكو. لن تحصلوا على شيء من بوتين سوى جولة تزحلق في ثلوج روسيا الجميلة'.