ناجيات إيزيديات: التعويض المادي فقط لا يكفي لإنصافنا

ترجمة / حامد أحمد

في الوقت الذي عبرت فيه ناجيات ايزديات ومنظمات غير حكومية تدعو لإنصاف متضررين من تبعات هجمات داعش عن ان تلقّي تعويضات مالية على شكل مرتب شهري هو أمر مشجع وايجابي فانه يعتبر نصرا صغيرا في رحلة طويلة وشاقة نحو تحقيق تعافي وعدالة ضمن مستحقات مهمة اخرى.

سراب عيسى ، 21 عاما، ايزيدية ناجية كانت مستعبدة لدى داعش وحصلت على تعويض مرتبا شهريا ، تقول لموقع ذي ناشنال الاخباري ' المرتب الشهري شيء جيد ونثمن هذا التعويض ولكنه غير كاف لإنصافنا، نحن نريد تعويضا آخر غير مادي نبني من خلاله حياتنا ونستعيد به كرامتنا'.

وكان البرلمان العراقي قد صادق في آذار عام 2022 على قانون يقر بالجرائم التي ارتكبها داعش ضد الأقليات الدينية من ايزيديين ومسيحيين وشبك وتركمان على انها جرائم إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية. ودعا قانون الناجيات الايزيديات الى توفير تعويض مادي ومعنوي لضمان حياة كريمة للناجين من خلال إعادة التأهيل والرعاية.

ويشتمل القانون على تعويض واصلاحات للناجين من بينها مرتب شهري وبند خاص برعاية صحية ونفسية ومنح ارض سكنية والحق بالتعليم بدون قيد العمر وكذلك إعطاء الأولوية للناجين عندما يتعلق الامر بالتقديم على وظيفة في القطاع العام.

وأوضح القانون أيضا بان الحكومة ستستمر بالبحث عن الذين ما زالوا أسرى لدى داعش مع تنسيق الخطوات لتحديد هويات ضحايا المقابر الجماعية وضمان اخضاع المتورطين بجرائم ضد الإنسانية للمحاكم.

وأشار التقرير الى انه بعد مرور ثلاث سنوات من صدور القانون فان التقدم الرئيسي تحقق في صرف تعويض المرتبات الشهرية الذي ناله بعض الناجين. مع ذلك فان تعويضات جوهرية أخرى لم تتحقق تاركا ذلك نساء ايزيديات ناجيات من أمثال، سراب، في تحرك مستمر من أجل تحقيق العدالة والانصاف لهم.

سراب كانت في الثانية عشرة من عمرها عندما خطفها داعش مع اختيها في منتصف عام 2014 ومن ثم بيعهم في سوق الرقيق للاستعباد الجنسي. آلاف من نساء وأطفال ايزيديون أصبحوا أسرى لدى مسلحي داعش بعد اقتحامهم لمنطقتهم سنجار والقرى المحيطة بها مع قتل كثير من الرجال وكبار السن.

تقول الناجية سراب 'كانت من اصعب الايام في حياتي ، كل يوم يمر في قبضة مسلحي داعش وكأنه سنة ، ظروف العيش كانت سيئة وصعبة والحياة لا تطاق. كنت طفلة في حينها وقد حرموني من حياة الطفولة بوحشيتهم وجعلوها جحيما'.

وقد تمت إعادة شملها مع عائلتها في تموز عام 2019 في حين عادت اختاها في عام 2016 و 2020 . وكباقي الناجيات قدمت سراب طلبا للحصول على تعويض وفق البرنامج الحكومي الذي تم إطلاقه في أيلول عام 2022 ، وبدأت بتلقي مرتب شهري قدره 800 ألف دينار اعتبارا من أيلول العام الماضي وكذلك اختيها أيضا.

واستنادا لأرقام رسمية فانه اعتبارا من الشهر الماضي تمت المصادقة على 1,651 من الناجين بتلقي مرتبات شهرية منهم 847 امرأة ناجية و784 طفلا الذين كانوا دون الثامنة عشرة عند اختطافهم وكذلك 20 شخصا آخرين من الناجين من عمليات القتل الجماعي. واغلب المستفيدين هم من الايزيديين.

وفي تقريره بمناسبة الذكرى السنوية الثالثة لإصدار القانون قال التحالف للتعويضات العادلة C4JR، وهو تحالف لمنظمات غير حكومية عراقية، إن تعويضات المرتبات الشهرية تبقى كإحدى النجاحات لتطبيق القانون.

وقال التحالف في بيانه 'هذه المرتبات لها تأثير ملموس ومادي على نفوس الناجين الذين يعيش معظمهم من مناطق متضررة جراء المعارك او في مخيمات'.

مع ذلك فان المرتبات الشهرية أصبحت كعائق يمنع الناجين من الحصول على ميزة اعطائهم الأولوية في الحصول على وظيفة في القطاع العام كما نص عليه القانون، وبحسب بيان التحالف فان ذلك يعود الى ان الدستور العراقي يمنع المواطن من الحصول على مرتبين اثنين، داعين الحكومة الى اعطائهم استثناء في هذا المجال.

وما يتعلق بدعم الصحة الذهنية والنفسية للناجين قال التحالف في بيانه 'هناك تفاؤل متنامي بتوقع حدوث تقدم مهم في السنوات القادمة نحو تحقيق جانب إعادة التأهيل كأحد صيغ التعويض ضمن إطار قانون الناجين'.

وفيما يتعلق بتخصيص أراضي سكنية فان الحكومة العراقية قررت في أواخر عام 2022 منح الايزيديين ملكيتهم للأرض في 11 بلدة في سنجار ، وأشار التحالف الى ان هذا التحرك يضمن توزيع قطع اراضي سكنية للناجين للمستفيدين حسب القانون.

وخلال شهر تشرين الأول الماضي قرر مجلس محافظة نينوى تخصيص 250 قطعة سكنية في سنجار و 12 في تلعفر لمشمولين بالقانون كدفعة أولية.

ونص القانون أيضا على ان يستأنف الناجون دراساتهم التعليمية دون شرط السن وذلك مراعاة للفترات التي قضاها الناجون وهم في قبضة مسلحي داعش. واستنادا لوزارة التربية ان لأي طالب كان غائبا لمدة سنتين ان يحظر دروسا مسائية في مدرسة حكومية في حين أي طالب غاب عن الدراسة أربع سنوات فانه يفقد الحق في دخول مدرسة صباحي او مسائي. ولكن الناجين تم استثناؤهم من قيد العمر وان عددا قليلا منهم تمكن من الرجوع للدراسة كبالغين.

أما الناجية، سراب، التي ما تزال عائلتها تعيش في مخيم فانها ما تزال تنتظر شمولها بإجراءات تعويض أخرى خصوصا الجانب التربوي.

وتقول سراب 'انهم يعتقدون انه عندما نستلم هذا التعويض، المرتب الشهري، فإننا لن نحتاج لأي شيء آخر، جميع المفردات مهمة وان جميع حقوقنا موجودة في ذلك القانون'.

• عن ناشنال نيوز