اخبار العراق
موقع كل يوم -المسلة
نشر بتاريخ: ١٥ تموز ٢٠٢٥
15 يوليو، 2025
بغداد/المسلة: وحده التيار الصدري يختار اللحظة التي يتقدم فيها أو يتوارى. وهنا، لا يبدو أن الانكفاء هو انسحاب، بل مشهد مصاغ بدقة في مختبر سياسي لا يتقن التوقيت فقط، بل يُتقن أيضًا إرسال الرسائل الثقيلة بأدوات رمزية وشروط غير قابلة للمساومة.
وظهرت المعادلة بوضوح في خطاب “صالح محمد العراقي”، الذي لا يمثل مجرد قناة اتصال، بل يتحرك كمرآة تعكس مزاج السيد مقتدى الصدر ورؤية التيار في اللحظات المفصلية. فالشروط التي جرى طرحها لا تستهدف مجرد إعادة ترتيب الأوراق الانتخابية، بل تهدف إلى قلب الطاولة على من اعتاد اللعب تحتها، ضمن بيئة سياسية طالما احتكمت إلى منطق السلاح وتوازن الرهانات.
وتمثلت الرسالة في أن التيار الصدري لا ينتظر حليفًا يساوم على ثوابته، بل يطلب التزامًا أخلاقيًا مكتوبًا، يتجاوز الخطابات المكرورة والوعود المائعة. فالمطلوب ليس مجرد حصر السلاح بيد الدولة أو دمج الحشد ضمن الإطار الرسمي، بل إحداث قطيعة تامة مع منطق الغلبة، وتحويل الدولة إلى مرجعية نهائية لا تخضع للازدواج ولا للتبعية.
وبينما تبدو الساحة خالية من كتل تمتلك الجرأة لإعلان الالتزام الصريح بهذه المطالب، فإن التيار الصدري لا يُراهن على الأعداد بل على النوع، ولا يقيس وزنه بعدد المقاعد بل بمدى قدرته على فرض قواعد اللعب. وهنا تبرز المفارقة: من لا يستطيع مجاراة شروط التيار، سيتحول في عرفه إلى جزء من المشكلة لا من الحل.
وانطلاقًا من ذلك، لا تبدو الانتخابات المقبلة هدفًا في حد ذاتها بقدر ما هي اختبار وطني واسع النطاق.
والمطلوب ليس التحالف بل التصحيح، وليس المقايضة بل التطهير، حيث تُصبح المشاركة عبئًا إن لم تكن مشفوعة بضمانات قاطعة. وبدا التيار وكأنه يرفع لافتة صريحة: لا صوت إلا لمن يمتلك مشروعًا سياديًا صادقًا، ولا مكان لمن يُجيد التلون أو يحتمي بالخارج.
وفي عمق المشهد، أطلّ خطاب داخلي لا يخلو من المحاسبة الذاتية، حيث طُرد من تجاوز الخطوط الحمراء داخل التيار، في تذكير صارم بأن الانضباط التنظيمي ليس خيارًا بل شرطًا للاستمرار. فالحنانة لم تكن ساحة نقاش بل قاعة محكمة، تلا فيها التيار حكمه بحق المرحلة ومواقفها.
About Post Author
Admin
See author's posts