اخبار العراق
موقع كل يوم -المسلة
نشر بتاريخ: ٢٢ تشرين الأول ٢٠٢٥
22 أكتوبر، 2025
بغداد/المسلة: تتقاطع خطوط الرمال مع خيوط السلطة السياسية، في الانبار، ليتفجر صراع يهدد بتمزيق نسيج المكون السني العراقي.
ومع اقتراب الانتخابات البرلمانية في نوفمبر 2025، حيث يتنافس 254 مرشحاً على 15 مقعداً فقط، تحولت المحافظة الأكبر مساحة في العراق إلى ساحة معركة دامية بين تحالف 'تقدم' بزعامة محمد الحلبوسي وتحالف 'عزم' برئاسة مثنى السامرائي.
وهذا التصعيد ليس مجرد خلاف انتخابي؛ إنه انفجار متراكم لسنوات من الاستياء، يجمع بين الطموحات الشخصية والولاءات العشائرية، ويهدد بإغلاق أبواب أي تقارب مستقبلي بين القوى السنية الكبرى، مما يعمق الشقاق في بيت يُفترض أن يكون موحداً أمام التحديات الوطنية.
وأعلن تحالف 'عزم'، على لسان قياديه البارز محمد الكربولي، إغلاق الباب نهائياً أمام أي تحالف مع 'تقدم'، معتبراً أن سياسات الإقصاء التي يتبناها الحزب الحاكم في الأنبار قد بلغت ذروتها.
وفي تصريح تلفزيوني يعكس غضباً مكتوماً، وصف الكربولي ممارسات 'تقدم' بأنها 'معيبة'، مشدداً على أن 'أهالي الأنبار ليسوا عبيداً لأحد'، وأن حالة الاستياء الواسع تتفاقم يوماً بعد يوم.
هذا الإعلان يأتي في سياق توقعات بانحسار نفوذ 'تقدم'، حيث يتوقع مراقبون أن يحصل 'عزم' على أربعة مقاعد على الأقل، مقابل هيمنة سابقة للحلبوسي بلغت 12 مقعداً في انتخابات المحافظات السابقة.
النتيجة؟ انقسام يمنع أي تفاهمات، ويجعل الانتخابات القادمة جولة حاسمة في إعادة رسم الخريطة السياسية السنية، بعيداً عن الوهم الذي روج له الجميع بـ'الوحدة السنية'.
ولم يقتصر الصراع على الدوائر السياسية؛ فقد امتد إلى العشائر الكبرى، حيث عقد مثنى السامرائي، رئيس 'عزم'، تحالفات مع شيوخ عشائر الأنبار، محولاً النزاع إلى معركة هوية وولاء.
هذه التحالفات، التي تضم وجوهًا تقليدية، تحول دون هيمنة حزب واحد، وتذكر بأن الأنبار ليست ملكاً لأحد. في المقابل، يتهم 'تقدم' الخصوم بالتحالف مع قوى خارجية 'لا تريد الخير للمكون السني'، مما يضفي طابعاً طائفياً على الخلاف.
ومع ذلك، يظل النزاع عشائري الجوهر: تظاهرات اندلعت مؤخراً ضد نقل مدير تربية الأنبار، التابع لـ'تقدم'، إلى وظيفة أقل، متهماً بأنه جزء من حملة إقصاء. هذه الحوادث، التي شملت منع مؤتمرات انتخابية وقوات أمنية تابعة للحزب، تكشف كيف تحولت العشائر إلى أداة في يد السياسيين، مهددة بإشعال فتيل صراعات قد تتجاوز الانتخابات إلى مواجهات ميدانية.
وفي قلب الاتهامات، يبرز شبح سياسة التفرد التي ينسبها 'عزم' إلى 'تقدم'، حيث يُتهم الحزب باحتكار السلطة والمال في المحافظة، مستخدماً مؤسسات الدولة كأداة للانتقام. يستشهد الكربولي بحادثة نقل موظف في دائرة الكهرباء، فقط لأنه التقط صورة مع السامرائي، واصفاً إياها برمز للملاحقة اليومية لمن يظهر تقارباً مع 'عزم'. هذه الممارسات، التي تشمل شراء بطاقات ناخبين بمئات الآلاف من الدينارات، تثير تساؤلات حول نزاهة الانتخابات، وتعمق الشعور بالظلم بين الأهالي.
من جانبه، يدافع 'تقدم' عن نفسه بدعم واضح من فصائل الحشد الشعبي، بتنسيق مباشر مع رئيس الهيئة فالح الفياض، معتبراً أن هذا الدعم يحمي المكون السني من 'القوى الخارجية'. لكن هذا الدعم يُرى كسيف ذي حدين، يعزز الاتهامات بالتبعية، ويحول الأنبار إلى منطقة محظورة حيث كل ركن حكر على حزب معين، مما يشعل المناطقية كقنبلة موقوتة.
About Post Author
moh moh
See author's posts