مركز كارنيغي: تحديات قد تواجه تنفيذ مشروع طريق التنمية العراقي

ترجمة / حامد أحمد

تناول تقرير لمركز كارنيغي للشرق الأوسط بقلم الكاتب حارث حسن ، موضوع مشروع طريق التنمية العراقي الذي يسعى البلد من خلاله ان يكون نقطة وصل بري وبحري للسوق العالمية عبر الخليج وتركيا والتحديات الكامنة التي قد تقف عقبة امام تحقيقه وتنفيذه من بينها تكلفة المشروع الضخمة وصعوبة تأمين المبلغ مع وجود فساد وغياب بيئة آمنة تشجع المستثمر فضلا عن الجانب الجيوسياسي وبروز منافسين اقليميين يعترضون المشروع منها تركيا وإيران والكويت، مشيرا الى انه لأجل مواجهة هذه التحديات يتوجب على الحكومة ان تركز على عدة إصلاحات مؤسساتية ضرورية.

وبين الكاتب والباحث المختص بالشأن العراقي في تقريره بان الحكومة العراقية لم تجر دراسة جدوى كافية للتحقق من القيمة الستراتيجية لمشروع طريق التنمية ، ولا يبدو انه يوجد هناك اجماع ما بين المؤسسات الحكومية المختلفة حول فحوى هذا المشروع وأهدافه وتكلفته، مشيرا الى ان هناك بعض التساؤل عن فيما اذا ستخصص الأحزاب السياسية المهيمنة في البرلمان التمويلات الكافية للمشروع .

ومع الاخذ بنظر الاعتبار التحديات المتعددة لمشروع طريق التنمية، سيجد العراق انه من الصعب تحشيد دعم إقليمي للمشروع ، هذا على الرغم من محاولة بلدان أخرى الاستثمار فيه او تستحوذ عليه لنفسها. وما يزال هناك مجال للحكومة بان تعالج بعض الآراء المشككة بمشروع طريق التنمية ، وكذلك المشاكل التي قد تتحول لمعوقات مستقبلية . وسيتطلب ذلك إدارة مؤسساتية للمشروع وتطوير شراكات مع اطراف مانحة محتملة والقطاع الخاص، مع ضمان الشفافية في خطوات التقدم بالمشروع.

ويذكر الكاتب في تقريره بان فكرة تحويل المنافذ الحدودية الى نقاط ربط ما بين البلدان والقارات قد ازدهرت خلال السنوات الأخيرة. ولكن الكثير من مثل هكذا مشاريع مصدرها حسابات داخلية واهداف وطنية لا بد وان تواجه منافسة متزايدة من أطراف أخرى قد تغذي نزاعات بدلا من تحقيق تنمية تكامل اقتصادي.

وكان العراق قد أطلق مشروع طريق التنمية الضخم في مسعى منه للاستفادة من موقع البلد الجغرافي المتميز ومنافذه الحدودية مع عدة بلدان مجاورة. ويهدف المشروع لتكوين شبكة طرق نقل تربط منطقة الخليج مع تركيا وهو من بين مشاريع كثيرة من هذا النوع يتم مناقشتها في الشرق الأوسط الان لتعزيز حركة التجارة عبر الحدود والربط بين البلدان، وليس ما بين البلدان الإقليمية المجاورة فقط ، بل ما بين بلدان في آسيا وأوروبا وأفريقيا.

ومن شان هذا المشروع في حال نجاحه ان يعزز من مكانة العراق الجيوسياسية وكمعبر تجاري يوفر عوائد مالية وفرص عمل تقلل من اعتماد البلد على الصادرات النفطية فقط في اقتصاده مع توفير مساحة أوسع في القطاع العام للباحثين عن توظيف وفرص عمل من الشباب. وهناك جانب جوهري أكثر هو ان هذا المشروع يعتبر ايضا محاولة لإدخال اسلوب تنموي جديد قد يؤدي الى تحقيق استقرار البلد سياسيا ويخفف من تبعات الجانب الريعي المضر للاقتصاد.

