الانتخابات العراقية.. معركة الشرعية فوق ركام الأزمات

2 أكتوبر، 2025

بغداد/المسلة: تمثل الانتخابات النيابية المقبلة في العراق امتحانًا مفصليًا لإعادة إنتاج الشرعية السياسية وسط تصدعات داخلية وهواجس خارجية، إذ تحولت من مجرد استحقاق دوري إلى معيار لقياس صلابة النظام السياسي أمام العواصف.

وتشير مسارات التجربة العراقية منذ 2005 إلى أن أي تأجيل لم يكن يومًا نتيجة ضغط خارجي مباشر، بل ظل وليد الطعون القانونية أو الانسدادات السياسية.

وتكشف هذه الحقيقة عن أن هشاشة الداخل أعمق من تهديدات الخارج، وأن ضربة عسكرية محتملة لإيران قد تنقل العراق من مربع المراقب إلى ساحة الارتداد والتصعيد.

ويطرح بعض الموالين لرئيس الحكومة الحالي فكرة تشكيل 'حكومة طوارئ' بوصفها مظلة دستورية لمواجهة أي اضطراب إقليمي أو تهديد أمني داخلي، بينما تصر القوى الممسكة بالسلطة، وعلى رأسها الإطار التنسيقي، على رفض أي تأجيل للاستحقاق الانتخابي، وذهب قادته إلى وصف المطالبات بالتأجيل بأنها 'خيانة للعملية الديمقراطية' ومحاولة لإعادة تدوير الفراغ السياسي.

وتعيد هذه السجالات إلى الواجهة جدلًا متجددًا حول قدرة النظام على التماسك في لحظة حرجة، لاسيما وأن المفوضية العليا المستقلة للانتخابات شددت على التزامها بالمواعيد الدستورية، مؤكدة أنها لا تمتلك صلاحية فتح باب التأجيل إلا بقرار برلماني أو بحكم قضائي، وهو ما يضاعف الضغط على الكتل التي تحاول الموازنة بين هواجس الأمن وضرورات الشرعية.

ويكشف مسار التشريع الانتخابي عن تاريخ طويل من التعديلات التي لم تستقر على شكل نهائي، إذ شهد القانون تغييرات متكررة منذ 2003، وأبرزها ما جرى بعد احتجاجات تشرين 2019 التي دفعت نحو نظام الدوائر المتعددة، في محاولة لتعزيز تمثيل المستقلين وكسر هيمنة الكتل الكبرى. غير أن هذه التعديلات نفسها تحولت إلى ساحة صراع سياسي بين من يرى فيها مدخلًا لإصلاح العملية الديمقراطية، ومن يعتبرها مجرد أداة لإعادة تدوير السلطة.

ويصوغ المشهد الراهن لوحة مركبة، تتقاطع فيها أصوات القوى المتشبثة بموعد الاقتراع مع هواجس الانفجار الإقليمي، وتتجسد فيها أزمة النظام السياسي العراقي بين رغبته في الحفاظ على إيقاع دستوري ثابت، وخوفه من أن تتحول الصناديق إلى رهائن للاضطراب الخارجي.

About Post Author

زين

See author's posts