اخبار العراق
موقع كل يوم -المسلة
نشر بتاريخ: ٣ أيلول ٢٠٢٥
3 شتنبر، 2025
بغداد/المسلة: تحوّلت الحملات الانتخابية في العراق إلى ميدان مكشوف لتصادم الخطابات لا لتنافس البرامج، إذ تراجعت لغة المشاريع التنموية أمام سطوة التسقيط السياسي، وبرزت معارك التشويه والتسريبات بوصفها أدوات رائجة لتحييد الخصوم وإرباك الرأي العام، بما جعل المشهد الانتخابي أقرب إلى حلبة صراع منه إلى منبر ديمقراطي.
وانعكست هذه الممارسات على ثقة المواطن بالنظام الديمقراطي، حيث بدا الناخب العراقي في حالة شك متصاعد من جدوى العملية برمتها، مع شعور واسع بأن الديمقراطية لم تتحول إلى عقد اجتماعي فاعل بقدر ما أضحت أداة لإعادة إنتاج النخب نفسها. وارتفعت الأصوات في منصات التواصل متهكمة من الشعارات الفضفاضة التي لا تجد طريقها إلى التنفيذ، واعتبرت أن الديمقراطية العراقية تواجه أزمة شرعية لا يمكن تجاوزها بالتجميل الإعلامي.
وتمظهرت الأزمة أكثر مع غياب البرامج الواقعية لدى العديد من المرشحين، حيث فضّل كثيرون الاكتفاء بترديد وعود إنشائية عامة لا ترتبط بخطط اقتصادية أو إصلاحية محددة، ما جعل التنافس محكوماً بلعبة الرموز والهويات، وأدى إلى تكريس الانقسام السياسي والاجتماعي بدل تجاوزه. وتحوّل الناخب إلى متفرج في لعبة سياسية مغلقة، يراقب فيها وعوداً لا تمس احتياجاته اليومية في الخدمات والعدالة والعيش الكريم.
واتسعت دائرة الخطر مع انفلات الإعلام والمنصات الرقمية لتصبح ساحات مدروسة لتوجيه الرأي العام عبر حملات مموّلة، حيث امتزج خطاب الكراهية السياسي بالمعلومات المضللة، في صورة تعكس هشاشة البيئة الديمقراطية. وأصبحت الإشاعة أحياناً أسرع من البيان الرسمي، وغدا التشهير أسلوباً مكرساً لإضعاف الخصوم وتوجيه الناخبين بطريقة قسرية، بما يهدد نزاهة التنافس ويحوّله إلى فوضى منظمة.
وطرحت هذه التحديات سؤالاً محورياً عن الحاجة إلى مدونة سلوك انتخابي تضمن الحد الأدنى من الاحترام المتبادل بين الفرقاء السياسيين، وتعيد رسم حدود اللعبة الديمقراطية بما يحفظ مقوماتها الأساسية.
وتبرز الحاجة الى إطار أخلاقي ينظم السلوك السياسي، ومن دون ذلك، ستظل الانتخابات العراقية مرآة مشوشة لأزمة بنيوية عميقة في إدارة السلطة ومعنى التداول السلمي.
About Post Author
زين
See author's posts