مع ذلك، يذكر الكاتب ان هناك معوقات كثيرة تقف امام تنفيذ مشروع طريق التنمية الذي يطمح له البلد ، من بينها مدى قدرة الدولة على تمويل وتنفيذ مثل هكذا مشروع ضخم خصوصا مع الاخذ بنظر الاعتبار جانب عدم الكفاءة ومستوى معدل الفساد المستشري في مؤسسات الحكومة الذي يقوض تنفيذ مشاريع عراقية ضخمة باستنزافه ومصادرته لمبالغ كبيرة مطلوبة لتمويله.

ويشير التقرير الى انه ما يزال الامر غير واضح فيما اذا سيقر البرلمان العراقي ، الذي تسيطر عليه أحزاب تسعى لتحقيق منافع من الدولة ، بهذا المشروع ويخول بصرف تخصيصات مالية كافية للحكومة للمضي قدما بمراحل المشروع. آخذين بنظر الاعتبار مشاريع بنى تحتية سابقة مثل مشاريع تطوير واصلاح قطاع الكهرباء التي وبسبب سوء إدارة وفساد ما تزال ازمة الكهرباء قائمة في البلد بعد انفاق اكثر من 15 مليار دولار على مدى عشر سنوات.

وهناك مشكلة محتملة ثانية تتعلق بالجانب الأمني وعدم الاستقرار السياسي الذي قد لا يعيق اكمال تنفيذ المشروع فقط بل أيضا يقوض جذب المقاولين والمستثمرين ، وهناك معوق ثالث آخر يتمثل بوجود تنافس جيواقتصادي وجيوسياسي حول مشاريع الربط التجاري الإقليمي ، مما يعني ان بعض البلدان أما ستعارض تنفيذ مشروع طريق التنمية أو تبقى غير داعمه له.

حيث ان مشروع طريق التنمية قد يمر عبر الأراضي التركية من محافظة نينوى، فان هناك احتمالية من ان تشكل جماعات حزب العمال الكردستاني المسلحة، البكاكا المناوئة للحكومة التركية و المتواجدة في مناطق حدودية في نينوى مع تركيا، عائقا امام تنفيذ الاعمال الانشائية للطريق أو حتى تهدد عمليات نقل البضائع عبر الطريق في حال اكماله.

فضلا عن ذلك هناك فصائل مسلحة أخرى متواجدة في مناطق ومنافذ حدودية عند المثلث العراقي التركي السوري قد تشكل عائقا أمنيا يعرقل تنفيذ المشروع او حتى تعرقل عملية النقل على الطريق إذا ما شعرت بان مصالحها في خطر حيث انها تنشط في شبكات تهريب عبر الحدود العراقية السورية التركية.

رغم كل تلك التحديات، يشير الكاتب الى ان الجانب الإيجابي من المشروع هو انه يمثل مشروعا وطنيا او شعارا يلتف حوله معظم العراقيين بعد سنوات من التفرقة. وقد يمثل أيضا انطلاقة للتفكير بشكل جدي نحو إيجاد بدائل اقتصادية أخرى دون الاعتماد على موارد النفط فقط. وقد يلعب ذلك دورا مهما في دفع الدولة نحو إعادة بناء بناها التحتية المتقادمة وتعزيز روابط ما بين أطراف أجزاء العراق المختلفة وتوفير حافز للقطاع الخاص.

ويقول الكاتب انه ما يزال امام الحكومة مساحة لمعالجة هذه المشاكل المتوقعة التي قد تقف امام او تعرقل المشروع، وقد يتطلب ذلك تشكيل إدارة مؤسساتية لمتابعة مراحل تنفيذ المشروع وقد يكون ذلك بتشكيل لجنة دائمية يترأسها رئيس مجلس الوزراء ، محمد شياع السوداني، للإشراف على مراحل تقدم المشروع ومعالجة أية مصاعب محتملة تقف أمامه.

• عن مركز كارنيغي للدراسات